يعد ميلود وحداني، المعروف ب «ميلود مسناوة»، إحدى الركائز الأساسية في الفرقة الشعبية الشهيرة (مسناوة)، منذ تأسيسها إلى جانب عدد من الأسماء المتميزة داخلها، مثل مصطفى أطاسي (عازف فرقة تكدة الآن)، رشيد وحميد باطمة (انتقلا إلى ناس الغيوان)، وآخرين.. وقد اعتبرت مجموعة مسناوة هي الامتداد الشعبي الصرف للظاهرة الغيوانية، نظرا للحمولة التي تمتلئ بها أغانيها التي لاقت نجاحا واسعا في المغرب وخارجه، وذلك بحكم نوعية المواضيع المستوحاة من واقع الملاحم التراثية المغربية، كأغنية (حمادي، النسر، امحمد أوليدي، عادوي الازرك.. وغيرها)، وهي أعمال موقعة في المجمل من طرف المرحوم السي محمد باطمة.. في هذا الحوار يرافقنا ميلود إلى دهاليز المجموعة وأسرارها: p من هم أصدقاء مسناوة الأقربون؟ n هم كثيرون ،أذكر من بينهم خير الوالي،الذي كان بمثابة السند والأخ والصديق ومستشار المجموعة، حيث كان يدلي برأيه الصائب في جميع مشاكل المجموعة، حتى أن خير الوالي سافر معنا إلى الديار الفرنسية، أما داخل المغرب فقد كان لا يفارقنا، لقد منحنا الشيء الكثير، فهو أستاذ لمادة التربية البدنية ومدرب مقتدر ذو حنكة وتجربة سواء في الميدان الرياضي أو الفني، وهذه خصائص وقدرات قلما تجتمع في شخص واحد. كما لا أنسى عبد الخالق فهيد وامحمد ضهرا ثنائي الصداقة، آنذاك، عندما تسمع أن مجموعة مسناوة تحيي حفلا ما فاعلم أن ثنائي الصداقة موجود كذلك. وللتذكير،فقد كنت سببا في تقديم عبد الخالق فهيد لمجموعة من «السكيتشات» بمفرده ولأول مرة. وكان ذلك ليلة زفاف أحد أصدقائنا «جمال زرويل» الذي حضرت عرسه عدة مجموعات غنائية ، من ضمنها ثنائي الصداقة، و عندما حل دورهم تبين أن محمد ضهرا كان مريضا، فقلنا لعبد الخالق «اخدم وحدك» لكنه تردد وقال،» لا يمكن « غير أنه اقتنع بعد ذلك وقدم الشيء الكثير وحده، فقد كنت واثقا من قدرته و موهبته، و بالفعل تقدم عبد الخالق إلى الخشبة، وبدأ في تقديم سكيتش «البرككات فالعرسات» فكانت القاعة تهتز بالضحك. آنذاك استطاع عبد الخالق فهيد أن يثق في نفسه، وكانت هذه هي انطلاقته الأولى بمفرده، بعدها انضم إلى مسرح الحي وبعدها دخل ميدان الشهرة. عبد الخالق الفنان الخلوق الطيب يستحق كل تقدير واحترام، وما زالت تربطني به مودة وتعاون في المجال الفني، وستتحدث عن هذا الموضوع في حلقة خاصة عن تعاون أصدقائي معي خلال فترة مسناوة ميلود. ثم هناك الزيتوني الجزار بسوق السلام ومن منا لا يعرفه ، وكذا عبد القادر جبوب هؤلاء كانوا دائما مع أفراد المجموعة سواء في حفل أو في مقهى أو في اجتماع من اجتماعات المجموعة، لقد ساهموا كثيرا مع أفراد مسناوة ماديا ومعنويا . وبن سعيد عبد الرزاق كان أخا، قضى حوالي 25 سنة مع المجموعة كمحافظ، فقد ترعرع بين أحضان المجموعة، وكان هو المحافظ على الآلات الموسيقية (البانجو والبوزق والسنتسير والبنادر والطمطام )بالإضافة إلى ملابس المجموعة وكان يقوم بمهام صعبة على الركح حيث كان مكلفا بالاستماع قبل بداية العرض وكذلك أثناءه . و رغم قصر قامته فقد كان سريع البديهة ، ويخلق دائما جوا من المتعة والمرح أثناء كل جولة قمنا بها داخل المغرب أو خارجه،لقد قضينا أياما لا تنسى مع بن سعيد. إدريس مسكابي موظف بوزارة الصحة مختص في راديو الصدر. عشرة 30 سنة ،كان إدريس يسكن بسيدي حجاج نواحي وادي المالح جماعة ولاد حصار، وكان يملك ضيعة متواضعة، كنا نتمرن فيها ونقضي جل أوقاتنا بها، كان إدريس أخ وصديق جميع أفراد المجموعة كان يضحي معنا بجميع الوسائل المادية المعنوية. من بعد «صغيرة أو شادة حق الله»، وبعد رحيل محمد باطما، كيف دبرت المجموعة الوضعية الفنية؟ مازالت أتذكر كيف جاءت فكرة كتابة «عيطة مسناوية» هذه الأغنية التي اشتهر بها الفنان الداودي وأعطاها اسم «عيطة داودية». كنت استمع إلى إحدى أغاني مجموعة «عبيدات الرمى «الشعبية الجميلة فحاولت أن أغيرها وأعطيها طابع مسناوة على مستوى المضمون ككلام أو على مستوى اللحن. عيطة مسناوية كلو الشرف كلو حتى انا مسناوي بوهالي اش بغيتو عندي مسناوة الحرار ما يدوزو عار إن تمعنت في هذا المطلع الأول فستلاحظ أنني أتحدث فيه عن نفسي «مسناوي بوهالي آش بغيتو عندي» مسناوة الحرار هي قبيلة مسناوة من السكة من مشرع بن عبو وهم أولاد المنطقة الذين أكن لهم كامل الاحترام، و ليس كل من هب ودب يقول أنا مسناوي أو أنا أنتمي إلى مسناوة. فين الغابة والصوف وايام كسيب لخروف لا من رعاهم كل شي خلاهم امول نوبة والحال ضياق إلى آخره... مرحلة بوعسرية رحمه الله كان بوعسرية ع.الرحيم بمثابة الأخ الأكبر والرفيق الأحسن والأستاذ الحكيم، كان رحمه الله يحب الشعر والشعراء وكان يعشق المسرح والمسرحيين والصحافة والصحافيين والتمثيل والممثلين والفن والفنانين، كان رحمه الله يحب أصدقاءه ويشاركهم في محنهم وأفراحهم، كان أديبا وكاتبا وزجالا يبهر بزجله، تعلمت منه كتابة الزجل وصياغة المواضيع الاجتماعية والثقافية، تعلمت منه أصول العيطة وتاريخ العيطة بمنطقة الشاوية وبالضبط عبدة (اسفي) هو أول من قام بسمفونية «لوثار» في جلسة حميمية حيث استضاف شيوخ «لوثار» من مدينة آسفي كجمال وعبدين وعبد الرحمان ترين وآخرين ما بين 12 إلى 14 «أوثار» في نغمة واحدة. كان رحمه الله، يكتب الزجل أينما حل و ارتحل، سواء داخل بيته أو في مقهى «تور حسان» أو في مكتبه، وكان عندما يكتب قصيدة وينتهي من صياغتها يكلمني عبر الهاتف، حتى أنه ذات يوم كلمني حوالي الرابعة صباحا وألقى علي أبيات قصيدة جميلة، وقال لي بالحرف (هذه القطعة ديالكم) ،و بالفعل اتصلت به صباحا بمنزله وأخذت منه القطعة وشرعنا في تلحينها في اليوم نفسه. القطعة (خليك فعيني كبير - مازال نزيدو الكدام دير إيدي في إيدك - لا تغرك ليام وخ الغلطة كبيرة - راه القلب مسامح ما تهزو لخديعة أولافهامت لعوام حنا ماتهزنا تبوريدات صحاب لمصادفة مسرحين لبغال. أو مخلين الخيل الحرة واقفة شادين راس المحرك والتخريجا خارجة كساب بالصاع روحه جات ساعتو شحال من واحد كمم لغام شكارتو... و كان هناك رجل مع عمي بوسعرية هو الأخ سعيد ولد زروالة ولد الحي المحمدي، و الذي كان يقوم بمهام كبرى رفقة عمي بوسعرية، سعيد ولد زروالة كان يعشق مسناوة إلى درجة أنه كان يسافر مع المجموعة ويحضر الحفلات الخاصة بها منذ بدايتها،و كان شاهدا على ما قدمه بوسعرية رحمه الله لي وللمجموعة من حب وإخلاص. فالكلام عن بوعسرية كثير ويعجز اللسان عن سرده.