أسدل السويسري جاني اينفانتينو الستار على انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، بعد انتخابه الجمعة خلفا لمواطنه جوزف بلاتر، ليبدأ التحدي الأصعب على الإطلاق، والمتمثل في تحقيق الاصلاحات في المنظمة الكروية العليا، وتوحيد اللعبة بعد عاصفة الفضائح، التي أدت إلى إيقاف الكثير من المسؤولين ومن بينهم سلفه في "فيفا" ورئيسه في الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني. وتعهد أمين عام الاتحاد الأوروبي بنهاية الأيام السوداء في فيفا، بعد تفوقه الجمعة على رئيس الاتحاد الآسيوي للعبة، الشيخ البحريني سلمان بن إبراهيم آل خليفة، لكن سرعان ما اصطدم المحامي السويسري- الإيطالي، البالغ من العمر 45 عاما، بجبل من التحديات وأبرزها إقناع الرعاة الأساسيين لفيفا أن بإمكان الاخير العودة إلى السكة الصحيحة. كما على إينفانتينو أن يضع موضوع تنمية اللعبة في كل من آسيا وإفريقيا في القائمة الأساسية للمهام التي تنتظره، من أجل التأكيد بأنه وضع الانتخابات خلفه بعد أن صوتت القارتان لمصلحة منافسه الشيخ سلمان، على أمل أن يصل إلى سدة الرئاسة شخص من خارج أوروبا، التي تزعمت المنظمة الكروية العليا لمدة 18 عاما بواسطة سلفه بلاتر. "سنعمل دون كلل، بدءا من نفسي"، هذا ما قاله إينفانتينو بعد انتخابه، مضيفا: "سنكون فخورين بفيفا. ستكونون فخورين بما سيقوم به فيفا من أجل كرة القدم". ورأى اينفانتينو أن إاصلاحات الحوكمة، التي تم التصويت عليها قبيل الانتخابات تعتبر "رائدة" وتطبيقها يشكل أولوية. وعرضت إصلاحات اللحنة التي ترأسها المحامي السويسري فرانسوا كارار، وقدمت اقتراحاتها إلى اللجنة التنفيذية في الفيفا في دجنبر الماضي على التصويت، فنالت 179 صوتا (89 بالمائة)، مقابل رفض 22 صوتا رفضوا اعتمادها (11 بالمائة). وتعهد إينفانتينو أن يأتي ب "أصوات مستقلة ومحترمة" إلى فيفا، لكنه لم يعط أي تفاصيل بشأن هذه المسألة. ويرى الخبراء أن الشركاء الرعاة لفيفا، الذين يطالبون بوضع حد للفساد الذي صبغ حقبة بلاتر، سيراقبون عن كثب لمعرفة إذا كانت رغبة إينفانتينو بتحقيق التغيير تتجاوز حدود الخطابات. ورأى جيف ثينيس، وهو مستشار أميركي متخصص بشؤون الاخلاقيات والحوكمة، يعمل لمصلحة شركات عالمية، في تصريح لوكالة فرانس برس بأن التصويت الذي حصل الجمعة في فيفا "ليس سوى البداية"، مضيفا: "نظرا لثقافة فيفا، وهي ثقافة فاسدة جدا ممتدة نزولا حتى الاتحادات الوطنية المحلية، سنكون أمام عملية شاقة طويلة، قبل أن يتحول ما هو على الورق إلى واقع". وينفي إينفانتينو أي انشقاق في عالم كرة القدم، مؤكدا أنه فاز "بانتخابات وليس بحرب"، لكن المرارة موجودة خصوصا وأن الشيخ سلمان كان مرشحا بقوة للفوز بالانتخابات، وخسارته تشكل ضربة لأسيا والعالم العربي بشكل خاص، لأنه كانت هناك رغبة بوصول صوت قوي جديد يعبر عنهما. لكن الشيخ سلمان ركز مباشرة بعد الانتخابات على تطلع الاتحاد الاسيوي للعمل مع فيفا بنظامه الجديد، ورئيسه المنتخب من أجل إصلاح المنظمة الكروية العليا. وحظي الشيخ سلمان بمساندة القارة الإفريقية في هذه الانتخابات، لكن أصوات هذه القارة لم تصب بأكملها لمصلحة رئيس الاتحاد الآسيوي، خصوصا في الجولة الثانية. وحاول إينفانتينو، الذي حظي بطبيعة الحال بمساندة قارته، أن يزيح عنه صبغة مرشح قارة معينة قائلا بأنه ليس مرشح أوروبا بل "مرشح كرة القدم"، مروجا نفسه كرجل العلاقات مع العالم بأكمله. ويؤكد إينفانتينو أنه سيسعى إلى تطوير اللعبة قائلا: "من الآن وحتى 2020، أريد أن أطور بشكل كبير كرة القدم. أريد أن أرى أعمالا ملموسة يقوم بها الفيفا وكل اتحاد وطني. إذا كانت عائدات الفيفا تصل إلى 45 مليار دولار، فلا ضير في تخصيص 25، 1 مليار للاتحادات، أي أقل من 25 في المائة من تلك العائدات. وهذا الأمر سيكون أولوية أولى. علينا تخفيض النفقات، لكن هذا الأمر لن يكون سهلا". وفي حال تحقق ذلك، خصوصا القسم المتعلق بإعادة توزيع عائدات فيفا، فسيساعد كثيرا الاتحادات التي تعاني ماديا وسيعزز من مكانته في كافة القارات. وما هو مؤكد أن اينفانتينو سيستلم منصبه مع تركة هائلة من سلفه بلاتر، الذي هنأ مواطنه في رسالة قال فيها: "أهنيء بصدق ومن أعماق قلبي جاني إينفانتينو لانتخابه". وأضاف بلاتر، الذي انتخب في ماي الماضي لولاية خامسة على التوالي، ثم أعلن استقالته بعد 4 أيام، تحت ضغط فضائح الفساد، "بعد تبني برنامج الاصلاحات، ما ينتظره هو أكبر بكثير، لكني مقتنع بأن خليفتي سيضع ذلك موضع التنفيذ". وختم بلاتر "بتجربته وطاقاته وحسه الاستراتيجي والدبلوماسي، سيحمل معه كل مؤهلاته لمتابعة عملي وإعادة الاستقرار إلى الفيفا"، متمنيا لمواطنه "التوفيق والنجاح". وسيكون اينفانتينو بحاجة دون أدنى شك إلى كل التوفيق للتعامل مع الفوضى التي خلفها بلاتر، في ظل التهم والتوقيفات التي طالت 39 مسؤولا من السلطة الكروية العليا، بسبب اتهامهم من السلطات القضائية الاميركية بالفساد والرشوة.