في انتظار ما ستقوله محكمة الاستئناف بحي الرياضبالرباط في الملف الجنائي عدد 23/ 2639/ 2013، يوم الأربعاء 17 دجنبر 2014، وبعد أربع سنوات من التأجيلات بدعوى عدم استكمال حضور ثلاثة متهمين، رغم أنهم عناصر أمنية ليس صعبا إحضارهم بسهولة وفق ضوابط دولة الحق والقانون، ومعهم السفير «الهيلالي» كشاهد في القضية، وبعد مرور حوالي 20 جلسة لم يسفر عنها أي جديد، ظلت المواطنة ميمونة محتان من مريرت، إقليمخنيفرة، تطرق مختلف الأبواب، بما فيها وزارة العدل والحريات، وقالت بأنها تقدمت، خلال الساعات القليلة الماضية، لدى رئيس استئنافية الرباط، وبعض المسؤولين القضائيين، ووجدتهم بآذان صاغية ووعدوها بالسهر الجدي على ملف قضيتها، ومساءلة المتهمين الذين يوجدون بمقرات أمنية داخل الوطن. وسبق لهذه المواطنة التوجه إلى جلالة الملك برسالة استعطاف، حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منها، لأجل الوقوف إلى جانبها، ملتمسة من جلالته التدخل «من أجل رد الاعتبار لكرامتها وإنسانيتها التي أهينت ومسحت بها الأرض من طرف رئيس البعثة الأمنية المغربية بغينيا الاستوائية سابقا»، هذا الذي تتهمه بالاعتداء عليها وإهانتها بأشكال فظيعة، وبتحرشات جنسية على هاتفها، وسلوكات استفزازية ليس أقلها قيامه، رفقة عنصرين من رجاله، بتعنيفها وصب الخمر على جسدها في الشارع العام، وفي كل مرة تصف هؤلاء الأخيرين ب «المافيا» البعيدة كل البعد عن مهام الأمن. وكانت المعنية بالأمر، ميمونة محتان، قد اختارت خوض وقفة احتجاجية أمام استئنافية الرباط، يوم 26 نونبر 2014، بمؤازرة حقوقيين ومواطنين من مريرت، من أجل إثارة انتباه مراكز القرار لملفها المؤلم، غير أنها لم تكن تنتظر أن تتعرض للإهانة، سيما في عدم حضور لا دفاعها ولا المتهمين الذين واصلوا استخفافهم بالقضاء في ظروف مغرقة في الغموض، وحتى إذا حضر أحدهم فإنه يعمد إلى استفزاز الضحية بشتى الألفاظ والنعوت الساقطة، حسب قولها. وأكدت المعنية بالأمر ل «الاتحاد الاشتراكي» أنها لن تنسى اليوم الذي صممت فيه على مقاضاة المتهم ورجاله فتمت مساومتها ماليا في حضور السفير المغربي، حسب شهادتها، ولما رفضت تم ترحيلها بادعاء أنها تسير أكبر شبكة للدعارة بإفريقيا، فضلا عن أحداث أخرى لن تندمل آثارها بسهولة من حياتها ونفسيتها، وكم كبر تخوفها من ضياع حقها في الظلام بالنظر لمكانة المتهم ونفوذه المادي والمعنوي، وحين تأكدت يوما من التحاقه بالتراب المغربي، سارعت إلى إشعار الجهات المسؤولة، حيث سبق لقاضي التحقيق باستئنافية الرباط أن نظر في ملف القضية آنذاك دون أي جديد. واستنادا لعدة معطيات سبق لجريدتنا الإشارة لبعضها، سبق للجنة أمنية مغربية أن حلت بغينيا الاستوائية من أجل التحقيق في بعض الشكايات المرفوعة ضد المسؤول عن البعثة الأمنية المغربية هناك، غير أن نتائج التحقيق ظلت معلقة في ظروف غامضة، وفي الوقت الذي سبق أن أفادت فيه بعض المصادر انتهاء فترة اعتماد المتهم بغينيا، انتشر ما يفيد استفادته من فترة جديدة تمتد إلى سنتين أخريين، الأمر الذي جعل القضاء يسهر على مجريات الملف بجدية، حسب مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، فيما دخلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بدورها على الخط للاستماع لأقوال المشتكية. ولم يفت المعنية بالأمر، ميمونة محتان (56 سنة)، في لقاء لها ب»الاتحاد الاشتراكي»، استعراض روايتها الصادمة، انطلاقا من حصولها، أواخر عام 2009، على عقدة عمل قانونية بجمهورية غينيا الاستوائية، عن طريق سفارة هذا البلد الإفريقي في الرباط من أجل العمل لدى حرم الرئيس الغيني بإحدى مصحات هذه الأخيرة (مصحة غوادالوب)، علما بأن البعثة الأمنية المكلفة بحماية رئيس الجمهورية والإقامات الرئاسية، هي بعثة مغربية تحت إمرة العميد (ب. عمر)، تقول المعنية بالأمر، حيث فوجئت في إحدى الليالي بهذا المسؤول وهو يحاول اقتحام سكناها بحثا عن صديقة له (زبيدة)، ورغم نفيها لوجود هذه الأخيرة بالشقة، عاد المسؤول المذكور للاتصال بها بطريقة جنونية، فجددت له عدم وجود الصديقة المبحوث عنها، ما جعل الرجل