أجمع المشاركون في ندوة «منظومة التربية والتكوين: رهانات الحاضر وتحديات المستقبل» التي سير أشغالها عضو المكتب السياسي محمد الدرويش، على أهمية مقاربة إشكالية التربية والتكوين انطلاقا من التوجهات الأساسية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وفي هذا السياق، أكد عضو المكتب السياسي محمد الدرويش أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كان وما يزال وسيظل يؤمن بأن منظومة التعليم هي الأساس في نضالاته، لأنه يؤمن أن التربية والتكوين هي اللبنة الأساسية في النهوض بالمجتمع وتطوره وتربية الناشئة. كما سجل عضو المكتب السياسي محمد الدرويش باعتزاز، استجابة المجلس الأعلى للتعليم لمقترح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في ما يتعلق بالقانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين، الذي يشكل برنامج عمل الحكومات المقبلة بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، مشيرا إلى أن الاتحاد الاشتراكي كان في مقدمة الأحزاب السياسية التي استجابت وتفاعلت مع المجلس الأعلى للتعليم بخصوص إصلاح المنظومة التربوية. وثمن محمد الدرويش، في كلمة باسم المكتب السياسي للحزب، جهود اللجنة الاجتماعية المنبثقة عن اللجنة الوطنية للانتخابات التشريعية، مشيرا إلى سياق انعقاد ندوة «منظومة التربية والتكوين: رهانات الحاضر وتحديات المستقبل» موضحا أن المغرب لم يسبق له أن عاش أزمة في منظومة التربية الوطنية والتعليم العالي مثل التي يعيشها اليوم. وأشار عضو المكتب السياسي إلى أن من عناوين أزمة منظومة التربية الوطنية والتعليم العالي الاكتظاظ وندرة الموارد وسوء التدبير والهدر المدرسي والعنف. كما أشار محمد الدرويش الى المغالطات التي تصاحب الحديث عن ثنائية عام وخاص في منظومة التربية والتكوين من حيث الهيمنة والاستحواذ والجودة في التدريس والتكوين والضمير المهني. وذكر عضو المكتب السياسي أن الميثاق الوطني للتربية والتعليم منذ سنة 1999 حدد سقف 20 في المئة للتعليم الخاص، ودعم كل المبادرات الحكومية منذ ذلك الوقت، من تشجيع وإعلام ودعاية لم تمكن المغرب من تجاوز ،إلى حدود اليوم،10 في المئة بالقطاع الخاص، مستحضرا أن التعليم العالي مثلا، الذي يضم 14 جامعة و57 مؤسسة للتعليم غير الجامعي والذي يبلغ عدد طلابها ما يناهز 900 ألف طالب لم يتجاوز عدد طلاب القطاع الخاص منها 40 ألف طالب، لذلك يقول محمد الدرويش، يجب التعقل واستحضار مصلحة الوطن والمواطنين أولا، في خدمتهم بتعليم عال عمومي جيد يكون مشتلا لتكوين الأطر المواطنة والتي ستعمل كل واحدة من موقعها، على خدمة وتطوير المغرب ولن يكون ذلك إلا بمحاربة التبذير وانعدام الترشيد ومراجعة المنظومة من داخلها. واستحضرت الندوة العنف الذي يضرب الجامعات اليوم ويحولها إلى حلبة صراع بدل أن تكون منارة للمعرفة والتكوين، وأيضا توقيع الطلبة المرشحين لاجتياز امتحانات الباكالوريا لالتزام بعدم الغش مما يعتبر عملا غير تربوي يروم الزج بالطلبة في السجون. وفي هذا السياق، أكد محمد الدرويش ان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لا يقبل بالعنف في الحرم الجامعي، بل يدينه، موضحا أن الجامعة ليست فضاء للانتقام بل فضاء للحوار والتثقيف وتكوين الأطر. وشدد باحثون ومتخصصون من الجسم الاتحادي خلال هذه الندوة، التي نظمتها الجمعة الماضية اللجنة الاجتماعية المنبثقة عن اللجنة الوطنية للانتخابات التشريعية بمقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وترأسها الاستاذ الباحث إدريس بنسعيد، على ضرورة مواكبة الحزب للانشغال المتواصل للرأي العام المغربي بقضايا التربية والتعليم والاختلالات التي يعيشها و التي يتقاطع فيها ما هو سياسي ومعرفي وفئوي وايديولوجي. وفي هذا السياق، اعتبر بنسعيد أن ندوة «منظومة التربية والتكوين: رهانات الحاضر وتحديات المستقبل» هي بمثابة استمرار للنقاش الذي أطلقته اللجنة الاجتماعية المنبثقة عن اللجنة الوطنية للانتخابات التشريعية القادمة التي تتشكل من ثلاث لجينات. وأوضح