كانت الساعة تشير إلى الثانية و الربع صباحا، والثلج يغمر الطرقات ويشل الأطراف، يقول أوشن كريش أحد أبناء منطقة بولمان ، حين أفلحت جماعة من ساكنة منطقة منكوبة في نقل سيدة في وضع حامل من الجماعة الترابية انجيل صوب مدينة ميسور ، إلى مستشفى إقليمي من أجل الإنجاب ، لكن فرحة هؤلاء البسطاء لن تتم ، إذ بعد مجهود جبار و نجاحهم في إيصالها إلى المستشفى الإقليمي هناك ، كانت هناك خيبة أمل كبيرة في انتظارهم ، لقد فوجئوا باكتشاف غياب الطاقم المسؤول عن التوليد . لكن هؤلاء البسطاء لم ييئسوا ، بل سيقررون فتح باب الأمل لإنقاذ الوضع من جديد ، حيث سيشدون الرحال مرة ثانية صوب مدينة أوطاط الحاج ، حيث سيسلمون السيدة الحامل مرغمين لممرضة مقتدرة و التي توفقت في مساعدتها على الإنجاب « مجازفة بمصيرها المهني.» كان من المفروض أن تنتقل طوافة الدرك الملكي إلى عين المكان ، أو هليكوبتر وزارة الصحة كما شاهدنا على التلفزيون ذات نكبة ثلجية بشرق المغرب ، لتنقل سيدات من مناطق قاسية بإقليم بولمان هن في وضع الإنجاب ، سيما وأن المنطقة بأكملها اعتبرت منكوبة بالنظر إلى كمية الثلوج المتساقطة في الآونة الأخيرة ، يقول أحد شبان المنطقة، مضيفا « لم لا هل نحن لسنا مغاربة ؟ وهل مواطنونا لا يستحقون هذا العمل الاجتماعي الإنساني المستعجل ؟» ويضيف زميل له موضحا أن الهيليكوبتر تتحرك بأوامر عسكرية ، وأن اللوم يقع على المسؤولين بالمنطقة ، فلو اتصلوا بشكل مستعجل ، لصدرت أوامر بالتدخل الجوي للإنقاذ . إلى ذلك، أسفرت عملية إزاحة الثلوج و استكشاف المناطق التي ظلت تعاني تحت وطأة التساقطات الثلجية القوية التي شهدها إقليم بولمان مؤخرا ،عن إسعاف خمس نساء في وضعية إنجاب ، يقول المصدر ذاته للجريدة . وأفادت مصادر محلية من إقليم بولمان ، أن سلسلة صعوبات ومآس اجتماعية عاشتها سيدات شاءت الظروف أن يعشن المخاض ارتباطا بالتساقطات الثلجية القوية التي شهدتها المنطقة ، حيث تمكنت نساء بهذه المناطق من الإنجاب في ظروف جد صعبة . و شهدت منطقة بولمان تساقطات ثلجية مهمة في غضون يومين و صل سمكها الأقصى 1.5 متر، حسب أوشن كريش ، وذلك بمناطق مختلفة في كل من جماعة : المرس، سكورة، كيكو، بولمان، انجيل، سرغينة، آيت ألمان، مرموشة، تالزمت، آيت بازة، ألميس مرموشة، و أخيرا أولاد علي. و موازاة مع ذلك ، تم نقل سيدة أخرى من الجماعة الترابية المذكورة من منطقة تابعة لها تسمى فاس أوريبل يصعب الولوج إليها أثناء التساقطات الثلجية، ليتم نقلها على وجه السرعة صوب مدينة فاس. وعلمت الجريدة من مصادر محلية بالجماعة الترابية إيموزار مرموشة أنه تم نقل كذلك سيدة ثالثة على وشك الإنجاب إلى مدينة ميسور. و في صبيحة يوم الثلاثاء 16 فبراير 2016 تم نقل سيدة أخرى نحو مدينة فاس في وضعية حرجة و صعبة. و من «طرائف» هذه الموجة الشديدة للتساقطات الثلجية بالجماعة الترابية المرس، يروي أوشن كريش ، كيف انه توصل بمكالمة هاتفية من طرف أحد شباب المنطقة يستنجد من جراء عضة فأر على أذنه اليمنى، ويرجع سبب هذه الاستغاثة إلى كون الفأر قد تغذى بوجبة سامة كانت طعما لاصطياده . لقد كان الشاب متأكدا أن سم الفأر لابد أن يلحق به الأذى، وهو يتساءل عن خطورة هذا الفعل ، في غياب من يقوم بإغاثته في مثل هذه الظروف التي انقطعت فيها جميع السبل من جراء الحصار الحاصل بسبب التساقطات الثلجية، و في غياب مطلق للمسؤولين منهم المسؤول المحلي للسلطة و المنتخبون. واقعة تفرض طرح سؤال جوهري حول دور الجماعة الترابية في توفير أدوية الترياق التي تستعمل عند حالات داء السعر و ما يشابهها؟ ويروي ذات المصدر حكاية أخرى ، إذ قام سائق سيارة الأجرة بتهديد سائق آلية إزاحة الثلوج:» الكاسحة» و هو يزاول مهامه بإموزار مرموشة آمرا إياه بإزاحة الثلوج من الطريق المؤدي إلى منزله ، حتى يتمكن من إخراج سيارته من المرأب ، و كأن سائق الكاسحة موظف مأجور لديه!... ومن الجوانب المشرقة في هذه النكبة الطبيعية الدور الذي لعبته الوكالة التجارية للكهرباء في السهر على عدم انقطاع التيار الكهربائي في مجموع دائرة بولمان، و القيام بالتدخل كل ما استدعت الضرورة لذلك، تقول مصادر الجريدة، حيث تتنقل أطقم الوكالة إلى مواقع العطب الحاصل من جراء هذه التساقطات الثلجية . وخلال هذه الفترات الصعبة والمناخ المتسم بالبرودة القاسية ارتباطا بتساقط كميات كبيرة من الثلوج ، تمكنت خمس نساء من وضع مواليدهن رغم الصعوبة ورغم انعدام بعض الخدمات الصحية الضرورية لدى جل الجماعات الترابية و المرتبطة بالطوارئ الأمر الذي يستدعي ضرورة خلق تنسيق بين القطاعات الخدماتية أثناء حالات الطوارئ . على الجانب الآخر ، تم تسجيل نفوق عدد كبير من رؤوس الأغنام أثناء هذه التساقطات حيث حاصرت الثلوج جل ساكنة الدائرة مع تسجيل غلاء المعيشة و ارتفاع أسعار الخضر والفواكه بالزيادات غير المعقولة . فضلا عن غياب التلاميذ و هيئة التدريس بسبب كمية الثلوج و صعوبة الولوج إلى مقرات المؤسسات التعليمية .