حدد يوم 4 يوليوز المقبل للحسم في الترتيبات الأخيرة لعملية اندماج شركتي هولسيم المغرب ولافارج المغرب من طرف الجمعيتين العموميتين للشركتين، وهي العملية التي سيترتب عنها ولادة عملاق جديد في صناعة الاسمنت المغربية وأكبر رسملة في بورصة الدارالبيضاء. وتطرح هذه العملية أسئلة كبيرة حول وقعها المحتمل على سوق الاسمنت بالمغرب، إذ يتعلق الأمر بأول وثالث شركة من حيث القدرات الانتاجية وحجم السوق، وأيضا بالوقع الإجتماعي المحتمل بالنسبة للعاملين مع الشركتين، سواء المباشرين أو غير المباشرين. غير أن المتتبعين يقللون من حدة هذا الوقع بالنظر إلى التوزيع الجغرافي لوحدات إنتاج الشركتين لاعتبارات تاريخية. فشركت هولسيم تنحدر من الشركة المغاربية للاسمنت التي أنشئت في 1972 كمشروع مشترك بين المغرب والجزائر قبل أن تتحول إلى اسمنت المغرب الشرقي مع تدهور العلاقات بين الجارين. ومركز ثقلها التاريخي يوجد في المنطقة الشرقية حيث مصنعها الأول في وجدة. وبسبب فقدان السوق الجزائرية منحت الدولة خطا سككيا لاسمنت المغرب الشرقي لنقل إنتاجها نحو الدارالبيضاء حيث تتوفر على مركز للتلفيف والتوزيع في عين السبع. أما لافارج فيعود إنشاؤها إلى فترة الحماية، حيث رأت النور سنة 1928 بالدارالبيضاء وتوسعت سنة 1953 بافتتاح مصنع في مكناس، ثم في 1993 بالاستحواذ على مصنع في طنجة. أما الشركة المنافسة "اسمنت المغرب" فرأت النور سنة 1935 في أكادير وتوسعت إلى مراكش ثم العيون. هكذا ورثت شركات الاسمنت بالمغرب توزيعا جغرافيا لمجال نشاطها على ثلاث جهات كبرى (الشرق، الوسط، الجنوب)، الشيء الذي يحد من المنافسة، خاصة وأن الاسمنت سلعة ثقيلة ونقلها باهظ التكلفة. حاليا تمتلك هولسيم ثلاثة مصانع في كل من وجدة وسطات وفاس، إضافة إلى مركز سحق وتجفيف وتوزيع في الناظور ومركز تلفيف وتوزيع في الدارالبيضاء. أما لا فارج فتمتلك بدورها ثلاثة مصانع للاسمنت موزعة بين بوسكورة في الدارالبيضاءومكناس وتطوان، ولديها مشروع لبناء مصنع في تارودات. كما تتوفر على محطة سحق في طنجة، ومنصات تغليف وتوزيع في جرسيفوالجديدة وخريبة. وبالتالي فعملية الاندماج لن تتطلب إغلاق مصناع وتسريح عمال نظرا للتوزيع الجغرافي لوحدات الانتاج الرئيسية (مصانع الاسمنت)، بما في ذلك المشروع الجديد لبناء مصنع في تارودات كونه بعيد جدا عن مجال نشاط الشركتين. يبقى الحجم الذي سيكون للشركة الجديدة في السوق، بحصة تفوق 40 في المائة من مبيعات الاسمنت بالمغرب، الشيء الذي يقلق المنافسين، خاصة شركة اسمنت المغرب التي تسيطر تاريخيا على المنطقة الجنوبية وتنظر بقلق إلى توسع العملاق الجديد في تارودات وسطات ومخططاته للاستثمار في الأقاليم الصحراوية كبوابة لولوج الأسواق الإفريقية. وفي 4 يوليوز سيكون على الجمعيتين العموميتين التصويت على مقترج الاندماج الذي أعدته لافارج المغرب، والقاضي بابتلاعها لشركة هولسيم المغرب عبر الزيادة في رأسمال مخصصة لاستبدال أسهم هولسيم بالأسهم الجديدة التي ستصدرها لافارج بنسبة 1,2 من أسهم لافارج مقابل سهم واحد لهولسيم. وتأتي هذه العملية بعد عام من اتمام اندماج الشركتين الأم، هولسيم الهولندية ولافارج الفرنسية، على المستوى المركزي في أوروبا خلال شهر مايو 2015.