الأستاذ الباحث أن ما تداولته اللجنة في دورتها الأولى، التي قاربت إشكالية التشغيل، التكوين، الصحة، كان على قدر كبير من الأهمية، مشيرا إلى أن عروض المتدخلين كانت غنية بالأفكار والمقترحات، مثمنا في هذا الإطار، نقاش المشاركين في اللجنة منذ انطلاق أشغالها، الذي يتسم بالعمق والدقة والموضوعية. محمد لخصاصي: إصلاح المنظومة التربوية يحتاج رؤية وطنية ناجعة رصد الإطار الاتحادي وعضو لجنة الأخلاقيات في الحزب محمد لخصاصي في عرضه الذي اختار له عنوان «الاختيارات الاستراتيجية والسياسة التعليمية» الاختلالات الكبرى التي يعيشها التعليم بكل أسلاكه وأنواعه في المغرب، كما تحدث عن الاستراتيجية الأساسية لأجل الخروج من أزمة التعليم التي يعيشها المغرب، كما توقف عند آفاق تطوير المنظومة التعليمية المغربية. واعتبر الإطار الاتحادي المهتمّ بقضايا التربية والتعليم في عرضه، أن الإصلاح العميق للمنظومة التربوية الوطنية، يتطلب إصلاحا شاملا تصاحبه رؤية وطنية ناجعة تمكن من صياغة أهم الإشكالات والرهانات في سياق مقاربة تحليلية، نقدية توليفية ذات جدوى وفعالية في مقاربتها للشأن التعليمي والتربوي المغربي. وشدد لخصاصي، على أن إصلاح المنظومة التربوية يجب أن يتأسسَ على خمسة محاور مترابطة ، حددها في محددات ومبررات الإصلاح التربوي المطلوب، تشخيص المحددات المؤطرة لمسارات الإصلاح التربوي، استبطان مكامن الاختلالات في مسارات الإصلاح التربوي، واستحضار الأولويات اللافتة المؤطرة في مجال الإصلاح التربوي في كل عملية إصلاحية، وتحديد أوراش التقويم المطلوبة في عملية الإصلاح التربوي. وفي المقابل عزا الباحث المغربي الحصيلة الهزيلة للإصلاحات إلى ثلاثة أسباب رئيسية، حددها في تذبذب الرؤية وضبابية المنظور الاستراتيجي المؤطر للإصلاح التربوي، وافتقاده لرؤية استراتيجية شاملة وواضحة، واتّسام الإصلاحات بالظرفية، دون التوفّر على نظرة لمستقبل واعد. ودعا الاطار الاتحادي المهتم بقضايا التربية والتعليم إلى إيلاء المدرسة العمومية الأولوية في عملية الإصلاح، من أجل ضمان المساواة وتكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة وضرورة القيام بإصلاحات متواترة من أجل مواجهة الاختلالات التي تعاني منها المنظومة التربوية الوطنية. سعيد البلوط: الحكومة الحالية فشلت في ترجمة التزاماتها على أرض الواقع ومن جانبه، اختار الإطار الاتحادي سعيد البلوط أن يجعل من عرضه الغني بالإحصائيات الميدانية حول واقع المنظومة التربوية المغربية في العشرية ونصف العشرية الأخيرة، عرضا تقييما للعرض الحكومي في مجال التربية والتعليم بناء على البرنامج الحكومي الذي التزمت به في مطلع ولايتها الحالية. وأوضح سعيد البلوط في عرض تحت عنوان «الموارد البشرية الفاعلة في النظام التربوي والحكامة» أن الحكومة الحالية أخفقت في تدبير ملف التربية والتعليم وفشلت في ترجمة التزاماتها على أرض الواقع في ما يتعلق بسوء تدبير الموارد البشرية الذي يعكسه التباين الكبير بين العرض المدرسي وسياسة التوظيف . كما توقف الباحث المختص في الموارد البشرية في مجال التربية والتعليم على مكامن إخفاق سياسة الحكومة في مجال التربية والتعليم معززا النماذج التي تقدم بها، سواء تعلق الأمر بالاحتياجات النوعية أو الكمية في مجال التوظيف، أو تعلق الأمر بالتكوين أو التسيير أو النظام المؤسسي لكل المتدخلين في العملية التربوية، بمؤشرات ذات دلالة كبيرة تؤكد عدم التزام الحكومة الحالية بالتزاماتها في مجال التربية والتعليم. لحسن توبي: المنظومة التربوية تعيش فراغا بيداغوجيا تسببت فيه قرارات سياسية وبدوره استعرض لحسن توبي، الأستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين في عرضه الذي اختار له «المناهج والبرامج وهندسة الأسلاك»، أسباب فشل مشروع إصلاح المنهاج في المنظومة التعليمية الوطنية وقدم عددا من تجلياته وانعكاساته، كما توقف عند بعض محطات إصلاح المخطط الاستعجالي للإصلاح التربوي. وتوقف الإطار الاتحادي عند أسباب وتجليات فشل مشروع الإصلاح التربوي والتعليمي في