كان الليلة الخامسة من فعاليات مهرجان موازين إيقاعات العالم عنوانا بارزا لوحدة الروح الموسيقية المتعددة وانتفاء الحدود في ما بينها تجسدت من خلال ما عاشه جمهور الفن والإبداع العاميين وهو يتابع أسمى تجليات حوار إنساني جعل من مع الموسيقي كلماته ومن نبضات الإحساس مجالا لقاء هامات فنية أصيلة. فقد عاش جمهور مهرجان موازين في فضاء مسرح محمد الخامس، أول أمس الثلاثاء، أجواء رحلة روحية أبدعها بفنية عالية فايز علي فايز، خليفة مغني القوالي الكبير نصرت فاتح خان الذي توفي سنة 1997، سفير الموسيقى الباكستانية وعازف القيثارة الإسباني خوان غوميز المشهور باسم تشيكيللو ترافقهم مجموعة من عازفي إيقاع ومن الشباب المؤدين للقوالي. بإنشاد جماعي يرافقه عزف على آلتي أرغن وآلات إيقاعية يصاحبها التصفيق حسب الايقاع أخذ فايز علي فايز ومعه خوان غوميز الجمهور في رحلة فنية مزجت بين موسيقى شرقية ذات نفحة صوفية وبين ايقاعات الفلامنكو التعبير الفني الذي يميز الغجر من أجل تحقيق حالة من الإرتقاء الروحي والدخول في حالة النشوة ووحدة مع الذات المحبوبة. ساد الإنشاد الصوفي ممجدا الأولياء الصوفيين والأنبياء وعلت القوة الإيقاعية في غناء القوالي والآلات الموسيقية الرقيقة في غنائية الفلامنكو نفسها لتتحد في فضاء مسرح محمد الخامس فيها الأرواح وتنتفي الحدود الجغرافية بين باكستان والأندلس. لقد أكدت فرقة "القوالي - فلامينكو" بقيادة فايز علي فايز، الذي يعتبرأحد أهم المراجع لهذا النوع أن القوالي النمط الموسيقي، الذي نشأ قبل سبعة قرون وذو ارتباط ببعض العلماء والأولوياء المسلمين الذين قدموا الى شبه القارة الهندية، قادر على استيعاب أنواع أخرى من الموسيقى ومنها إيقاعات الفلامينكو الغجرية التي يعد عازف القيثارة الإسباني خوان غوميز المشهور باسم تشيكيللو أحد طلاب الاسباني مانوللو سان لوكارواحد من أبرز سفرائها في العالم. ويعود أول مزج (فيزيون) موسيقي، بين المنشد "فايز علي فايز"، وعازف القيثارة "خوان غوميز"، إلى سنة 2003. كما صنع الفنان الفرنسي من أصل كاطالوني، كيندجي جيغاك، في خامس أمسيات الدورة ال 15 لمهرجان موازين - إيقاعات العالم أول أمس الثلاثاء، احتفالية استثنائية، سافر خلالها بجمهور منصة السويسي على إيقاعات أسلوبه الفني المبتكر: "البوب الغجري". فمن خلال توليفة رائقة بديعة تنهل من التراث الموسيقي الغجري وتتوسل بإيقاعات "البوب" للوصول لأوسع فئات الجمهور، لاسيما الشابة منه، كشف كيندجي أمام جمهور موازين جانبا من أسرار النجاح السريع والمتنامي الذي يلقاه لونه الفني منذ فوزه بمسابقة "ذا فويس" لسنة 2014. وقدم كيندجي جيغاك طيلة فقرات الحفل الدليل مجددا على نضجه الفني العالي وقدرته الفذة على الخروج بسرعة قياسية من مأزق التخبط بين أساليب المغنيين الذين أدى أغانيهم في بداية مشواره وإيجاد هوية فنية خاصة به، والتي بدا معتزا بالعثور عليها. واشتهر كيندجي على شبكة الأنترنيت سنة 2013 من خلال إعادة غنائه لأغنية "بيلا" لنجم موسيقى الراب الفرنسي ميتر غيمس، بأسلوب غجري. وحقق فيديو الأغنية أزيد من خمسة ملايين مشاهدة على موقع "يوتوب"، قبل أن يلاقي نجاحا أكبر بعد الاشتراك والفوز في برنامج "ذا فويس" سنة 2014. وأصدر كيندجي جيغاك أول ألبوماته سنة 2014 بعنوان "كيندجي"، والذي بلغت مبيعاته 1.3 مليون نسخة. كما أصدر السنة الماضية ألبوما ثانيا بعنوان "معا" أبان من خلاله من جديد عن موهبته الفريدة. وأحيت اللبنانية يارا، مساء أول أمس الثلاثاء بالرباط، حفلا متميزا على منصة النهضة، أمتعت خلاله جمهور موازين بمختارات