في هذه الحلقات من حوار مطول وصريح مع المحجوب السالك منسق تيار«خط الشهيد» داخل جبهة البوليساريو، والذي أجريناه معه بالرباط يتحدث المناضل السياسي وأحد القادة المؤسسين لجبهة البوليساريو وعضو أول مكتب سياسي لجبهة البوليساريو، عن تفاصيل لم يسبق التطرق إليها بجرأة ووضوح وثقة ، عن ظروف التأسيس ، ومحاولة الجبهة احتلال موريتانيا ، ووفاة الوالي مصطفى السيد في ساحة المعركة بموريتانيا ، وهيمنة الجزائر على القرار ، وكيف أكلت الثورة أبناءها، وتسع سنوات من الاعتقال في دهاليز الصحراء من طرف قيادة جبهة البوليساريو ، وفي نفس الوقت اعتقال الوالد والإخوة بالمغرب ، ودور النخب المغربية ، وما المطلوب أن يعرفه اصحاب القرار بخصوص الصحراء. كما يتطرق المناضل الصحراوي المحجوب السالك الى الوضع في المغرب والتغيرات التي طرأت عليه ومشروع الحكم الذاتي، وزيارة الامين العام للأمم المتحدة الى المنطقة العازلة ، وخطأ حل جيش التحرير المغربي والأخطاء القاتلة للأحزاب السياسية المغربية في معالجة القضية ، وكيف رأى المحجوب مغربا آخر مقارنة بين الوضع هنا وهناك، واتهام الجبهة بانعدام الشفافية وكيفية ممارسة التعذيب والاختطافات بدون محاكمة وأخطاء المغرب في معالجة قضية الصحراء، ودور الزوايا. كما تحدث عن لقائه مع الراحل الهواري بومدين... كلها أسئلة حارقة أجابنا عنها الاذاعي الذي شغل منصب الاعلام والدعاية لأطروحة البوليساريو، واشتهر بلقب الكلاّم في إذاعة «صوت الصحراء الحرة» والذي كان صوته عبرها مثار إعجاب واستقطاب للمئات من الشباب .. هو حوار مع رجل يتشبث بألا يعود إلى المغرب إلا إذا انقذ الشباب الذي يوجد في المخيمات، من القهر والحرمان والموت البطيء في الصحراء القاحلة جنوب تندوف، حيث لا يستطيع العيش حتى الحيوان .... رمضان ممتع مع المحجوب السالك كيف جاء تأسيس خط الشهيد ؟ جاء التفكير في تأسيس خط الشهيد ، من داخل دهاليز السجون السرية للمخابرات التابعة لقيادة البوليساريو، حيث بدأت أراجع مواقفي ومواقف البوليساريو وأرتب أوراقي ، فإذا كنا فعلا قد أعلنا جبهة البوليساريو سنة 1973 من أجل كرامة الإنسان الصحراوي ومن أجل طرد الاستعمار الاسباني، فقد أصبحنا الآن تحت سيطرة قيادات ، لا تحترم أو تقدر الإنسان الصحراوي بل تهين كرامته، وتعرضه للاعتقال ولكل أنواع التعذيب والتنكيل، فما معنى إذن هذه الثورة، فحتى أولئك الذين استنطقوني، وأشرفوا على تعذيبي، كانوا في معظمهم جزائريين من أصل صحراوي من سكان تندوف، وبالتالي كانت كل أسئلتهم تتمحور بالدرجة الأولى، حول الصراع بين المغرب والجزائر، وليس حول مصلحة الشعب الصحراوي العام، فالمغرب هو العدو والجزائر هي الصديقة، والجزائر هي القوية ... من تلك الدهاليز المظلمة بدأت تخلق لدي فكرة التغيير والتصحيح، وبدأت أدرك أن الثورة تنحرف عن مسارها، لقد قمنا بهذه الثورة من أجل كرامة الإنسان الصحراوي، غير أن قيادة تهين الإنسان وتمرغ كرامته بالوحل سلطت علينا ،فقد تحولت هذه القيادة إلى بيادق في يد الجزائر، لخدمة أجندتها ومصالحها فقط وليس لخدمة الشعب الصحراوي، وهنا بدأت أفكر في الإصلاح والتغيير، و عندما أطلقوا سراحي سنة 1989 ، بدأت أروج الفكرة وأناقشها مع أصدقائي و مع المناضلين،آنذاك لم يعد بإمكانهم سجني، لأن المنظمات الدولية لحقوق الإنسان أصبحت تزعجهم، وقد زارني وفد من منظمة العفو الدولية وأجرى معي لقاء سريا، رغم عيون القيادة وجواسيسها، وأصدروا أول تقرير لهم عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في المخيمات جنوب تندوف...