قام الأستاذ المصطفى تودي بتمثيل "نادي إسمون نعاري للرياضات الجبلية والتنمية" و"جمعية مدرسي علوم الحياة و الأرض"، في برنامج إذاعي، يوم السبت 18/06/2016 بث على أمواج الإذاعة الوطنية، حول موضوع يتعلق بكل مناحي الحياة بمنطقة خنيفرة: المؤهلات الطبيعية والاقتصادية، العادات والتقاليد...، فآثر أن يركز في تدخلاته على ما يرتبط بخصوصية المجال الطبيعي والبيئي والثقافي للمنطقة، ومؤهلاتها وإمكانية إحداث نهضة سياحية بها، مركزا على واقع المفارقة بين برامج ومخططات الدولة وما ترسمه السياسة العمومية على أعلى المستويات، والمؤهلات الضخمة التي تزخر بها المنطقة من جهة، والوضع الراهن للحركية السياحية بالمنطقة من جهة ثانية. وأبرز الأستاذ تودي الخطوط العريضة لرؤية 2020 للسياحة، محاولا ربطها بمؤهلات المنطقة كما وكيفا، كما أشار إلى بعض مضامين الميثاق الوطني للبيئة خاصة الاستراتيجيات التي رسمها، استراتيجية القرب والمقاربات التي تؤسسها، كما وقف على بعض التفاصيل نظرا لطبيعة الشريحة التي يتوجه إليها البرنامج والتي لا تعرف عن المنطقة إلا النزر القليل، وفي هذا الصدد أنجز تقريرا في الموضوع - سلم ل"الاتحاد الاشتراكي" نسخة منه - تضمن محتوى مشاركته في البرنامج الإذاعي: "انطلقت من التساؤلات التالية: ألا يمكن أن نعتبر أن منطقة خنيفرة تستجيب لكل أو لأغلب المعايير التي رسمها واضعو الرؤية الإستراتيجية للنمو بالسياحة وطنيا؟ ألا يمكن أن نعتبر أن خنيفرة بمؤهلاتها الطبيعية و مؤهلاتها البيئية تحتاج إلى تفعيل مقتضيات الميثاق الوطني للبيئة أكثر من مناطق أخرى؟ لقد أصبحت التنمية المستدامة خيارا استراتيجيا للمغرب،على مستوى منطوق الخطاب الرسمي على الأقل. بل إن هذا الخيار يربط التنمية جدليا بالبيئة.هذا ما تبنته الدولة على أعلى المستويات، في إطار ما يسمى بالميثاق الوطني للبيئة و التنمية المستدامة، والذي حث جلالة الملك الحكومة على أجرأته و تفعيله في إطار تصور شمولي يدمج جميع القطاعات.وضمن هذه المجهودات تندرج رؤية 2020 للسياحة، إلى جانب المخططات القطاعية الأخرى:مخطط المغرب الأخضر و مخطط المغرب الأزرق... ولعل أهم ما نصت عليه هذه الرؤية،أن النمو السوسيو-اقتصادي لجهات المملكة يمر عبر استثمار مؤهلاتها الطبيعية و البيئية و الثقافية. ذلك عبر إرساء لبنات سياحة مسؤولة تثمن العلامات الإيكولوجية للسياحة ECOLABEL رسمت رؤية 2020 للسياحة ستة برامج لهيكلة الأنشطة السياحية. سأركز في حالة منطقة خنيفرة على الأساسي منها: أولها "برنامج غرين إيكو /التنمية المستدامة" " . وضع هذا البرنامج من أجل تثمين الموارد الطبيعية والقروية والمحافظة عليها، ويركز على احترام الأصالة السوسيو-اقتصادية لبنيات الاستقبال، مع منحها منافع اجتماعية واقتصادية. ثانيها " برنامج التراث والموروث" ، هدفه تثمين الهوية الثقافية، من خلال هيكلة وتثمين الموروث المادي و اللامادي للمملكة وتشجيع منتوجات سياحية متناسقة وذات جاذبية.