للشاعر الصديق الوفي محمد علي الرباوي في قلبي أشجار يانعة على سبيل تأبيد ..وذلك أني عرفته منذ أكثر من ثلاثة عقود ولم آنس فيه غير الطيبة والمودة الخالصتين ودماثة الخلق دون تمحل ولا تصنع ولا تكلف. محمد رجل عفوي لا يأتي فعلا إلا عفو خاطر وتلقاء نفس...وهو شاعر حاذق ومحترف لا يفرغ من كتابة القصيدة حتى يكون قد قلبها على كل أوجه الصناعة الشعرية ...مخلص في علاقاته الإنسانية كإخلاصه لشعره العالي الكعب. تعرفت الصديق محمد علي الرباوي خلال سنة 1980..بوجدة ، وكنت حينئذ حديث عهد بهذه المدينة وكانت في ملامحي وفي لكنتي غربة ..يذكرني بها الجميع بوجدة ما عدا قلة من الأوفياء من بينهم الرباوي وعثماني الميلود ومحمد القاسمي وعبدالرحيم كمال ...وكنت في خلال سنوات منذ ذلك الزمن أختلف إلى منزله العامر ...حبا وكرما .وفي أحايين أخرى نجلس بمقهى بسيط قرب السوق المركزي...وكنا كثيري الحديث عن الشعر العربي بعامة والشعر الفرنسي بخاصة ...وهو أمر أفادني كثيرا في الاهتمام في الوقت نفسه بالشعرين معا:العربي والغربي .الشيء نفسه كنت أصنعه مع أخي محمد لقاح الذي كان سببا مباشرا في تعرفي إلى صديقنا محمد علي الرباوي ...وكنا نكن له حبا خاصا وصداقة خاصة لما كان وما زال ينفرد به من خصائص خلقية وعلمية على كثير من تواضع في الآن ذاته. محمد رجل فكه أيضا ...يضحك مثل طفل حين يكون المقام مقام ضحك ...ويجد كثيرا حين يكون المقام مقام جد .وهذا أمر تعكسه كتاباته ...فهو يكتب الكتاب الصارم علميا كما يكتب المذكرة الذاتية التي تنتزع منك في كل أحوالك ابتسامة رضى وحب كأنه جالس إليك يمازحك كعادته. الرباوي أيضا،هو ذلك الشاعر الذي فرض نفسه على قرائه الكثيرين من خارج المغرب لا من داخله....ذلك أننا –حين كنا نتنافس على النشر في الملحق الثقافي للعلم- كان هو ينشر في العلم وينشر في أهم المجلات العربية كالهلال وملحقها زهور وهلم جرا.وهو فضلا عن ذلك كله من أكثر الشعراء العرب غزارة في النشر ...بل وأيضا من أكثرهم تنويعا على مستوى الموضوع الشعري والشكل الشعري ...من القصيدة العمودية الرومانسية إلى القصيدة التفعيلية الذهنية ثم الرمزية إلى أحلى أحواله الآن ...ولذلك تستمع إلى بعض قصائده المغناة فتطرب للشاعر الرومانسي وتقرأ بعض شعره فتجد فيه من عوالم إدغار ألان بو وإيليوت ما يدفعك إلى بذل جهد كي تعانق عوالمه ... إنه مدرسة شعرية متكاملة ...كل يغرف منها مما يريد.... الشاعر الصديق محمد علي الرباوي شاعر قمين بكل التقدير والمحبة ...لكونه شاعرا كبيرا وإنسانا كبيرا أيضا . ** تنويه: نص الشهادة التي كان ينبغي إلقاؤها خلال لقاء نظمته إحدى الجمعيات بأبي الجعد .. لولا حضور وزير السياحة الذي تحول إلى شاعر ومحتفى به بقدرة المقدمة المتملقة ... كان علي أن أعبر عن امتعاضي و موقفي ... ولهذا لم أقرأ شهادتي هذه...