انه أول شريط مطول لمخرجه سعيد خلاف المغربي المقيم بكندا ، والذي سبق له أن كتب عدد من السيناريوهات التلفزيونية ، والتي نفذها كل من محمد عبد الكريم الدرقاوي ، ومحمد الكغاط ... وشريطه( الأول ) حصل على رضي لجنة صندوق الدعم السينمائي للمركز السينمائي المغربي ، ومنحته مبلغ : 4.100.000,00 درهم ( قبل الإنتاج-سنة 2013 ) ومنذ دجنبر 2015 والشريط يعرض بالقاعات السينمائية المغربية الأمر الذي حقق من ورائه مداخل مشجعة تخص (الاتجاه السينمائي الذي اختاره المخرج في سرد ألاحداث ) وأول جائزة حصل عليها ( الجائزة الأولى – الذهبية ) بمهرجان الأقصر بمصر للسينما العربية و الأوربية في دورته الرابعة 2015، كما انه حضي بقبول لجنة انتقاء الشريط المطول للدورة 17 للمهرجان الوطني للسينما ليعرض يوم 29 فبراير 2016 ضمن المسابقة الرسمية .. ويحصل على اكبر عدد للجوائز : الجائزة الكبرى ، وأحسن موسيقى تصويرية (محمد أسامة)،أحسن دور نسائي لفاطمة هراندي ( راوية) ، و أحسن دور أول رجالي ( أمين الناجي ) .وليلة اختتام الدورة الأولى لمهرجان الحسيمة(26 مارس 2016 ) للسينما تمنحه لجنة تحكيمه جائزة أحسن إخراج ...الخ العنوان والملصق هما : مدخل ... !!! الملصق والكاليكرافي : ملصق شريط " مسافة ميل ..." يتضمن أربع كلمات عربية ، والباقي بالفرنسية والعنوان هو حمولة لغوية ( قد ) تدل على معنى ، والعنوان كذلك حمولة سيميولوجية( قد ) تدل على شيء أريد قوله عبر وسيط ، وفي النهاية ( قد ) تكون القصدية إما فنية أو تجارية يراهن منه ربحا ماليا ، فأين يتموضع من ذلك عنوان الشريط ؟ تقسيمات العنوان كما جاء بالملصق المعتمد تجاريا بالقاعات السينمائية : العبارة التي يركز عليها " مسافة ميل " الكلمتين توحيان إلى سباق ما للفوز ،أو للتحرر .. تم تضاف عبارة أخرى – بحذاء – أي حماية أو دعم .. فالجري دون حذاء عذاب متعدد الأوجه ، ولكن الجري بحذاء ( حماية أو دعم ) ،و يضاف بالملصق عنوان فرعي في شكل / قولة /حكمة ... : " المظاهرة غالبا ما تكون خادعة " ،و العبارات ( القولة ، الحكمة .. ) يحكم أصحابها هاجس تفسير ملتبس يرغبون توضيحه ربما قد لا يوضح ضمن الشريط بما فيه الكفاية أو قد ، يلخص الشريط في تلك الفكرة ، فهل تظهر هذه التوظيفة / العنوان .. التفسيري ضمن الشريط ؟ أم أن الغرض تجاري ولعب بالعبارات ..؟ فماهية أوجه : الحماية .. والمظاهر الخادعة ضمن هذا الشريط ؟ الملصق والصور : الملصق يتضمن العنوان واسم المخرج فبمقدمة الملصق نجد اسم ذكر و اسم آخر نسائي وصورة الذكر هي المهيمنة والمرأة تخرج من صدره ( ربما نجد لها تفسيرا جاهزا أنها خرجت من ضلعه ؟ ) وهما بالشريط المستنطِق (المرأة) الشخصية البارزة والمتحكمة في سرد الأحداث من خلال الأسئلة المطروحة على المستنطَق (الرجل) وهو في وضع ضعف .. وانهيار ناتج عن اهتزازات من حصاد الماضي طبعة نذوب دامية بدواخل الضحية أنتجت نفسية مهزوزة يفرج عنها ( بالملصق ) نظراته الزائغة نحو الماضي والذي هو ليس سوى لحافا اسودا ... واللون الثاني هو الأزرق والذي يطغى على الملصق بشكل يفوق الأسود وهذا النوع غالبا ما تنفرد به ملصقات أشرطة الرعب والمطاردات وهكذا صنف سعيد خلاف المخرج شريطه . لقد راكمنا مجموعة من الأسئلة من المفترض أن نجد لها إجابة ضمن نص مرئي به حكاية ..