أثارت مذكرة أحزاب المعارضة الثلاثة، حول تأخر الحكومة، في المصادقة على عدد من القوانين الانتخابية، وتصفية لوائح الناخبين، مما لحقها من تشوهات وغش، ردود فعل إيجابية لدى الملاحظين للحياة السياسية المغربية، باستثناء حزب العدالة والتنمية، وتوابعه وملحقاته الصحافية والإعلامية، حيث دافع هذا التيار على اللوائح الانتخابية الحالية، معتبرا أن المطالبة بتنظيفها والحرص على سلامة تسجيل الناخبين، بشكل طوعي واختياري، مُنافٍ للممارسة الديمقراطية. وتجدر الإشارة، إلى أن هذه المذكرة، التي وجهت إلى رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، تضمنت عدة محاور تهم ملاءمة تقطيع الدوائر الانتخابية، مع التغيرات التي حصلت في الساكنة، والمطالبة بالإسراع بوضع القوانين الانتخابية، لتمكين الناخبات والناخبين والمرشحات والمرشحين والإدارة الانتخابية والقضاء المختص، من تمثل الإطار القانوني والتنظيمي المتعلق بالعملية الانتخابية، والتجديد الكلي للوائح، ارتكازا على البطاقات الوطنية، كما انتقدت عملية التسجيل الإليكتروني،التي فتحت الباب لحالات كثيرة من الغش،خاصة في جانبه الإليكتروني،ومطالبة كل الأشخاص الذين تم تسجيلهم إليكترونيا، بتأكيد حضورهم للتسجيل بأي وسيلة كانت، حرصا على مصداقية هذه العملية. غير أن حزب العدالة والتنمية، لم يَنْتَقِ من هذه المذكرة سوى المطالبة بتنظيف اللوائح الانتخابية، خاصة وأن أمينه العام، بنكيران، كان صرح بأن تنظيمات حزبه، سجلت ما يزيد عن 300 ألف شخص، بطريقة إلكترونية، مما يعني أن موظفي هذا الحزب، هم الذين تكلفوا بهذه العملية، بوسائل مشبوهة، حيث إن فتح باب التسجيل الإلكتروني، تم لتسهيل العملية على المواطنين، على أساس أن يقوموا هم بأنفسهم بهذه المهمة، ولا تتحول إلى جمع مسبق للبطاقات الوطنية للمواطنين، في مقرات حزب معين، ويصبح التسجيل الذي هو حق من حقوق المواطنة، كخدمة يقدمها حزب العدالة والتنمية، مقابل استجداء التصويت على لوائحه. قانونيا ، صادر الحزب من المواطن خقه في تسجيل نفسه، وسياسيا قام بعمل تقوم به الادارة، فنصب نفسه حزبا إداريا بشكل مفضوح. لذلك انتقدت أحزاب المعارضة الثلاثة، عملية تجميع بطاقات المواطنين، عبر تجنيد مناضلي الحزب، بمختلف الوسائل المادية والمالية واللوجيستيكية، والقيام بعملية التسجيل والاحتفاظ بأرقام البطاقات الانتخابية وعناوين المسجلين، وكأن الأمر يتعلق بإدارة ترابية، بالإضافة إلى ما يشكله كل هذا من ضغط ومساومة على الناخبين المسجلين بهذه الوسيلة. وطالبت أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري، بأن يتم إصلاح هذا الوضع، الذي يشكل سابقة خطيرة، في المغرب، حيث يُنَصبُ حزب نفسه بديلا للإدارة، ينضاف إلى كل هذا، لوائح انتخابية مشوبة بكثير من الأخطاء، كان حزب العدالة والتنمية، في المعارضة، يعتبرها مغشوشة ويطالب بإصلاح شامل لها، غير أنه في موقعه الجديد في الحكومة، أصبح من أشد المدافعين عن لوائح مشوهة، كان لها بالغ التأثير على الانتخابات الجماعية والجهوية، الأخيرة، حيث حرمت مئات الآلاف من المواطنين من حق التصويت. وتبرر أبواق العدالة والتنمية، العمليات المشبوهة، التي لجأ إليها هذا الحزب، في احتجاز معطيات وتسجيلات المواطنين، داخل مقراته، بأن هدفها هو محاربة العزوف عن المشاركة في الانتخابات، بينما تعتبر المعارضة، أن هذا العزوف لن يعالج عن طريق تسجيل 300 ألف مواطن، بهذه الطريقة "الإدارية"، بل باعتماد البطاقة الوطنية، كأساس للوائح، أي إدماج ملايين المواطنين، بشكل أوتوماتيكي، في لوائح الناخبين، بطريقة حضارية، وليس بأسلوب الميليشيات.