تحت شعار «للنقطة تجلياتها»، احتضن متحف الشارقة للفنون يوم الخميس 7 أبريل الجاري، معرضا جماعيا شارك فيه أكثر من ثلاثين رساما، في إطار ملتقى الشارقة للخط في دورته السابعة، وهو الملتقى الذي يعرض فيه أكثر 683 عملا فنيا تأتي من أكثر من 38 دولة أنجزها 206 مبدعا من مختلف دول العالم وقد انتظمت هذه الاعمال الفنية بين 44 معرضا عاما وشخصيا، قدم فيها الرسامون تصورهم للنقطة كتيمة أساسية مرتبطة بالشكل الجمالي والفني للخط العربي. وقد تميز هذا المعرض بتقديم أعمال تستلهم روح وعراقة فن الخط العربي في أعمالهم المعاصرة، وهي أعمال تنتمي إلى دول متعددة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية ، وفرنسا واليابان وإيران وروسيا وغيرها من الدول التي لم يتردد فنانوها في الدخول في حوار انساني وكوني مع روح الخط العربي .. ويعد الفنان إيل سيد، الذي يمثل فرنسا، من الفنانين الذين جعلوا من أعمالهم ساحة لحوار منفتح على العمق الفني للخط العربي، لكن دون الخضوع لشروطه ومقاييسه الصارمة والدقيقة، يقول ايل سيد، وهو فرنسي من أصول تونسية " بدأت كرسام غرافيتي على الجداريات في الشوارع الفرنسية وحين بدأت بدراسة اللغة العربية في سن الثامنة عشر، اكتشفت جمالية الخط العربي، كان ذلك في سنة 98 و بدأت أرسم بشكل مغاير..حين شاهد بعض المختصين أعمالي أخبروني أن علي احترام القوانين والمقاسات قبل ان أعمل على كسرها، قلت لهم انني لا أكسر قواعد وانني أشتغل بمنطق الإبداع لا المحاكاة... لا اعتبري نفسي خطاطا، ولا أطبق أيا من قواعد رسم الخط ، لكن الخط العربي التقليدي والكوفي مصدر إلهام بالنسبة لي ولا اعتبرها مشكلة... من جهته يرى الفنان السعودي الشاب، طلال اليزيد، أن تجربته التشكيلية قائمة على استلهام الشكل الفني للخط العربي أكثر منها على تشكيلة الحرف. يقول في تصريح له على هامش اللقاء: " اخترت الاشتغال على الشينكو، وهو نوع من أنواع القصدير، كخامة مستهلكة ومصيرها العادي هو التخلص منها، فكان السؤال كيف استعمل اشياء واعاود معالجتها وأقدمها كعمل فني بدلا من رميها، فكانت هذه الأعمال. وطبعا يحضر الخط ضمن هذا العمل الفني، حيث أنني أشتغل كثيرا على حرف الواو وتجدينه حاضرا بشكل كبير في أعمالي الفنية.... وعن علاقته بالخط يقول «علاقتي بالخط مرتبطة ببداياتي كرسام غرافيتي، كفن مبني على الأحرف، لكن في أغلب الأحيان يعتقد الناس أنهم أمام كلمات لا معنى لها، لكن رسامي الغرافيتي لا ينظرون للحرف ككلمة بل كشكل وتركيبة فنية..خلال التسعينيات طورت تجربتي وانفتحت على آفاق جديدة، لكن فكرتي الحالية تعتمد على الاشتغال على الغرافيتي بشكل معاصر ومغاير.. تحتفظ الرسامة السعودة لولوة الحمود، كفنانة شابة برباط أكثر عمقا مع الخط العربي، وتعتمد على نظرية التوازن الذهبي الذي توفره النقطة داخل أعمالها. تقول "إن النقطة ورغم ما تحمله من صفات ضدها، مثل الفراغ والكثلة والأبيض والأسود و البعدين والثلاثة أبعاد، إلا أنها تتكامل معها....كما فكرة اليينغ واليانغ اليابانية. وعن التجربة التي وفرها معرض "للنقطة تجلياتها" تقول "نحن كفنانين نتعلم من بعضنا البعض فحين يأتي فنانون عالميون يحدث تأثر وترابط مع البعض البعض، وهذا الأمر غير جديد في عالم التشكيل، فالرسام الألماني بول كلي تاثر بالفن الاسلامي أثناء زيارته لتونس وآخرون أيضا فعلوا ذلك، ونحن بدورنا نستقي من الفن الاسلامي الذي لا حدود له..." وإن كان المعرض قد احتفى بين المزج بين الرؤية الجمالية للخط والتجارب الحديثة لعدد من الفنانين أغلبهم شباب، فإن التشكيلي السوري عبيدة البنكي أحد المكرمين بالملتقى يرى أن "الخط له وظيفة نقل العبارة الجميلة في حلة جميلة ، حيث تمتزج المعرفة والفن ليشكلان لوحة، هذا بالنسبة للكلاسيكيين، أما بالنسبة للحروفي فالأمر يتعلق فقطب عمل بصري جمالي بحث حيث العبارة غير مقصودة...الآن نجد الاجانب يتبعون الطريق الثاني لكن تجارب نقف أمامها نظرة المراقب لنقيمها فيما بعد حيث ان الصورة لم تكتمل بعد ، من ثمة لا نستطيع ان نأخذ موقف معها أو ضدها قبل أن تختمر التجربة"... وعن هذا الملتقى الذي يهتم بالخط العربي يقول الفنان والباحث السوداني تاج السر حسن، "إن نضوج هذه الفعالية ووصولها إلى الدورة السابعة، جاء عبر 25 سنة من التواتر المستمر للمعارض وللنشاط الخطي، علما أن البدايات كانت معارض فردية للخطاطين الاعضاء الموجودين في جمعية الامارات للفنون التشكيلية، بعدها تسمى المعرض باسم المرئي والمسموع وتطور ليصبح البينالي أو ملتقى الخط الذي ينظم كل سنتين وهذه دورته السابعة، والذي يشمل مجموعة كبيرة من المشاركات العربية وغير العربية، والمشاركات التقليدية التي تضم الخط، كجزء من التاريخ العريق الذي يعود إلى 14 قرن، بأنواعه المتعددة، ويضم المعرض الإنتجات الجديدة للشباب ورؤاهم الأدبية، وهذا دليل على الامكانيات الكبرى الموجودة في الكتابة والخط كعمل فني يؤسس لبصريات لا حدود لها.»...