أحداث تحكى عبر وسيط ألي وتقنيات سردية تجيب عن أسئلة مفترضة من قبل المتلقي للنص ( الشريط ) بعد المشاهدة تفهم فكرة الشريط الشريط يشارك في تشخيصه كل من أمين الناجي ( سعيد ) ، محمد حممصة ( مصطفى ) الشخصيتين المحوريتين عبرهما سنتعرف على باقي الشخصيات منهن نفيسة بنشهيد التي تلعب دور الصحافية / المحللة النفسانية فمن خلال أسئلتها يكون سرد الأحداث ، عبر تقنية استرجاع الماضي ، فنتعرف على المراحل الكبرى لحياة إنسان أريد له أن يفتح نافدة لتقابله مصيبة وتهمة ، عناصر إدانتها مكتملة : إنها حكاية الشخصية الرئيسة والدي نتعرف عليه ضمن أحداث شريط يركز على حكاية اجتماعية / سيرة ذاتية لشخصية سعيد الذي فقد والده وتاه.. باحثا عن موقع ضمن مجتمع شرس ، شره ، همه الاغتصاب والنهش في الآخر ذكرا أو أنثى لتغذية الضمئ والحرمان الجنسي الذي يتم عبر الأضعف وتحويله إلى أداة لإشباع الرغبات الجنسية للقوى أو لمالك زمام المجموعة . فسعيد الذي سيكون شاهدا على عملية اغتصاب تتعرض له أخته من طرف زوج أميهما ، يتعرض للاغتصاب هو بدوره من صاحب / راعي نعمة الأطفال المتخلى عنهم ...وتتوالى سلسلة الاغتصابات من طرف نفس الشخص بالمعتقل ونفس السلوك يمارسه مشغله الاسكافي ... الخ فإذا كان سعيد هو الصورة الأمامية التي تفسر لنا الضما الجنسي لمجتمع فان مرافقه ، له نفس المصير على مدار هذه الدائرة المغلقة التي تدور فيها الأحداث وهو نفس مصير الأطفال المتخلى عنهم ضمن مجتمع تتخلى فيه المؤسسات الاجتماعية عن دورها وتترك الفرد في مهب مصير أي شيء لا قيمة له ...أي شيء مهمل ..وهذا ما عجز المخرج عن البوح به كرهان ليكون الشريط متلفزا ويسلك طريق التوزيع التجاري عبر ممر سلس ، كما إن مغاربة العالم ومخرجنا واحدا منهم يعالجون القضايا الاجتماعية بنوع من الفلكرة فان تتحدث عن الأحياء الخلفية وتعالج نفسية ساكنتها وتستنطق دواخلها وموقفها من السلطة أمر يتم استسهاله من طرف العديد من السينمائيين المغاربة وتكون المعالجة تسطيحية بناء على أحكام جاهزة يتم استنساخها من صفحات الإثارة والجريمة المجتمعية أو من برامج التوعية اجتماعيا والتي هي مصادر أفكار اغلب الأشرطة السينمائية والتلفزية المغربية وما عاب عنها غياب العمق في التحليل ، وبعد التعاطي مع هذا النوع من المواضيع لكي الأمر مجرد نقل خبر أو عمل تلفزي وليس أمام عمل تخيلي فالوقائع التي نتابعها حتى ولو أنها مفترضة و الافتراض يجب أن يكون مقبولا ولو في حده النسبي أو إعطاء تفسير مقنع لتفسير ما ليس منطقيا ، وليس خطابة وموعظة تقدم لمتلقي مفترض! وفي نفس السياق نجد هؤلاء السينمائيين يستثمرون نفس أماكن التصوير بل تجد نفس المكان وزوايا التصوير وتوظيف نفس الممثل ( أي الجاهزية )، فأمين الناجي وبنفس الكاريزما بشريط جيش الخلاص وفي الزين لي فيك ...يعني التعامل مع الجاهز للمرور إلى شباك التذاكر من اقرب الطرق !!! مع شئ من التوابل التقنية التي توفرها الأنظمة المدمجة . السرد التلفزي واللقطات السينمائية تمرس المخرج على كتابة سيناريوهات خاصة بالتلفزة وهذا النوع من الأعمال المرئية تعطي إحساس بأنها أعمال تعمل على تسطيح الأحداث وتبسيطها وتنميطها باعتبار متلقي التلفزيون يبحث عن الفرجة أكثر من المعرفة مما أعطانا شريطا اقرب إلى عمل صحافي تقريري عن وضعية الأطفال المتخلى عنهما مع الحشو الذي جاء به الشريط والذي ربما كان يراهن من ورائه على إعطاء الأحداث طعم التشويق من خلال شخصية الكوميسير الذي تابعناه دون آن نعرف ما هو دوره وحتى الاغتصاب المفترض الذي تعرضت له الزوجة لم يكن له ما يبرره إلا ما كان من مطية اقرب إلى افتعال تشويقي خصوصا وان الزوجة معرضة للإهمال داخل الفراش الزوجي و( الاغتصاب) المفترض التعرض له ليس كذلك فهي تنشد إشباع رغبتها الجنسية ، وربما المبرر الدرامي هو لإلقاء القبض على سعيد ليكون تعيسا يوم زواجه ، ويكون حل لغز " زواج المتعوس " ، لتبرير العنوان الفرعي : " المظاهر غالبا ما تكون خادعة " !! وتكون النهاية السعيدة بخروج السجين الذي يستقبل من طرف زوجته بمولود و... ومسكن يرثه عن طريق الصدفة ... في عالم تحول من الوحشية والهمجية إلى مجتمع يتسم بحب الأخر ، إن التفسير القبلي لهذا السلوك السريالي والذي جاء