وثالثها "برنامج التنشيط والرياضة والترفيه" هدفه خلق و تشجيع منتوج تنشيط غني ومتنوع ومكمل للبنيات التحتية السياحية الأساسية . وأخيرا "برنامج بلادي"، يحاول الاستجابة لتطلعات المغاربة من خلال منحهم منتوجا سياحيا ملائما لإمكاناتهم، منتوج يحترم عادات وطرق سفر المغاربة. أعتبر شخصيا أن منطقة خنيفرة تتوفر على الشرط الطبيعي و الشرط التاريخي و الشرط الثقافي و الفني. وهي شروط تعطي فرصا أوفر من مناطق أخرى، لإنجاح مخططات الدولة في هذا المجال، كما توفر المؤهلات التي تسمح بإرساء نهضة سياحية تحقق التنمية المنشودة للمنطقة. في ما يتعلق ببرنامج " غرين إيكو /التنمية المستدامة" فمنطقة خنيفرة تتوفر على مؤهلات ضخمة يمكن أن تجعلها في الصدارة في مجال السياحة الإيكولوجية و الداخلية. فالمجال الغابوي يغطي حوالي 31000هكتار من مساحة الإقليم. ويضم غابات شاسعة للأرز و الكروش على الخصوص .تعج غابات الإقليم بوحيش مهم، و بحيوانات خاصة و مميزة ذات الجلب السياحي كزعطوط أو le singe magot ou le macaque berbère الذي يتهدده الانقراض . كما تضم مجالات واسعة للجولات و الاصطياف. أخص بالذكر غابة أجدير، غابة أكلمام أزيزا،غابة برياخ بأجلموس... ويضم الإقليم منتجعات شاسعة و جميلة يفوح منها عبق التاريخ، يمكن أن تستغل كمصايف لمحبي المناطق الجبلية.ولعل أهمها،منتجع أجدير، الذي طبع تاريخ المغرب في محطات مختلفة.منتجع أدرجته السلطات الاستعمارية في عداد المواقع الطبيعية المصنفة منذ 09 ابْريل 1943. و للإشارة فقد عمل "نادي إسمون نعاري للرياضات الجبلية و التنمية بخنيفرة" بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، على إحداث مأوى يكون بمثابة محطة انطلاق لمحبي رياضة المشي. لكن عوائق ذاتية و موضوعية حالت دون تحقيق المشروع للأهداف المرجوة منه. من بين المواقع الجميلة و المجهولة في الإقليم، موقع منطقة حبرشيد قرب واومانة. يضم مسابح طبيعية، لا تقل جمالا عن la vallée du paradis قرب أكادير . كما يضم موقع حبرشيد قنطرة طبيعية تفوق في جمالها "قنطرة ربي" بمنتزه طلصمطان بإقليمشفشاون. كما أن مناطق قبائل آيت سكوكو تضم منتجعات شاسعة وجميلة يمكن أن تستغل لإرساء رواج سياحي مهم. و.يضم المجال الترابي لإقليمخنيفرة أكثر من عشر بحيرات. لعل أهمها،بحيرة أكلمام أزيزا، التي تقع على بعد 30 كلم من مدينة خنيفرة، على علو يصل إلى 1500 متر . أدرجتها السلطات الاستعمارية في عداد المواقع الطبيعية المصنفة في 09 ابْريل 1943 . تضم ثروة سمكية مهمة ومتنوعة . و بحيرات تكلمامين، تبعد عن مدينة خنيفرة بحوالي 60 كلم في اتجاه أجدير. أدرجت ضمن قائمة الآثار والمواقع الطّبيعية المصنّفة سنة 1950. تتكون من ثلاث بحيرات، اثنتين متقاربتين ترسمان نظارتين طبيعيتين، و تبعا لهذا يطلق على الموقع اسم "نظارات الأطلس" . تضم تكلمامين ثروة سمكية مهمة كما تعد ملجأ للطيور المهاجرة. بحيرة ويوان، تتواجد على بعد 68 كلم من مدينة خنيفرة و على علو يصل 1600 متر. و هي بحيرة اصطناعية. تم تصنيفها ضمن الآثار و المواقع الطبيعية الوطنية بتاريخ 11 يوليوز 1948 . كما أن إدارة المياه و الغابات و محاربة التصحر، صنفتها ضمن المناطق ذات النفع البيولوجي CIB (Cite d'Intérêt Biologique). تتواجد بها ثروة سمكية مهمة كما أنها تحتضن