هزمت هيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية للديموقراطيين أمام باراك أوباما، وبعد ثماني سنوات سيكون عليها توحيد صفوف هذا الحزب بعد منافسة قوية مع بيرني ساندرز. وعلى الورق تبدو مهمتها أسهل من مهمة منافسها الجمهوري دونالد ترامب الذي أثار ترشيحه والتصريحات «العنصرية» التي أدلى بها انقساما في الحزب الذي يبدو مشتتا قبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية في 8 نونبر. لكن غداة فوزها يبقى التحدي كبيرا، لا سيما أن بيرني ساندزر أعلن مساء الثلاثاء من سانتا مونيكا في كاليفورنيا انه لا ينوي الانسحاب من السباق على الفور. وقال «المعركة مستمرة» واعدا بالاستمرار فيها حتى آخر انتخابات تمهيدية رمزية خلال أسبوع في واشنطن. وأضاف «لن نسمح لترامب بأن يصبح رئيسا للولايات المتحدة» ملمحا إلى أنه قد لا يمضي حتى النهاية ويمكن أن ينسحب قبل مؤتمر الحزب في فيلادلفيا في يوليوز. وبعد عقود من تمثيله فكرا ايديولوجيا يعبر عنه أقلية في الكونغرس، يبدو أن سناتور فيرمونت يشهد مع هذه الحملة اعترافا كبيرا بشعبيته ولو بشكل متأخر. وأكد ديفيد اكسيلرود المخطط الاستراتيجي لحملة أوباما الثلاثاء على تويتر «في هذه المرحلة، لم يعد للانتخابات التمهيدية اي علاقة مع التنصيب. كل شيء يتعلق بميزان قوة في مفاوضات السلام التي ستبدأ». وفي خطاب النصر في بروكلين مساء الثلاثاء لم توجه هيلاري كلينتون دعوة مباشرة لمنافسها للانسحاب من السباق لكنها مدت يدها لناخبيه. وقالت إن «حملة بيرني ساندرز والنقاش الحاد الذي أجريناه، كان أمرا جيدا جدا للحزب الديموقراطي وأميركا». وأضافت «فيما ننظر إلى الأمم، فلنتذكر ما يجمعنا» قائلة «نريد أميركا يعامل فيها الجميع باحترام». وفي 2008، كرست بدون لبس ترشيح أوباما داعية إلى «بذل طاقة وتجميع القوى» من أجل انتخابه. هذه المرة يبدو التحدي من نوع آخر، سيكون عليها الحرص على أن ملايين الشباب الاميركيين الذين أيدوا خطاب ساندرز الذي وعدهم ب»ثورة سياسية»، لن يبقوا في منازلهم يوم الانتخابات في 8 نونبر. والعقبة الأساسية هي أن عددا من أنصار ساندرز يعتبرون أنها تمثل طبقة سياسية مغلقة في مؤسسات واشنطن وغير مدركة لهواجسهم وتطلعاتهم. واعتبر لاري ساباتو الخبير السياسي في جامعة فرجينيا أن «هيلاري كلينتون ليس لديها القدرة على جمع الصفوف بدون مساعدة» مضيفا «أن قسما لا يستهان به من انصار ساندرز أصبحوا يحتقرونها. سيكون على ساندرز أن يؤيدها بطريقة متكررة وبحماسة». ويحاول الديموقراطيون الطمأنة بالتأكيد أن الخصومة كانت أقوى قبل ثماني سنوات بين فريقي كلينتون وأوباما، لكن الفوز تحقق في نهاية المطاف. ويراهنون أيضا على الرئيس الذي سيكون عليه سريعا الدخول على الخط للعب دور من يجمع صفوف الحزب. وقال الناطق باسم جوش إرنست «يمكن أن تتوقعوا أن يلعب الرئيس هذا الدور». وسبق أن أوضح أوباما رسالته بالقول إن المرشحين الديموقراطيين ورغم اختلاف أسلوبهما، «ليس بينهما فوارق كبرى في العمق». وقال في الآونة الأخيرة خلال زيارة إلى اليابان «أعرف كليهما، أنهما شخصان صالحان» وذلك في إطار التحضير اللازم لمرحلة المصالحة. وقال ساباتو «على الرئيس أوباما أن يقنع التيار اليساري في الحزب عبر استخدام الخوف من ترامب كعامل يجمع صفوف الحزب». بالواقع وبحسب الأرقام الأخيرة لمعهد غالوب فإن نسبة شعبية أوباما لدى هذه الشريحة في الحزب تسجل مستويات قياسية تصل إلى 92%. ومع فارق ثماني سنوات بين الحملتين، يكون باراك أوباما وهيلاري كلينتون قدما معا للناخبين فرصة كتابة صفحة جديدة من تاريخ السياسة الأميركية مع وصول أول رئيس أسود إلى الولاياتالمتحدة، واحتمال وصول أول إمرأة إلى البيت الأبيض. ومهما كانت نقاط ضعف المرشحة التي لم تجد طريقها إلى قلوب الحشود، فإن الناخبين الديموقراطيين يمكن أن يرصوا صفوفهم لكي يثبتوا ان حزبهم هو الذي يحرك خطوط المجتمع الاميركي.