من خلال السرد التشخيصي الذي تقدمه السيدة الكسيحة لشخصية سعيد باعتباره صاحب أخلاق و قس على ذلك .. كان مبررا لتورث سعيد المسكن ، و لنجد الجواب : " أن مسافة ميل كان حذاءه السيدة الكسيحة " وانتهى المشكل فقط شئ من الصبر ، فبعد العذاب هناك من سيحقق لك أحلامك ... فليدخل التعساء إلى السجن ليجدوا راوية( الممثلة التي لعبت دور الكسيحة ) تنتظرهم بمفتاح السعد كما أن قدر العنف والذي هو ثمن وجود الإنسان ودون البحث عن مكامنه حتى لا نورط أنفسنا بإدانة طرف ما ، ساهم أو تواطأ لإفراز أفراد مجتمع معاقة تتراكم بدواخله عقد ناتجة عن أفراغات لمكبوتات مقموعة سواء جنسية آو سلطوية ..الخ التوظيف المسرحي بالشريط السينمائي فإذا كان الحديث عن الاغتصاب الجنسي ، واقع تصدمنا به الصحافة يوميا على كافة دعائمها بشكل دائم فإننا أمام اثر /عمل مرئي ، وليس تحقيقا صحافيا حول ( ظاهرة ) وإنما تعميقا في القراءة والتشخيص ، فالاغتصاب متعدد الأوجه ، اغتصاب في المواطنة ، الحقوق بأشكالها المتعددة عموديا وأفقيا وعلى مدار حياة الفرد ، أقول نحن أمام اثر إبداعي وليس أمام تحقيق صحافي أي أننا أمام سيناريو أنجز بناءا على خلاصات أننا أمام اثر اقرب إلى بحث أو خلاصة علمية وليس استنتاجات كاربونية لخبر صحافي لذلك كل ما يجب أن يطرح إلزاما له ما يبرره وإلا فهو ...؟ وبالتالي بماذا أفسر النهاية السعيدة أين تكمن هده السعادة ضمن مجتمع هش يهشم بعضه بأفظع أشكال الاغتصاب ... أن تغتصب أنثى جنسيا ، بحكم جاهزيتها البيولوجية للإيلاج – شئ مدان - فكيف للذكر ..؟ إن عملية الرصد التي بررها السيناريو تحيل على تبريرات صاحب كتاب الأمير عندما يبيح للفرد بالقضاء على الجماعة على حساب الفرد وهو نفس التبرير الذي ظل يبشر به نيتشة : " .. اسحق إلى ما استطعت إلى ذلك سبيل فانك إن لم تَسحق تُسحق..." الانفراد –ربما – بالسينما المغربية : السرد الاستدراكي / مسرحيا ا و سرد أنيا .. لقد كان توظيفا أراد به المخرج أن يخلص الشريط من السرد التلفزيوني بطريقة سلسة للعبور نحو السرد السينمائي فاللوحات المسرحية على الخشبة آو بمكتب التحقيق / الاستنطاق النفساني هو استشعار بالإدانة ولكن لأفراد المجتمع ( المنحرفين ) : زوج الأم كمثال أي المواطن البسيط الذي يفجر مكبوتات وسط الفئة المجتمعية التي ينتمي لها أو التي وجد نفسه ضمنها ؟ من خلال شريط مقسم إلى 3 فروع للأحداث الممركزة والتي تتابع أحداث الشريط والتي ترصد بالاعتماد على كاميرا، ترصد فيه الأحداث سعيد وشلته أي حياة المنبوذين مجتمعيا لتحيلنا على رواة آخرين أو أحداث فعلى خشبة المسرح تقدم قصة سعيد خلال مرحلة طفولته وتنتهي بقتله لزوج الأم ، فقد اعتمد في الإخراج المسرحي على شخصيات مكثفة وإنارة الدوائر أي إننا أمام عملية استنطاق ... شخصيات تغتسل من الخطايا .. والمشاهد المسرحية كانت جد موفقة .. مقنعة .. من حيث الأداء والإنارة والظلال كخلفيات نحو السحيق فضلا عن أداء الممثلين .. الخيط السردي الأخر بقاعة الاستنطاق الذي تقوم به المحللة النفسانية / الصحافية عبرها نتعرف على الطريق التي مر منها سعيد الطفل والشاب .. ثم الخيط السردي الثالث : صاحبة الغرفة التي يقطن بها سعيد اسميا ( الشقي ميدانيا ) فهي الإنسانة التي تحمل قيم النبل دون آن تقنعنا بها لان القيم التي تدعيها من قبيل ما نشاهده أو تقترحه أدراما الهندية وليس القيم الإنسانية التي لن تكون إلا نبيلة لو أنها كانت محبوكة ضمن سيناريو متماسك ...ولكن .. وستقوم – كما بالدراما الهندية – بتفويت المسكن لسعيد القابع بالسجن ظلما ، ليطلق سرحه ويجد نفسه يملك مسكنا – صحيح أن السينما خيال – والدي هو قابل لكل أخيلة ولكن بشي من المنطق والذي يكون محبوكا بسيناريو كذلك وليس البحث عن حلول كيفما أريد لها ؟؟