عدة أصناف من الطيور المهاجرة. إلا أن هذا الموقع، أدرج خطأ حسب الموقع الإلكتروني لوزارة الثقافة ضمن المجال الترابي لإقليمإفران. أيلمام نميعمي، تقع على بعد 30 كلم من مدينة خنيفرة، على علو يصل إلى 1500 متر . تعد هذه البحيرة منبع وادي شبوكة الذي يقطع قرية لهري، و على ضفافه كان لقبائل المنطقة موعد مع التاريخ في إحدى ملاحم البطولة ضد المستعمر و هي " معركة لهري " . تضم هذه البحيرة و الوادي الذي ينبع منها، ثروة سمكية مهمة خاصة سمكة التروتة. أيلمام أبخان، تتواجد على بعد 38 كلم من مدينة خنيفرة على الطريق الوطنية رقم 24، على علو يصل إلى 1671 مترا. بحيرة بوعامر و تقع ضمن المجال الترابي لجماعة كروشن. أيلمام نآيت أومعي، أيلمام نآيت خويا حدو.بحيرة حرشة تقع على بعد بضع كلومترات من لقباب كانت تستقبل بعض الأصناف من الطيور المهاجرة. أيلمام أبخان بتمضغاس جماعة لقباب... كل هذه البحيرات الأخيرة تعتبر مواقع طبيعية مهمة وذات وضع إيكولوجي هش وتضم ثروة سمكية مهمة و متنوعة، إلا أنها لم يتم تصنيفها كتراث وطني وكمواقع ذات أهمية إيكولوجية و طبيعية تحتاج إلى حماية قانونية من طرف وزارة الثقافة و غيرها من المؤسسات ذات الاختصاص. إلى جانب الغابات و البحيرات تضم المنطقة عدة أنهار و وديان.يعتبر إقليمخنيفرة من المناطق الرطبة بالمغرب. كما يعتبر خزان ماء المغرب. إنه منبع العديد من الأنهار والوديان . أكبر الوديان، واد أم الربيع. تم تصنيف منابعه ضمن التراث الوطني بتاريخ 04 أكتوبر 1948 . لكن هذا الموقع تم إدراجه ضمن المجال الترابي لإقليمإفران من طرف وزارة الثقافة، حسب موقعها الرسمي. واد إشبوكا وواد واومانة المعروفان بكونهما مجالين لسمكة التروتة بالمنطقة، بالإضافة إلى واد اسرو المعروف بملوحته و الذي يعتبر محج أطفال القرى المجاورة كلقباب و كروشن و لندة وتالحيانت... أما " برنامج التراث والموروث" فإذا كان مرتكزه هو خصوصية الهوية الثقافية، فإن المنطقة تتميز بتنوع موروثها الثقافي و غنى تاريخها الحضاري، يسمحان بتأسيس تقليد سياحي متميز و بناء أنشطة سياحية تكون مرتكزا صلبا لتنمية المنطقة.إن التنمية المجالية تقتضي ادماج بعد السياحة الثقافية في منظومة التهيئة المحلية و الجهوية. وذلك باستثمار الغنى الثقافي المتمثل في الجانب الفني،الطقوس، العادات، الترفيه و اللعب عند سكان المنطقة، و أخيرا عادات الأكل والاستقبال. فأما الجانب الفني فيتميز بالتنوع و الغنى. ولا يخفى على الجميع، أن التراث الفني للمنطقة تعدى ما هو محلي ليعانق كل الوطن ،بل أصبح له بعد كوني. و يمكن أن نستحضر هنا هرمي التراث المحلي المرحومين محمد رويشة والمايسترو موحى و الحسين أشيبان. فالتنوع الفني إذن شيء بديهي: أحيدوس، الوتر الكمان... مما يمكن من خلق ديناميكية جديدة في التنشيط السياحي. وأما الطقوس والعادات المحلية، كتقاليد الزواج و الاحتفالات المختلفة، اللباس المحلي وخصوصيته... فالتركيز عليها يمكن أن يساهم في هذه الدينامية. و لا يفوتني أن أشير إلى أن الترفيه عند أمازيغ المنطقة، يتميز بالتنوع و الإثارة و يمكن اعتباره أدوات للترفيه و التنشيط السياحيين... ومما يميز الثقافة المحلية كذلك، التغذية و عادات الأكل. فلسكان المنطقة عادات غذائية خاصة، ارتبطت تاريخيا بنمط حياتهم و عيشهم. يمكن في نظري أن تضفي طابع الإثارة و التشويق و الغرابةExotisme على مقام ضيوف المنطقة من سياح محليين أو أجانب. بحيث يمكن لهذا التنوع أن يلامس العديد من الأذواق و يتماشى مع القدرة الشرائية لزبناء المنطقة.