من رصيدها الرومانسي ذي النكهة الخاصة. أهدت يارا باقة شديدة التنوع، اختيرت أغانيها بعناية وذكاء، لتشكل بانوراما جميلة من قطعها الخاصة وأغاني الرائدات، كما تنقلت بين أعمالها من الأغنية اللبنانية إلى الخليجية ثم المصرية فالمغربية. وتفاعل الجمهور الشاب مع أشهر عناوينها الرومانسية "أخذني معك"، "صدفة"، "جرب يا حياتي"، "آه منك يا هوى"، واستحسن أداءها العاشق قطعا لفيروز وسميرة توفيق وداليدا، بينما رقص على إيقاع أغنيتها المغربية "بغيتو حبيبي". احتفت منصة بورقراق بموسيقى الطوارق وإبداعاتهم في شخص الفنان بومبينو ، المغني وعازف القيثار، ومجموعته الغنائية، وذلك في إطار الدورة 15 لمهرجان موازين - إيقاعات العالم (20-28 ماي). وشد بومبينو (واسمه الحقيقي كومار ألموكتار) أسماع جمهور غفير، بعضه من أفراد الجاليات الإفريقية المقيمة في المغرب، بإيقاعات قوية، يضفي عليها لمسة البلوز، وبأغان متنوعة تختلط فيها اللهجات الإفريقية والعربية والأمازيغية. وقد عاش يومبينو ، المتحدر من النيجر، خارج بلده، ما أثر في موسيقاه وطبعها بألوان الحزن والتمرد والالتزام، وصدر له أول ألبوم سنة 1996 ليعرف بعده شهرة مدوية. وبيبن بومبينو عن اقتدار وتمكن كبيرين في العزف على القيثار ، ما جعل النقاد الفنيين يقارنوه بكبار العازفين العالميين من أمثال جيمي هندريكس وكارلوس سانتانا ونيل يونغ وجيري غارسيا. بمنصة فضاء شالة التاريخي تألق مجيد بقاس، الفنان الذي سافر بفن كناوة عبر العالم، شرقا وغربا، وأكد قدرته على محاورة مختلف الأساليب والألوان وخوض مغامرة الانفتاح على أقصى التجارب الموسيقية، بينما اكتشف الجمهور صوتا استثنائيا لمغنية الفلامينكو إيناس باكان، التي أبهرت الحضور بصرخات الشجن والحنين في طاقة تعبيرية طافحة بالصدق. وحلت إيناس مصحوبة بعازف الغيثار المخضرم بيدرو سولير والشاب غاسبار كلوز، عازف الكونترباص، الذي انخرط في تجاوب موسيقي ملفت مع "هجهوج" مجيد بقاس، حتى لم يكد يفرق الجمهور بين الوصلات المرتجلة والنصوص المعدة سلفا للحفل. أربعة فنانين، بموروثين ثقافيين مختلفين شيدوا أمام جمهور متعدد الجنسيات منطقة اندماج موسيقي وسيلته إتقان استعراضي للعزف الوتري وأصوات وريثة سر لونين فنيين مشبعين بالشجن والجرح الدفين. كما رقصت مدينة سلا على نغمات حفل ‘هوبا هوبا سبيريت' الوفية لمهرجان موازين. مزجتْ المجموعة بين الإيقاعات الإفريقية، كناوة، الروك والريغي لتقدّم مزيجاً متناسقاً من الأصوات الراقصة والجذابة. وسرعان ما أفضى المزج بين هذه الموسيقى الحيوية إلى مقاطع غنائية لمنح رسالة سلام وأمل للشباب المغربي. وتمزج فرقة هوبا هوبا سبيريت أساليب موسيقية مختلفة كالفوزيون والإيقاعات الإفريقية والروك والريكي، لمنح رسالة أمل وسلام للشباب المغربي. وأصبحت الفرقة وفية لمهرجان موازين من خلال أربع مشاركات لحد الآن. جاب أعضاء هذه الفرقة العديد من البلدان كفرنسا وسويسرا وبلجيكا وإسبانيا والولايات المتحدة والبرتغال والجزائر ومالي والدانمارك والنيجر، لترسيخ موسيقى حيوية وملهمة من خلال ستة ألبومات بما فيها ألبوم "كلاخنيكوف" الذي أصدرته سنة 2013. وقد خصص جمهور سلا استقبالا حارا لمجموعة "دارغا" وهي مجموعة من أقوى ممثلي الساحة الغنائية المغربية، التي حظيت بالفرصة لإحياء الجزء الأول لحفلات العديد من الفنانين ك"مانو ديبانغو" و"يوسو ندور" و"سيرجانت غارسيا"- فضلا عن مجموعة "كاباتشو ا ماروك" التي يرجع أصل أعضائها إلى المغرب، فرنسا والجزائر الذين مزجوا بين مقاطع موسيقية كناوية، أفريقية، أمازيغية وموسيقى الجاز.