من كان يتصور أن فريقا من حجم النهضة السطاتية سيلجأ يوما إلى الاكتتاب، ليس لسد حاجياته اليومية من منح ومصاريف مختلفة، لأن لاعبي الفريق أصبح همهم الوحيد هو الإبقاء على اسم المدينة حاضرا في الخريطة الكروية وطنيا حتى لا يندثر، ولكن الاكتتاب فقط من أجل اقتناء حافلة تقلهم للملاعب بعد الحجز على حافلة الفريق التي لم تعد صالحة إلا لبيع حديدها وأجزاء محركها الذي طاله الصدأ بالمحجز البلدي، حجز نتيجة لقيمة شيك متواضع لم تستطع مدينة بكاملها تسديده، مدينة بكل مسؤوليها وأعيانها ورجال أعمالها. ما يحدث يعيدنا بالذاكرة إلى الأمس القريب، حيث كان الجميع يتسابق لوضع شيكه أو هيبته أو سمّوها كما تشاؤون، بين يدي مسؤولي الفريق، ليس حبّا فيه، وإنما خوفا من غضبة وزير كانت تنحني له القامات، وكانت النهضة بمثابة زاوية تفوق بركة وسلطة الولي سيدي لغليمي، لأن عبرها كانت توقّع الرخص وتمنح الامتيازات ويتم التغاضي عن أمور يعلمها أهل الشاوية. لم يكن الفريق في عهد الوزير في حاجة إلى اكتتاب من أجل وسيلة نقل، فقد كانت حافلته الأجود من بين ما تتوفر عليه فرق كبيرة بالبطولة، بل منها من كان يستفيد من خدماتها، ولم يكن في حاجة إلى طرق الأبواب من أجل الحصول على دعم، فشركة الطيران ظلت تضخ في ميزانيته 600 مليون سنتيم، وهو مبلغ يفوق ما يتطلبه الفريق للصعود إلى القسم الثاني حسب تصريح أحد مسؤوليه الحاليين، إضافة إلى امتيازات عديدة في سفريات الفريق الداخلية والخارجية، وتشغيل مجموعة من اللاعبين تم طرد أحدهم لمجرد أنه تجرأ وحاول إيصال رسالة لأحد المسؤولين بمطار محمد الخامس. كل ذلك توقف بمجرد توقف سلطة الوزير، ومن الطرائف، فإن أحد المسؤولين الحاليين ظل يقدم شيكا بقيمة 50 مليون سنتيم عبر وساطة عائلية اختفى شيكه بمجرد اختفاء الوزير. ليست شركة الطيران الوحيدة التي سحبت دعمها، فكل الذين كانوا يبحثون عن مسؤولي الفريق لطلب الوساطة لدى الوزير أو إيصال رسالة له، اختفوا عن الأنظار، ليبقى الفريق مرهونا بمنحة سنوية للمجلس البلدي لا تتجاوز 30 مليون سنتيم، مازال ينتظرها والموسم في نهايته، ومنحة الجامعة (90 مليون سنتيم). لا نريد هنا أن نذكر أهل الشاوية بنخوتهم، ولا أن نستعرض عليهم إنجاز الفوز بالبطولة الوطنية وكأس العرش، ولكن نذكرهم بأسماء طالما تغنّوا بها وكانت عنوان فخر لهم، نذكرهم بالسليماني، وكباري، وبلفول، والغيادي، والعلوي، والمعطي، وجبران، والطاهر، وحلمي، والدكالي، وبدة، ومسلم، وعين الحياة، وخالد رغيب، وسعيد الركبي، وبنزكري، ونعينعة، وبوخنجر.. لكن في نفس الوقت، لا نريد أن نثير انتباههم إلى من ضاقت به السبل وأصبح بائعا للبن، دون ذكر بعض من البقية الذين وجدوا أنفسهم دون مورد رزق. ليس صعبا تصور حالة من تسلقوا سابقا على ظهر النهضة السطاتية لقضاء مآربهم، وهم يتفرجون على فرق تتألق اليوم بعد أن كانت بالأمس تهاب النهيْضة، لأن الأمر لم يعد يهمهم، ولم يعودوا خائفين من عودة وزير يخنق الأنفاس ويحدد الهبات والامتيازات، لأن الزمن تغيّر، فوضع الفريق حاليا يحرّك الحجر، فبعد أن كان يتنقل عبر الطائرة، أصبح اليوم يتنقل عبر أي شيء للتنقل لملاعب بطولة الهواة، فريق كان يتناول وجباته في أفخر الفنادق واليوم يبحث لاعبوه عن وجبة في محلبة أو بأحد الأسواق الأسبوعية.