تنطبق على المنتخب الفرنسي لكرة القدم، المشارك في كأس أوروبا 2016 المقامة في بلاده حتى 10 يوليوز، قصة نصف الكأس المملوءة والنصف الفارغة.. ويتأرجح منتخب الديوك بين الرضا، بعد أن حجز بطاقة التأهل إلى الدور الثاني (ثمن النهائي) باحتلاله صدارة المجموعة الأولى، والشكوك المشروعة حول مستوى لعبه في المباريات الثلاث التي خاضها حتى الآن. ويجب عدم الركون إلى المباريات الودية، حيث كان ديناميكيا على الصعيد الهجومي وحقق انطلاقة جماعية حقيقية خلال الموسم، لكنه ظهر بوجه مناقض تماما منذ انطلاق البطولة الحالية.. فالضغوط والغيابات الكثيرة، بعد استبعاد كريم بنزيمة ورافايل فاران ومامادو ساخو ولاسانا ديارا وجيريمي ماتيو لأسباب مختلفة، منها الاصابات، ترخي بثقلها على المنتخب وتشل حركته وتفقده بشكل لافت السيطرة والتحكم. وكان من المفترض أن تشكل هذه البطولة، التي تقام على الأرض الفرنسية مسك الختام على الصعيد الدولي لمجموعة ولدت من رحم الملحق، بعد خسارتها ذهابا أمام أوكرانيا 0 – 2 في 14 نوفمبر 2013 وفوزها إيابا 3 – 0 في 19 منه، وبلغت ربع النهائي في مونديال 2014 في البرازيل. لكن الاصابات (ديارا وفاران وماتيو) والابتزاز الجنسي (بنزيمة) وتناول مادة محظورة (ساخو) قلبت كل التوازنات، ورغم الأداء والنتائج، لا يمكن مقارنة المنتخب الحالي بذلك الذي فاز في كأس أوروبا 1984 أو مونديال 1998، البطولتان اللتان نظمتا على أرضه. ويجب في لحظة ما رفع مستوى الأداء، ويعي المدرب ديدييه ديشان تماما هامش التطور الهائل للاعبيه، لكنه وعلى عادته براغماتي، يرفض المجازفة في الاختيار، وبالنسبة إلى قائد المنتخب بطل العالم وبطل أوروبا، فقد تحقق المهم حتى الآن من خلال تصدر المجموعة وحجز بطاقة التأهل. باييت السلاح القاتل وقال الأحد بعد التعادل السلبي مع سويسرا، «هناك أمور كثيرة يجب تحسينها، وكل المنتخبات لديها مباريات صعبة. كان مهما جدا أن ننهي الدور الأول في صدارة المجموعة، ونستطيع دائما أن نقوم بالأفضل، أنا راض عما قدمه اللاعبون». والمدرب (ديشان) بالتأكيد ليس مغفلا، وصدارة المجموعة الأولى ليست أمرا وضيعا بالنسبة إلى منتخب هدفه الأدنى في هذه البطولة بلوغ نصف النهائي، خصوصا بعد أن حررت القرعة الأفق أمام صاحب المركز الأول. وتلتقي فرنسا في ثمن النهائي مع ثالث المجموعة الثالثة أو ثالث الرابعة او ثالث الخامسة، ما يعزز فرصها نظريا في بلوغ ربع النهائي. وفي حال تخطيه سيقابل في ربع النهائي ثاني المجموعة الثانية أو ثاني السادسة. والجدول ليس مظلما كثيرا بالنسبة إلى ديدييه ديشان في نهاية الدور الأول، وهو يملك الكثير من أسباب الارتياح الأخرى. لقد وجد المدرب الفرنسي في ديميتري باييت، صاحب هدفين في الدور الأول، سلاحا هجوميا فتاكا، ويعتبر هدفه في الوقت بدل الضائع في مرمى رومانيا (2 – 1) في المباراة الافتتاحية، إحدى الصور البارزة في هذه البطولة. ذخيرة في الاحتياط وعرف ديشان أيضا كيف يطلق نجميه بول بوغبا (يوفنتوس الايطالي) وأنطوان غريزمان (أتلتيكو مدريد الاسباني)، فالأول وبعد بداية متواضعة في المباراتين الأوليين ضد رومانيا وألبانيا (2 – 0)، أظهر في الثالثة ضد سويسرا يوم الأحد (0 – 0) مستوى يليق به كنجم في كوكب كرة القدم. ومن جانبه، التحق غريزمان بالمنتخب بعد موسم طويل ونهاية مأسوية في دوري أبطال أوروبا (خسر أتلتيكو أمام جاره ريال بركلات الترجيح)، لكنه كان ملهما لزملائه خصوصا في المباراتين الأخيرتين ومصدر أمل لما هو قادم. ولا يمكن لديشان أن يشتكي من دفاعه، رغم أنه لم يختبر بشكل حقيقي أمام مهاجمين من طينة الكبار، وقد سد التفاهم بين عادل رامي، الذي استدعي في اللحظة الأخيرة بعد إصابة فاران، ولوران كوسييلني، الثغرة التي تشكلت بغياب لاعب ريال مدريد ونظيره مدافع برشلونة جيريمي ماتيو. ويستطيع الفرنسيون التعويل على ذخيرتهم الاحتياطية مثل موسى سيسوكو، الجاهز دائما لتقديم الخدمة في الجهة اليمنى، واستحق أن يحل محل بول بوغيا في الجهة اليسرى أيضا. وخيار سيسوكو (26 عاما) ليس مستبعدا في المستقبل شرط التضحية ببليز ماتويدي، الذي أخذ زيته بالنضوب (29 عاما). ويعتبر الشاب كينغسلي كومان، لاعب بايرن ميونيخ الألماني، مهاجما مهما من خلال سرعته الهائلة وحسن تصرفه في مواجهة الخصوم والتخلص منهم، لذلك لا يمكن إهمال من يريد الذهاب بعيدا.