المغرب مستحضرا بالأساس عدم فعالية المناهج والبرامج التربوية والتعليمية الحالية، مشيرا الى ما يشبه الفراغ البيداغوجي في المدرسة المغربية الذي تسببت فيه قرارات سياسية في الولاية الحكومية الحالية. واعتمد لحسن توبي زاوية النقابة الوطنية للتعليم لتشخيص واقع منظومة التربية والتكوين بالمغرب، وكذا لمقاربة أسباب وتجليات فشل المخطط الاستعجالي للإصلاح مستعرضا تصور النقابة للإصلاح التربوي ومراجعة البرامج والمناهج. جمال الصباني: الحق في التعليم للجميع يمر من توحيد التعليم إلى ديمقراطية الولوج. كما تناول جمال الصباني، الكاتب الوطني لقطاع التعليم العالي لحزب الاتحاد الاشتراكي موضوع «دمقرطة التعليم بين الهاجس الأمني والهاجس التربوي» في عرض غني مدعم بإحصائيات ومؤشرات مستحضرا مهام منظومة التعليم مشيرا إلى ارتباطها بالماضي والحاضر والمستقبل. ودافع جمال الصباني عن استقلالية التعليم ومجانيته ودمقرطته مؤكدا ضرورة الوصول إلى نظام تعليمي أساسي ومنصف ومحفز في إطار الوظيفة العمومية داعيا إلى التوحيد والربط بين التكوين والبحث. وأشار الأستاذ الباحث إلى المفارقات التي يعيشها النظام التعليمي والتربوي المغربي بين تعليم خاص وعمومي والصراعات الإيديولوجية والسياسية المتحكمة فيه، التي تبرز من خلال رؤيتين لدور المدرسة، متناقضتين في المنطلقات والأهداف. وخلص جمال الصباني، الذي يندرج في سياق التحضير لبرنامج الانتخاب الاتحادي، إلى أن الحق في التعليم للجميع يمر من توحيد التعليم إلى ديمقراطية الولوج. خالد عليوة: ضرورة اعتماد حساب خاص لتقييم وقياس نجاعة المنتوج التربوي والتعليمي وتساءل خالد عليوة، وزير التعليم الأسبق، خلال هذا اللقاء الذي يهدف إلى تعميق النقاش في قضايا قطاع التربية والتعليم العالي والبحث العلمي واستخلاص الأفكار والخطط الكفيلة بالنهوض بهذا القطاع الحيوي الهام، هل الوقت لم يحن بعد من أجل تجديد المقاربة في التعاطي مع موضوع التربية والتكوين؟ وتناول خالد عليوة هو يقارب موضوع «الشراكة من أجل إصلاح المدرسة المغربية والتمويل»، موضوع اقتصاد التربية، من منظور جديد عززه بتفاصيل مفيدة و غير مطروقة في الجانب التمويلي وتقنياته، للرفع من نجاعة الإنفاق ونقض الهدر. وأوضح عليوة أن الدولة تظل أكبر مستثمر في قطاع التعليم، مشيرا إلى أن قطاع التعليم الخاص يظل تابعا من حيث المناهج والمقررات الدراسية للدولة وإن كانت هناك بعض الاستثناءات مشددا أن قطاع التعليم يستنزف أزيد من 6 في المئة من الناتج الداخلي الخام. عبد الكريم مدون: الجامعة المغربية تعيش مشاكل متعددة وعميقة ومن جانبه قدم عبد الكريم مدون، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي عرضا بعنوان «التعليم العالي العمومي: بين متطلبات الإصلاح ومنطق الجودة والإنصاف»، استعرض فيه مشاكل الجامعة العمومية المتعددة والعميقة على مستوى البنيات التحتية، وشروط التكوين والتحصيل، ووضعية البحث العلمي. كما توقف الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي عند مسألة توحيد الجامعة واستقلاليتها، وقارب اشكالية التعليم العالي الخاص المحدث في إطار الشراكة ، وقضايا البحث العلمي والأساتذة الباحثين. وللإشارة، شكلت عروض الندوة المتخصصة مادة أساسية لإعداد الجزء المتعلق بالتربية والتعليم في البرنامج الانتخابي الاتحادي الذي ستصادق عليه اللجنة الإدارية الوطنية قبل عرضه على الناخبين في الاستحقاقات التشريعية المقبلة. كما تميزت الندوة بنقاش شارك فيه الحاضرون والذي كان مثمرا وجادا ومسؤولا حيث تطرق الحاضرون ،كل من موقعه، مسؤولين أسر ومناضلين، إلى الإشكالات الكبرى التي يعانيها قطاع التربية والتعليم. وقدم المشاركون في هذه الندوة التي تعتبر الثانية التي تنظمها اللجنة الاجتماعية وخصصت لمقاربة مجالات التشغيل والتكوين المهني في أفق تنظيم ندوة ثالثة حول قضايا المجتمع المدني، جملة من الحلول الإجرائية عبارة عن توصيات ومقترحات للوضع الحالي لقطاعي التربية والتكوين كمنطلق لتقديم الحزب لبدائل لتجاوز أزمة االمنظومة التربوية.