كأحريش و هو طريقة محلية في إعداد الشواء. تاحريشت أو إمديهدا، وهي طريقة خاصة لشواء الأحشاء. بالإضافة إلى أفتال أو الكسكس بالحليب أو باللبن " أغو"، بوشيار،على شاكلة تفرنوت عند أهل سوس... "تمكونت" وهو "أملو" المنطقة... و من جهة أخرى يمكن للمآثر التاريخية للمنطقة أن تلعب الدور المنوط بها في إطار البرنامج المشار إليه أعلاه. إن الموقع الجغرافي لإقليمخنيفرة، جعل المنطقة تلعب أدوارا أساسية خلال حقب مختلفة من تاريخ المغرب.لهذا تتواجد بالمنطقة عدة مآثر تاريخية يمكن أن تشكل بؤرا للاستقطاب السياحي. إلا أن الأطماع و المصالح تكالبت على هذه المآثر. كما أن اللامسؤولية أفقدتها جماليتها و جاذبيتها. بحيث يقتضي الأمر التعجيل بإصلاح ما يمكن إصلاحه، و تحديد المسؤوليات و تحريك المساطر لجعل القانون يلعب دوره. و من بين هذه الآثار التاريخية، القلاع والحصون: قلعة موحى أوحمو. تقع وسط مدينة خنيفرة. تعتبر قصبة موحى اْوحمّو الزّياني أوّل أثر تاريخيّ تم تصنّيفه بالمنطقة .إذ يرجع تاريخ تصنيفها ضمن المآثر التاّريخية إلى سنة 1933، إلا أن المضاربات العقارية وتغييب القانون، أفقد القلعة جل معالمها. قلعة أقلال. تقع فوق جبل " أقلال" وهو أعلى قمة بالجانب الشرقي لمدينة خنيفرة. و بحكم موقعها تطل على كل المناطق المحيطة بالمدينة. فكانت، عبر التاريخ، بمثابة مرصد لمراقبة و تتبع القوافل المارة بالمنطقة من و إلى مراكش و فاس.هذه القلعة موقع غير معروف و غير مصنف. قصر أولعايدي، من مساكن أحد وجهاء المنطقة الذين لعبوا دورا أساسيا في المقاومة. رغم أن هذا القصر حديث البناء نسبيا، إلا أنه يعتبر معلمة فريدة من حيث شكل بنائه و زخرفته و يعبر عن فترة مهمة من تاريخ المدينة. ومن هنا يمكن أن يكون نقطة استقطاب سياحي بها.برج "البرج"، حصن ارتبطت وظيفته بقلعة أقلال بحيث يقع في ممر ضيق لنهر أم الربيع، بالإضافة إلى ما سبق تضم خنيفرة بعض القناطر التاريخية، حيث تقع منطقة خنيفرة وسط المغرب، وهي معبر للقوافل التجارية التي تربط الشمال بالجنوب وخاصة أهم مدينتين هما فاسومراكش، كما هي منطقة تعبرها عدة وديان. فمن الطبيعي إذن، أن تتواجد بها عدة قناطر، لعل أكبرها، والتي ما زالت الشواهد التاريخية تؤشر على أهميتها:قنطرة مولاي اسماعيل، أو القنطرة البرتغالية.تقع على نهر أم الربيع وسط المدينة.تعرضت للعديد من فيضانات النهر أثرت على تماسكها و تركت دون عناية، ولعل لسان حال المسؤولين يقول اتركوها مسيجة هناك، لعل أحد الفيضانات يخلصنا منها ومن ثقلها التاريخي، ورغم أهميتها التاريخية لم تصنف ضمن المواقع و المآثر التاريخية، قنطرة مزضلفان، يعود تاريخها، حسب بعض الدارسين إلى العهد المرابطي، ورغم ذلك لم تصنف كموقع تاريخي. ومن جهة أخرى يضم المجال الترابي للإقليم بعض المدن الأثرية و التاريخية. من بينها "مدينة فازاز" أو "قلعة المهدي" عاصمة " السلطان لكحل " و مملكة فازاز . تقع على بعد بضع كيلومترات من مدينة خنيفرة قرب منابع "أروكو". لعبت دورا أساسيا بين نهاية الاْدارسة وبداية المرابطين.