في جلسة تشريعية عامة، أول أمس بمجلس المستشارين، أثار عبد الحميد فاتحي باسم الفريق الاشتراكي موضوعا ذا أهمية كبيرة يتعلق بكيفية معالجة نزاعات الشغل، وانصب سؤال الفريق على مختلف المشاكل التي تمس اللجن الإقليمية والوطنية للبحث والمصالحة، واضعا اليد على الثقب الكبير في سير هذه الآلية. وأعطى عضو الفريق أمثلة عن مختلف هذه النزاعات التي تشكل موضوع مباحثات واهتمام مختلف الفرقاء الاجتماعيين، مستعرضا من موقعه النقابي كافة الصعوبات التي تدعو إلى إيجاد آليات جديدة لحلها، من أجل ترسيخ أسس مناخ اجتماعي سليم ومنتج بين أطراف العلاقة الشغلية، بما يضمن الحقوق الثابتة للأجراء وضمان السير العادي للمقاولة في تناغم دائم مع السلطات الإدارية والقضائية، خدمة للتنمية الشاملة. واعتبر وزير التشغيل في جوابه عن سؤال الفريق أن آلية اللجنة الإقليمية والوطنية للبحث والمصالحة، آلية قانونية جاءت بها مدونة الشغل لفض الخلافات الناشئة بين طرفي الإنتاج على المستوى الإقليمي في إطار المسطرة التصالحية، مؤكدا أن الوزارة سبق لها وأن أعدت مذكرة في الموضوع استنادا على مدونة الشغل وبعثتها للولاة والعمال من أجل تفعيل أدوارها القانونية، كما سبق لوزارة التشغيل أن بعثت مذكرة مشتركة مع الداخلية سنة 2008 في نفس الموضوع لحث العمال والولاة بالعمالات والأقاليم من أجل تفعيل المساطر والأدوار المنوطة بهذه اللجان الإقليمية ، مؤكدا في هذا الصدد أن هناك تجاوبا هاما مع هذه المذكرة، حيث قامت اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة بدراسة 91 نزاعا جماعيا خلال سنة 2015 ودراسة 36 نزاعا في الثلاثة أشهر الأولى من 2016. كما أن وزارة التشغيل قامت بإعداد دورية وتعميمها حول تشخيص واقع اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة كمنطلق أولي لمشروع تطوير أداء هذه اللجان في أفق تنظيم لقاء ثلاثي الأطراف حول الموضوع . وفي ما يتعلق باللجنة الوطنية للبحث والمصالحة، قال الوزير إن الوزارة شرعت في محاولة تقييم عمل هذه الآلية وجعلها ضمن أولويات برنامج العمل برسم سنة 2016 بهدف إضفاء دينامية جديدة على دورها التصالحي، مؤكدا في هذا الصدد أن الشركاء الاجتماعيين مدعوون بدورهم إلى البحث عن آلية توافقية بديلة لتدبير نزاعات الشغل الجماعية وذلك في إطار اتفاقيات الشغل الجماعية. ويذكر أن الفدرالية الديمقراطية للشغل تضع في أولوياتها دراسة كافة الآليات الكفيلة بحل نزاعات الشغل بحثا عن التوازن في العلاقات المهنية وتحسين مناخ الأعمال، بانفتاح أطرها على تجارب أخرى في الدول الديمقراطية، في إطار تشارك تكويني ومهني. ويرى المتتبعون أن هناك قصورا في المادة 557 من مدونة الشغل، فالمصالحة التي تقوم بها اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة هي وسيلة لتفادي الخلافات والنزاعات الجماعية أكثر منها وسيلة لحلها، وأنها أسلوب يرمي إلى التقريب بين وجهة نظر كل من طرفي الخلاف أو النزاع الجماعي، من خلال الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة ومحاولة التقريب بينها، والمصالحة في هذا الصدد، وسيلة لتفادي النزاعات الجماعية وليس من أجل حلها بشكل جذري. وتنص المادة 557 من مدونة الشغل أنه «تحدث لدى كل عمالة أو إقليم لجنة تسمى «اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة يترأسها عامل العمالة أو الإقليم وتتكون بالتساوي من ممثلين عن الإدارة والمنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية ويتولى كتابة اللجنة المندوب الإقليمي المكلف بالشغل». ويشار أن مجلس المستشارين قد عقد جلسة عامة تشريعية يوم الثلاثاء 19 أبريل 2016 بعد جلسة الأسئلة الشفهية، خصصت للدراسة والتصويت على: مشروع قانون رقم 43.13 يتعلق بمزاولة مهن التمريض؛ و مشروع قانون رقم 44.13 يتعلق بمزاولة مهنة القبالة.