بعد امتصاص الأحزاب السياسية صدمة ما أعلنه وزير الداخلية محمد حصاد، مباشرة بعد تعيينه في هذا المنصب ضمن الحكومة الثانية لبنكيران، من اعتبار الموعد العادي والطبيعي لإجراء الانتخابات المحلية هو منتصف العام 2009 في الوقت الذي كانت خطابات ملكية رسمية قد دعت إلى إجراء هذه الانتخابات وتجديد تركيبة مجلس المستشارين قبل نهاية العام 2012 حتى يتلاءم مع الدستور الجديد؛ أضاف الوزير التكنوقراطي صدمة جديدة، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، حيث اعتبر أن بعض النقاط المهمة والحسّاسة التي انتظر الجميع طرحها والمتعلقة بالقوانين التنظيمية الخاصة بالانتخابات، «محسومة» وغير محتاجة إلى أي نقاشات إضافية. أبرز هذه النقط تلك المتعلّقة باللوائح الانتخابية وضرورة تجديدها قطعا للطريق أمام التلاعبات المعهودة في المحطات الانتخابية في المغرب؛ حيث قلّل الوزير من أهمية هذا المطلب معتبرا أن تحيين هذه اللوائح يتم بشكل دائم وسيُجرى مستهل السنة المقبلة بالطريقة المعتادة، في الوقت الذي يطالب فيه الجميع اعتماد البيانات الرسمية الخاصة ببطاقة التعريف الوطنية لإخراج لوائح انتخابية جديدة ومدققة. حصاد قال إن «العيب ليس في اللوائح الانتخابية لأننا اعتمدنا على البطاقة الوطنية في التسجيل كما ستتم مراجعة هذه اللوائح بداية من يناير المقبل»، وأضاف الوزير ردا على تعقيب فريق العدالة والتنمية الذي شدّد على ضرورة الإسراع بالإجراءات الضرورية لتحصين الانتخابات من التزوير والتلاعبات، قائلا إن «هذا الموضوع عمل جماعي تشارك فيه الأحزاب والإدارات وجلّ ما تحدث عنه السيد النائب يهم الأحزاب وليس الإدارة». رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، عبد الله بوانو، قال إن نزاهة وشفافية ومصداقية العمليات الانتخابية، «مرتبطة في جزء منها باللوائح الانتخابية، ومدى استجابتها لشروط معينة»، مضيفا أن اللوائح المعمول بها حاليا «أُعدّت سنة 1997 في عهد وزير الداخلية الراحل إدريس البصري». وذهب بوانو إلى أنه ليس من المعقول الاستمرار في العمل بلوائح قديمة «تشوبها شوائب»، وأن تقابل وزارة الداخلية في كل مرة تتم فيها المطالبة بتغيير اللوائح، «بترديد كلام حول التشطيب وإعادة التسجيل وغيرها من عمليات المراجعة الاستثنائية». وفيما كان النائب الاتحادي، عبد الهادي خيرات، قد دعا بطريقته القوية في التدخّل وزير الداخلية محمد حصاد، خلال مناقشة ميزانية هذا الأخير في لجنة الداخلية والجماعات المحلية بمجلس النواب، باعتماد بيانات الإدارة العامة للأمن الوطني الخاصة ببطاقة التعريف الوطنية، لوضع اللوائح الانتخابية الخاصة بكل دائرة؛ أوضح مصدر قيادي من داخل المعارضة، مفضلا عدم ذكر اسمه، إن «اللوائح الانتخابية هي أصل المشكل، والوزير يقول إن البطاقة الوطنية هي ما يُعتمد للتسجيل في اللوائح الانتخابية، لا يمنع عمليات التدليس والتزوير التي تجري على نطاق واسع». المصدر نفسه أوضح أن الأمر يتعلّق بقيام بعض المرشحين في الانتخابات، خاصة منها المحلية، «باستقدام بضع عشرات من الأشخاص، ويستخرج لهم شواهد للسكنى فيصبحون ناخبين في تلك الدائرة، وبما أن عدد الناخبين في بعض الجماعات لا يتجاوز بضع مئات، فإنه يفوز بسهولة عبر جيش من الناخبين غير المنتمين أصلا إلى تلك الجماعة». المصدر القيادي في صفوف المعارضة، قال إن ما يجب أن تقوم به وزارة الداخلية، «هو التأكد من أن اللوائح الانتخابية الخاصة بكل دائرة، تضم ساكنة حقيقية وخالية من الأموات، وهذا يتطلب مراجعة شاملة». من جانبه رشيد روكبان، رئيس فريق التقدم الديمقراطي، قال إن اللوائح الانتخابية «هي أكبر المشاكل الموجودة في النظام الانتخابي الحالي»، موضحا أن الناخب العادي غير المتابع ولا المهتم بالحملات الإعلامية لوزارة الداخلية ولا يفهم الرسائل التي يتوصل بها عبر هاتفه، «يفاجأ يوم الاقتراع بعدم وجود اسمه في اللوائح الانتخابية، حيث يتم التشطيب عليه لاعتبارات وحسابات سياسية». ودعا روكبان إلى تجاوز هذا الوضع من خلال فتح نقاش واسع حول كيفية ضمان حق المواطنين في التسجيل في اللوائح الانتخابية وحماية هذه الأخيرة من التلاعبات الممكنة.