تشهد أسوارها و تحصيناتها على أهميتها. إهمالها هو إهمال لحقبة تاريخية مهمة من تاريخ الأمازيغ خاصة و المغرب عامة. ومن حق المغاربة و الزائرين معرفة تاريخهم بتسليط الضوء على كثير من الجوانب الغامضة من التاريخ الوسيط لهذه المنطقة. "إغرم أوسار"، أو المدينة القديمة،تقع قرب جبل عوام بضواحي مدينة مريرت، و هي منطقة غنية بالمعادن.تعد رمزا من رموز نسيان التاريخ الوسيط للمغرب و منطقة فازاز. تعود، حسب، أغلب المصادر التاريخية، إلى القرن الثاني عشر الميلادي في العصر الموحدي، وتبرز مآثرها نمط عيش ساكنتها و ثراءهم. كما تبرز تطور الأنشطة الاقتصادية المرتبطة باستخراج المعادن بها. تم تخريبها من طرف المرينيين الذين أعادوا استغلال معادنها و بناء قصور خاصة لسك العملة بها. و من خصوصيات تاريخ المغرب انتشار الزوايا و نهوضها بأدوار دينية اجتماعية و سياسية، و كباقي بقاع الوطن، تعرف منطقة خنيفرة العديد من الزوايا، بعضها لاتزال الشهود التاريخية تخبر عنها، و منها ما لم يبق منها إلا الخبر، كزاوية "إمهاوشن" بلقباب. من أهم هذه الزوايا، "الزاوية الناصرية" "بتمسكورت"، تقع على بعد بضع كيلومترات من خنيفرة على الضفة اليمنى من وادي أم الربيع في اتجاه الجنوب، على طريق غير معبدة، وهي الآن موقع مهجور فعلت السنون فعلها في منازله وفي بريق قبته الوسطى، والزاوية الناصرية موقع غير مصنف إلى حدود الساعة. ثم الزاوية الدلائية: تقع على بعد 8 كيلومترات من قرية أيت إسحاق في الجهة اليسرى من الطريق المؤدية إلى تادلة، تم تأسيسها حوالي عام 974 ه/ 1566 م ، من طرف الشيخ أبي بكر بن محمد بن سعيد الدلائي، كانت عاصمة سياسية و مركزا علميا هاما، من أشهر تلاميذها "الحسن اليوسي" صاحب "المحاضرات" و"القانون"، و"أحمد المقري" صاحب "نفح الطيب"، و"محمد العربي الفاسي" مؤلف "مرآة المحاسن"، ومع تزايد دورها العلمي تزايد الطموح السياسي الذي عبر عنه الدلائيون بعد سقوط الدولة السعدية، حيث بسطوا نفوذهم السياسي إلى فاس وسلا. وربطوا علاقات دبلوماسية مع فرنسا وهولندا وانجلترا، وأسسوا إمارة كبيرة شمال نهر أم الربيع. سوف تتعرض للتحطيم التام بحيث لم يبق من معالمها إلا بعض الأقواس و بعض الغرف، زاوية أروكو نآيت إحند و أروكو نآيت نوح... لعبتا أدوارا دينية مهمة حيث رافقتا بسط النفوذ السياسي للدولة العلوية على المنطقة، وذلك بنشر المذهب الرسمي للدولة. و أخيرا ضريح سيدي على ابراهيم قرب عيون ام الرّبيع . و أما "برنامج التنشيط والرياضة والترفيه" ضمن برامج رؤية 2020 للسياحة، فبالإضافة إلى الغنى الثقافي للمنطقة الذي تمت الإشارة إليه سابقا و الذي يسمح ببلورة برامج للتنشيط السياحي و الترفيه، فإن منطقة خنيفرة، تزخر بمؤهلات كثيرة تسمح بممارسة العديد من الرياضات السياحية. فالغابات و المنتجعات