يتميز مرض السكري عند المرأة الحامل بعدة أخطار، التي تحف بالأم والجنين على حد سواء، بحيث تصل الوفيات المرتبطة بالسكري والحمل إلى 4 في المئة، حسب بعض الإحصائيات المسجلة في الأبحاث الدولية . لذلك فهو يتطلب مراقبة طبية صارمة، وذلك لتفادي ارتفاع وزن الجنين ومضاعفاته على الحمل والولادة. ويصادَف مرض السكري عند المرأة الحامل في حالتين، الحالة الأولى يكون فيها مرض السكري معروفا قبل الحمل، وهو من النوع الأول أو الثاني. وفي الحالة الثانية يتم اكتشافه أثناء فترة الحمل، ويطلق عليه سكر الحمل. ويتسبب السكري عند المرأة الحامل بعدة مخاطر منها، ارتفاع حجم الجنين الذي يفوق وزنه 4 كيلوغرام، عسر الولادة، العملية القيصرية، الارتجاج الحملي، موت الجنين المفاجئ داخل الرحم، خطر الولادة المبكرة، نقص سكر الدم لدى الوليد بسبب نقص الوارد من السكر عن طريق دم الأم، وارتفاع نسبة وضعيات معينة داخل الرحم، وقد يترافق ذلك مع ارتفاع ضغط الدم عند الأم، مما قد يؤدي إلى قصور في وظيفة المشيمة، وبالتالي نقص نمو الجنين داخل الرحم. كما يكون هناك احتمال إصابة الجنين باختلاطات تنفسية بعد الولادة بسبب عدم نضج الرئة، بالإضافة إلى نقص في الكالسيوم لدى المولود. أما عند الأم فقد يؤدي إلى احمضاض دم قوي بفعل ارتفاع السكري في الدم غير معالج، نزف بعد الولادة نتيجة لكبر حجم الرحم، نوبات من الاختلاجات أو التشنجات النفاسية بسبب ارتفاع ضغط الدم، والتهاب المجاري البولية . وفي كل الحالات فان التوصيات الحديثة لجمعيات أمراض النساء وأمراض السكري، تشير إلى حدوث سكر الحمل في حالة ارتفاع السكري في الدم فوق 0.92 غرام في الليتر، أو 1.80 بعد ساعة من الأكل، أو 1.53 بعد ساعتين من الأكل. وتتعدد عوامل خطر الإصابة بسكر الحمل، والتي من بينها تقدم سن الأم الحامل فوق 35 سنة، الولادة السابقة لرضع يقترب وزنهم من 4 كيلوغرام، وجود أشخاص مصابين بالسكري داخل العائلة، وجود سكر حمل في مرات حمل سابقة. وتعتمد المقاربة الطبية على الكشف المبكر لسكر الحمل خلال بداية الحمل، وفحص السيدة الحامل ما بين 24-28 أسبوع من الحمل، مع اختبار نسبة السكري في الدم بعد 8 ساعات من الامتناع عن الأكل والشرب، ثم في خطوة ثانية منحها 75 غرام من السكر، وفحص نسبة السكري في الدم ساعة ثم ساعتين .وفي حالة الإصابة بسكر الحمل ينصح الطبيب المعالج بإتباع بعض الإجراءات اللازمة، كالنشاط الجسماني، وذلك من خلال المشي لمدة 30 دقيقة 3 إلى خمس مرات في الأسبوع، والمراقبة المستمرة للسكري في الدم، مع رسم أهداف يجب بلوغها، وتتمثل في نسبة السكري في الدم عند الصيام اقل من 0.95 غرام في اللتر، وبعد ساعتين من الأكل اقل من 1.20 ، واقل من1.40 بعد ساعة من الأكل، مع فحص «الفريكتوزمين» في الدم الذي يعطي صورة على توازن سكر الحمل، ويتطلب في غالب الأحيان عدة أيام للتوصل بالنتيجة. وفي حالة عدم بلوغ هذه الأهداف لفترة لا تتعدى 10 أيام يجب استشفاء المرأة الحامل لبضعة أيام للقيام بالفحوصات البيولوجية، وتحري وظائف الكلي، مع قياس «البولينا» و «الكرياتينين» في الدم، وفحص كمية البول عند 24 ساعة، والبحث عن «الالبمين» في البول، بالإضافة إلى فحص محفز الغدة الدرقية، وهرمون «التيروكسين» و»الهيموغلوبين» السكري، والفحص بالصدى لتتبع نمو الجنين وحجمه واستبعاد العيوب الخلقية، مع الفحص كذلك ب «الدوبلير» والبحث عن المضاعفات السكرية والحملية الممكنة، وبداية العلاج بالأنسولين، والتي تعطى على جرعات صغيرة لا تتعدى 4-8 وحدة في اليوم . وفي الختام يجب على الطبيب المعالج إعطاء أهمية قصوى للمصاحبة النفسية لإقناع المرأة الحامل بضرورة العلاج بالأنسولين، والمراقبة المستمرة لسكر الدم والفحوصات الأخرى، مع الإشارة انه عندما يصل سكر الدم إلى 1.15 غرام في اللتر عند المرأة الحامل، فهو يعادل ارتفاع وزن الجنين إلى 5 كيلوغرامات مع المضاعفات الولادية المصاحبة.