ولكن، مع الأسف، تم تهميشي وإقصائي ووضعي على الهامش،إلا أنني واصلت نضالي وكفاحي رغم ذلك، وتشاء الأقدار بعد ذلك، أن أغادر إلى إسبانيا وأحصل على إقامة بمساعدة مدع عام إسباني، يسمى فيليبي ابريونس، كان قد شارك معي في تأليف كتاب عن الولي مصطفى السيد، وبدأت مباشرة في التعريف بالقضية الصحراوية في وسائل الإعلام هناك، والتي كانت كثيرة، والتعبير عن الرأي وانتقاد القيادة وفضحها، بعد ذلك تم الاتصال بي من طرف قيادة جبهة البوليساريو في مؤتمرها الحادي عشر، الذي دعت له في تفاريتي سنة 2003 . مؤكدة لي أنها تريد الإصلاح والتغيير، وبالفعل، حضرت المؤتمر لاعتقادي أن نية القيادة في الإصلاح والتغيير سليمة ، لكننا عندما شاركنا، وجدنا أن المؤتمر ليس سوى مسرحية، ككل تلك المؤتمرات التي تنظم من أجل حشد تصفيق البيادق على القيادة واستمرار محمد عبد العزيز عل رأسها، لكن الحال يبقى على ما هو عليه . بعد حضور الجلسة الافتتاحية قاطعت المؤتمر،وذلك بعد مداخلة قوية ضد القيادة و ضد فسادها، ومنذ ذلك الوقت بدأت أناقش مع الإطارات الصحراوية تأسيس تيار جديد يعبر عن الشعب الصحراوي، وبالفعل تم تأسيس خط الشهيد بعد سنة من ذلك، أي في 27 فبراير 2004 ،وهو تاريخ الإعلان عن الدولة الصحراوية. وهذا هو نص البيان التأسيسي للجبهة الشعبية خط الشهيد: البيان التأسيسي للجبهة الشعبية خط الشهيد: - إزاء تشبث هذه القيادة بالبقاء مسيطرة على شعبنا الأبي بالجهل والقبلية والرشوة. - إزاء تشبثها بكراسي السلطة إلى ما لا نهاية، من دون تقدم شعبنا ولو خطوة واحدة إلى الأمام طيلة 17 سنة الأخيرة. - إزاء عجز القيادة عن التعامل مع تعنت العدو وتخاذل الأممالمتحدة، ودفعنا للقبول بدولة فوق لحمادة كحل نهائي لحربنا التحريرية. - إزاء وضعية اللاحرب واللاسلم التي طالت أكثر من اللازم، وكلفتنا ضياع الكثير من مكاسبنا. - إزاء سوء تدبير ملف أسرى الحرب المغاربة والذي كانت عاقبته إطلاق سراح المتبقى منهم في وقت يسجن ويعذب ويذبح فيه أبناء شعبنا المنتفضين بالمناطق المحتلة. - إزاء انعدام الديمقراطية وسوء التسيير، مع التهميش والإقصاء لمعظم إطارات هذا الشعب المخلصين. - إزاء نشر ثقافة الاستسلام والقبول باللجوء كأمر واقع إلى الأبد. - إزاء حملات الاعتقالات والاختطافات والتعذيب والتصفيات التي تعرض لها العديد من المناضلين الصحراويين الأبرياء. - إزاء فشل كل المحاولات السابقة المنادية بالإصلاح والتغيير، والتي كانت مطامحها مجرد مطامح سلطوية نفعية وقبلية. - تعلن مجموعة من مناضلي وإطارات الجبهة الشعبية عن تأسيس حركة سياسية إصلاحية نابعة من صميم نضال وكفاح ومعاناة الشعب الصحراوي: البوليساريو خط الشهيد. - كتنظيم وطني سياسي صحراوي، وتيار ديمقراطي ضمن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، يعتمد مبادئ ثورة 20 ماي المجيدة وخط وسيرة مفجرها: الشهيد الولي، وكل شهدائنا الأبرار. - تحترم الحوار وحرية الرأي، والتجمعات واحترام حقوق الإنسان، وتعتمد الديمقراطية والتناوب على السلطة كمنهج حضاري للتسيير. - تهدف إلى تحقيق الواقع المطلوب: شعب واع منظم محترم فوق كامل ترابه الوطني، ورفض الواقع الحالي: شعب لاجئ مشرد خارج وطنه فوق لحمادة إلى ما لا نهاية. - بطل واحد هو الشعب، زعيم واحد هو الشهيد.