والمواقع الطبيعية تعتبر مجالات لمدارات للجولات الترفيهية و الرياضية بمختلف أشكالها، المشي، الركوب على الدواب، الدراجات النارية والعادية... فبالنسبة لرياضة المشي ساهم "نادي إسمون نعاري للرياضات الجبلية و التنمية بخنيفرة" في رسم وتجريب أكثر من عشرين مسارا. يمكن لهذه المسارات أن تلامس كل الاهتمامات، وتستجيب لكل رغبات الزوار وبدرجات مختلفة من حيث الصعوبة. بل إن مجالات الإقليم تسمح بتنظيم جولات موضوعاتية أو تيماتية: جولات إيكولوجية، تاريخية، ثقافية ورياضية و غيرها... ومن بين ما يمكن أن يخلق حركية سياحية بمنطقة خنيفرة مغاراتها. فهناك مغارات جميلة و تستحق أن تكون مجالا للاستقطاب السياحي. و يعود الفضل في التعريف بهذه المغارات إلى المجهودات الذاتية لأعضاء بعض الجمعيات كجمعية " أكطاديس" التي عملت على معاينة و استكشاف العديد منها. وتبين أن للعديد من المغارات أهمية جيولوجية كبيرة... ونتيجة لتوفر براري الإقليم و غاباته و بحيراته و وديانه على ثروة حيوانية و سمكية هائلة، فهناك ما يسمح بممارسة رياضة الصيد و القنص: المجال الغابوي و الأودية تحتوي على وحيش كثير ومتنوع، كالخنزير البري، الثعلب، الأرنب و الحجل... بالإضافة إلى أنواع السمك وعلى الخصوص التروتة، البلاكباس، الكاردون، البروشي، كارب، والطانش... وأخيرا هناك مواقع طبيعية تتيح إمكانية ممارسة العديد من الرياضات السياحية، و لعل أهمها ممارسة رياضة التسلق و رياضة الطيران الحر . فمن خلال جولات " نادي إسمون نعاري" داخل المجال الترابي للإقليم تبين أن هناك أماكن يمكن أن تشهد ممارسة رياضة التسلق . أذكر منها على الخصوص الحافة الصخرية لبحيرة أكلمام من الجانب الأيمن، والحافة الصخرية التي تحد المدينة الأثرية لفازاز من الجهة الجنوبية، والحافة الشرقية لجبل بوحياتي... و أما أماكن ممارسة الطيران الشراعي المعلق أو الحر ، فهي منطقة فازاز، المرتفعات المطلة على بحيرة أكلمام ، جبل بوحياتي، مرتفع "لمديفرو" بفج "تنوت أفلال" بتمضغاس قرب لقباب... استخلص من كل ما سبق أن هناك مفارقة كبيرة بين مخططات الدولة، و إمكانات المنطقة و مؤهلاتها من جهة وواقع الحال من جهة ثانية. مفارقة تدعو إلى التأمل، فما الذي يحول دون إرساء معالم نهضة و دينامية سياحية تحرك عجلة التنمية بالمنطقة رغم كل الإمكانات التي تسمح بهذه النهضة؟ ما هي المعيقات و ما هي سبل التجاوز؟ سأتكلم هنا بمنطق الهاوي و المحب و ليس بمنطق المحترف و السياسي، و أعتبر أن العوائق جمة و يمكن إجمالها في التالي: إغفال السياسة العمومية للمنطقة وعدم إدراجها ضمن برامجها الإنمائية. فوفق رؤية 2020 للسياحة وفي إطار تصورها لسياسة التهيئة و التنمية المجالية، أنشئت ثماني مناطق منسجمة يتم تركيز الجهود الرسمية لجعلها وجهات سياحية قائمة بذاتها وذات استقطاب سياحي كبير. من هذه المناطق، " المغرب الوسط" وصفت هذه المنطقة حسب ديباجة رؤية 2020 للسياحة كالتالي: "رحلة نحو مصادر الثقافة، والتاريخ، والرفاه، وذلك بفضل تكامل قوي بين مواقع فاس ومكناس وإفران" ألا نكون منصفين إذا أدرجنا منطقة خنيفرة ضمن هذا المجال؟ ألا ننصف رافدا أساسيا من روافد ثقافة المغرب و تاريخه و حضارته و هو ثقافة وحضارة وتاريخ أمازيغ الأطلس المتوسط، بجعلهم يتبوؤون مكانتهم الطبيعية في إطار مغرب التعدد؟. و محليا يكمن العائق في عدم تبين أهمية البعد التنموي للسياحة المحلية و الإيكولوجية، في وعي المسؤولين و المنتخبين المحليين، ثالثا، غياب وعي بيئي لدى السكان و لدى المسؤولين والمنتخبين،مما يعيق تثمين المؤهلات الطبيعية للمنطقة والمحافظة عليها، بل هناك نوع من التكالب للإجهاض على ما تبقى من هذه المؤهلات: استغلال مفرط للغابة، استغلال عشوائي و مضر بالبيئة و بالمواقع الأثرية و الطبيعية...و أما رابع العوائق فيتمثل في ضعف بنيات الاستقبال بالإقليم، بل قد تنعدم في العديد من مناطقه. و أما الخامس، فهو غياب تسويق فعال للمنطقة كمنتوج سياحي. ومن العوائق ذات البعد الثقافي، غياب ثقافة الاستقبال السياحي لدى الساكنة ، فالضيافة و حسن الاستقبال من شيم الأمازيغي ومن العار أن يؤدى عنها.ففي إطار أنشطة "نادي إسمون نعاري " غالبا ما تصطدم بعض أنشطة النادي بهذا العائق، كالأكل عند الساكنة بمقابل . في إحدى الجولات بمنطقة " تزي مغشو" اعتبرت إحدى القرويات أداء ثمن إناء كبير من " اللبن " الطبيعي إهانة لها.و من عوائق تحقيق تنمية تذكر في هذا المجال، انعدام التكوين لدى الفاعلين المحليين، وضعف إمكانات التأطير لدى جمعيات المجتمع المدني. بالإضافة إلى عدم تفعيل القانون المتعلق بالمناطق المصنفة و المحمية.ورضوخ المنتخبين لرغبات بعض مستغلي المواقع الطبيعية، باعتبارهم قاعدة انتخابية ينبغي الحفاظ عليها، حال أكلمام و عيون أم الربيع خير دليل. لإصلاح الوضع أعتبر شخصيا، أن الأمر يقتضي رسم خارطة طريق، تحدد مجموعة من الإجراءات المستعجلة، وأخرى تستشرف المستقبل وتكون بمثابة مخطط استراتيجي ينبغي تحقيقه. يجب في المقام الأول الإسراع بإخراج مشروع منتزه خنيفرة إلى حيز الوجود. كما ينبغي إدراج ما تبقى من المواقع الطبيعية و التاريخية ضمن لائحة التراث الوطني. تفعيل القانون المتعلق بالمناطق المحمية و المصنفة،وتحريك مسطرة المتابعة القضائية ضد من يخرق هذا القانون، للحفاظ على طبيعة و جمالية مواقعنا و مآثرنا، حماية المناطق المستقطبة للسياحة الداخلية و تنظيم المهن بها. حماية المجال الغابوي من خلال خلق فرص شغل بديلة للسكان. تثمين المؤهلات السياحية للمنطقة و إعداد مخططات للتهيئة قصد تشجيع المستثمرين و الرفع من القدرة الإيوائية للمنطقة و تجويدها. ولضمان النجاح يجب إشراك السكان في كل البرامج التنموية و إدماجهم في خطط تنمية السياحة الايكولوجية و تجاوز سياسة الإملاءات. ما تزخر به منطقة خنيفرة من موارد طبيعية و من مؤهلات بشرية، كما أن تعددها الثقافي و غناها الحضاري والتاريخي، عوامل تبرز أن إمكانيات النهوض بالقطاع السياحي ممكنة و متاحة ، وأن هذا القطاع هو ما يمكن أن يكون قاطرة التنمية المحلية، شريطة حضور إرادة سياسية حقيقية، و شريطة تحمل الفاعلين المحليين لمسؤولياتهم، سياسيين كانوا أو فاعلين اقتصاديين أو جمعويين، في تناغم و تشاور مع الساكنة". (*) المصطفى تودي: جمعوي وأستاذ مادة الفلسفة