يتشيط غضبا ويمطرها بوابل من الشتم والسب والتهديد بألفاظ نابية يندى لها الجبين. وصلة بالموضوع، لم يكن في حسبان المعنية بالأمر أن الرجل سيرغمها على الخروج من شقتها، بعد منتصف الليل من يوم 4 يونيو 2010، لتتعرض إلى ما يشبه الاختطاف من طرف هذا المسؤول الأمني الذي حاول إجبارها، رفقة عنصرين من رجاله (م. محمد وي. كريم) على الركوب صحبته بسيارته تحت العنف الشديد وهم جميعا في حالة سكر طافح، حسب المعنية بالأمر التي قالت إنها قاومت المحاولة باستعطاف الرجل لإخلاء سبيلها، إلا أنه أطلق للسانه العنان بعبارات فاحشة أمام مرأى ومسمع من عدد من المواطنين الغينيين، قبل أن يقدم على ضربها ورفسها، رفقة مرافقيه، بصورة وحشية. ولم يقف المعتدي عند هذا الحد بل زاد فهددها باغتصاب جماعي، وأنه سيعرضها لانتقام شديد، قبل أن يعمد إلى صب قنينة خمر على كامل جسدها، بينما قام زميلاه بشدها من ذراعيها في سبيل إذلالها وترهيبها، إلا أن الرعاية الإلهية ساعدتها في التمكن من الإفلات نحو القصر الرئاسي القريب من عين المكان، ليتعقبها المسؤول بسيارته، محاولا دهسها لولا قفزها جهة الرصيف، لتحتمي بأفراد من الأمن الغيني الذين تدخلوا لحمايتها، ولما صاحت في وجهه عن بعد بأنه سيندم على أفعاله، رد عليها بنبرة من التحدي :»فوتي حكومة غينيا وحكومة المغرب»، في إشارة منه لاستطاعته الدوس على كل القوانين والأعراف، ولحظتها نقلت الضحية إلى مصحة «غوادالوب» لتلقي العلاج. الاعتداء كان كافيا أن يتسبب لها في انهيار عصبي وأضرار نفسية، وهواجس من الخوف والرعب اليومي، وكم كانت آثار التهديد مفجعة على حياة جميع المغربيات القاطنات بنفس العمارة التي تقطن بها المعنية بالأمر، على خلفية توعد المسؤول الأمني بجعل حياتهن جحيما حقيقيا، علما بأن هذه العمارة السكنية في ملك حرم الرئيس الغيني، قبل أن تفاجأ الضحية بقرار ترحيلها استنادا لتقرير أنجزه المسؤول الأمني يتهمها فيه بأنها تسير أكبر شبكة لتهريب النساء إلى بلدان الشرق الأوسط، وأخرى للدعارة في غينيا الاستوائية. وسبق للمواطنة ميمونة محتان أن كشفت ل»الاتحاد الاشتراكي» عن شكاية تقدمت بها للسفارة المغربية هناك ضد الاعتداء الذي لقيته على يد المسؤول الأمني بالبعثة المغربية، هذه الشكاية التي حملت المشتكى به الى نهج مختلف الأساليب لإسكاتها، تمهيدا لاختبار محاولة مساومتها بمبلغ مالي كبير، قدره ستة آلاف أورو، مقابل التنازل عن متابعته، ومن أجل إثبات الواقعة اشترطت عليه تسلم المبلغ بحضور السفير المغربي، وهو ما تم فعلا، ليشهد السفير المغربي بنفسه على تفاصيل الحادث، حسب قولها، وتعلن بعد ذلك رفضها القبول لا بالمبلغ ولا بالتنازل، انطلاقا من أن ذلك لن يرد الاعتبار لكرامتها وإنسانيتها المهدورة، ولم يفتها الاشارة بمرارة كبيرة إلى طبيب تونسي (كريم) قالت المشتكية إنه هو أيضا أبلغها تهديدات العميد في حال لم تقبل بتسلم مبلغ السكوت. المشتكى به تحرك في كل الاتجاهات بطريقة انتهت بترحيل الضحية من الديار الغينية، دون علم من السفير المغربي، وذلك رغم أنه لم يمض على عقد عملها إلا نصف سنة من أصل سنتين، وعلى أرض الوطن قامت بتوجيه شكايتها إلى وزير العدل، وزير الداخلية، المدير العام للأمن الوطني، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وموازاة مع ذلك قررت التقدم للقضاء بدعوى قضائية ضد المعني بالأمر، تمت إحالتها على الضابطة القضائية لأجل فتح تحقيق في الموضوع، ووقتها تحركت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي استدعت المشتكية للدار البيضاء للاستماع إلى أقوالها. وتوصلت المعنية بالأمر باستدعاء من طرف محكمة الاستئناف بحي الرياضبالرباط، في شخص قاضي التحقيق الذي استمع لأقوالها، وعاين حالتها السيئة وهي تستعرض أمامه سيناريو ما تعرضت له على يد المسؤول الأمني المغربي بالديار الغينية، كما استمع للمشتكى به الذي دخل التراب المغربي بعد ترصد وضغط من المشتكية التي تعبر في كل لحظة عن تخوفها من نجاح المشتكى به في تحركاته التي يسعى من خلالها إلى تطويق وإقبار ملف القضية التي لا تزال منذ ذلك الحين تنتظر الحسم.