1 تصيح الزوجة في وجه زوجها وتندفع شتائمها مختلطة برذاذ البصاق يتطاير من فمها و تصرخ : لعنة الله عليك أيها الكلب.! ينتبه الكلب الممدّد قرب الجدار إلى الصراخ ويلتفت ناحية الزوجة : ما بها تشتمني هذه المجنونة هل أنا الذي خُنْتُها مع امرأة أخرى ؟ 2 في كل مرّة يحدثني أبناء عمومتي من الخنافس أن الأطفال يتنافسون على سحقهم تحت نعال أحذيتهم ومحظوظ من ينجو من شرورهم، وأتساءل أنا عن تودّد هذا الرجل لي، لا يفزع مني حين أطلّ برأسي وأحيانا يأخذني في كفه و يظل يرقبني لساعات ومرّات عديدة يمدّ لي فتات خبز يابس.. لا أدري كيف أفسّر سلوك هذا الرجل ولا أفهم تصرّفه الغريب معي ربما لأني الوحيد الذي يقاسمه الزنزانة!. 3 يكتب السياسي خطبته العصماء يدعو فيها إلى الحرية ويحثّ الناس على الخلاص من قيود الدكتاتور، يختار الجمل الأنيقة و يستمتع بزقزقتي سجينة داخل القفص!. 4 الرجل الذي مَاتَ عادت إلى بيته الحياة الرتيبة، زوجته إلى زينتها، ابنه الشاب يسترق النظر كعادته إلى زوجة جارهم وابنته تحلم كل ليل بأستاذها. وحده كلبه يقضي كامل النهار متأهّبا لاستقباله في كل حين. 5 السجين في زنزانته الصغيرة خطّ بأظافره على الجدار رسوماً لأشجار وعصافير كثيرة تحطّ على الأغصان أو تحلّق في السماء.. يستلقي على سريره اليابس لم يكن نائما ولكن لا يتوهّم أيضا و يُقْسِم أن غرفته تزدحم بزقزقة العصافير. الأسد العجوز لم يعد يقوى على اللّحاق بطرائده ففكّر في الانتحار، عندما اقترب من جرف يطلّ على النهر وهمّ بإلقاء جسده الخائر في المياه تفاجأ وهو يرى الوعول تجفل منه وتفرّ فزعة. (كاتبة تونسية)