قال تنتمي فجيج إلى الواحات العريقة بشمال إفريقيا وتشكل نموذجا للمناطق التي تعتبر نقطة تماس بين عدة مجالات، امتزجت بها عناصر بشرية مختلفة وفدت عليها من مختلف الأصقاع مثل : زناتة وصنهاجة والأشراف الأدارسة والأفارقة والقبائل العربية واليهود... ، كانت تشمل عدة قصور وواحات، تمتد على مسافات كبيرة في مختلف الجهات تصل إلى إقليم توات جنوبا، ووادي كير غربا، وقصور تيوت، والصويصيفة شرقا، والنجود العليا شمالا. يمثل الموقع الجغرافي للواحات الفجيجية النهاية الشمالية الغربية لواحات الأغواط، وامتدادا طبيعيا لوادي السورة وواحات توات، وتيكورارين وتدكلت، وتافيلالت، مما جعلها مهيأة بشكل طبيعي لتقوم بدور رئيسي في تجارة القوافل العابرة للصحراء، خاصة وان المسلك المار بوادي زوزفانة ، والساورة وواحات توات، يعتبر من أكثر المسالك سهولة لاجتياز الحاجز الرملي الضخم الجيولوجي المسمى، بالعرق الكبير الغربي، كما أن الواحة حباها الله بالعديد من العيون المائية التي تمتد على طول الانكسار من تكرومت غربا إلى زريكة سيدي عبد القادر شرقا، فهو المحور الأساسي الذي قام عليه تاريخ الواحة ، بعد وادي زوزفانة، والعيون التي كانت متدفقة بالضواحي، ويعتبر المجتمع الفجيجي من بين المجتمعات الواحية التي تحكمت في توجيه تاريخه عناصر مادية أساسية، وهي الماء أولا، والأرض ثانيا، والموقع الجغرافي ثالثا، فاستوعب هذا المعطى الطبيعي وتأقلم معه، وانعكس ذلك على حياته اليومية، سكنا وفكرا وسلوكا وممارسة. واحة فجيج في علاقاتها التاريخية واحتكاكها مع الجوار، لاتشذ عن قاعدة الصراعات البشرية في كل مكان، حيث شهد مجالها مختلف الصراعات الحيوية أفاءت عليه بالتمدد والرحابة حينا وطالته بالتحجيم والقضم أحيانا، حسب الأحداث التي عاشتها، عبر تاريخها القديم والحديث، خاصة بعد معاهدة مغنية، واكتساح القوات الفرنسية الغازية لها، عقب معاهدتي : 1901 - 1902 وما ترتب عن ذلك من آثار سلبية، وانعكاسات وخيمة على مجالها، ومستقبلها، ولإبراز المكانة التي كانت تحتلها بالمنطقة، نشير هنا إلى إسهاماتها في بعض المجالات : ففي المجال الاقتصادي كان للواحات الفجيجية دور متميز بفضل منتوجاتها الزراعية والحيوانية والحرفية ، وبما كانت توفره من بضائع وسلع متنوعة كانت ترد عليها من مختلف الجهات بفضل الحركة التجارية النشيطة مع واحات تافيلالت، وتوات وبلاد السودان، ووجدة وتلمسان والمشرق العربي، مما جعل الرحالة والجغرافيين يخلعون عليها أوصافا كلها إعجاب تدل على الحيوية والنشاط، حيث كانت : " بلادا عامرة ، وسوقا نافقة ...". أما في المجال الثقافي فقد كانت الواحة خلال العهد السعدي والعلوي، من بين المراكز الأساسية التي استأثرت باهتمام الملوك الشرفاء ، فبفضل زوايا العلم والدين التي أقامتها بعض الأسر العلمية والشريفة التي توارثت العلم والصلاح، ذاع صيت الواحة، وتفرعت عنها عدة مراكز ثقافية بنواحي درعة وبالأطلس المتوسط وفي السودان... وبالنسبة للمجال السياسي، فإن العلاقة بين هذا المجال، وبين واحة فجيج هو الذي حدد وظيفتها ودورها عبر التاريخ، بل إن وجود الواحة واستمرارها والنزاع حولها مرتبط بهذه العلاقات نفسها، فالمواجهات التي قامت بين الأتراك العثمانيين في الجزائر والدولة السعدية في المغرب، كانت فجيج محور هذا الصراع ولسنين طويلة، ونظرا لأهمية الواحة من الناحية الإستراتيجية ستظهر من جديد خلال الصراع العلوي التركي، وركز المولى إسماعيل نفوذ الدولة بها وانشأ بها أجهزة تنفيذية وبنى بها "دار الإمارة" واتخذها عاصمة لولاته للإشراف على تلك النواحي . ضحية السياسة التوسعية الفرنسية بالجزائر عندما استولت فرنسا على الجزائر سنة 1830، شهدت المنطقة تحولات عميقة، بسبب الحملات العسكرية الفرنسية التوسعية، والضغوطات السياسية، أعقبتها هزيمة إسلي 1844، ومعاهدة مغنية المجحفة مارس 1845، والتي فرضت على المغرب شروطا مهينة، وتعرض ترابه للإغتصاب وذهب ضحيتها مجال فجيج، فقد نصت المعاهدة، على تقسيم المنطقة الحدودية إلى عدة مناطق سيتضح من خلالها النوايا الحقيقية لفرنسا يمكن استخلاصها من التقسيم الآتي : الحدود الثابتة بالشمال، وهي حدود جغرافية طبيعية بمعالم تضاريسية واضحة الحدود المتموجة في الوسط، اعتمد فيها على تعيين القبائل دون تحديد دقيق لموقعها الجغرافي بينما بقيت المنطقة الممتدة جنوب فجيج بدون تحديد، وتعمدت فرنسا هذا الغموض حتى يمكنها تأويل الفصول حسب رغبتها ، لأن لها نوايا توسعية، وهو ما أكدته أحداث 1903 حيث تعرضت الواحة للقصف ثم الاستيلاء، ودخلت فجيج مرحلة جديدة، ستؤرخ لبداية مرحلة الأفول، حيث سيتراجع اقتصادها، ويتقلص نفوذها ... محطات عامة تؤرخ لاغتصاب الأراضي بعد استقلال الجزائر بقي ارتباط أهل فجيج بأراضيهم قويا، واعترفت الحكومة الجديدةبالجزائر بممتلكاتهم، ومنحتهم رخص المرور « laisser passer» لاستغلال أملاكهم كما كان في عهد الاستعمار الفرنسي وكانوا يؤدون على هذه الأملاك ضريبة تسمى « التجريد»، وخضعت عملية استغلال الممتلكات ولسنوات طويلة لطبيعة الظروف التي كانت تتحكم في العلاقات بين المغرب والجزائر، و استمر هذا التواصل حتى بعد النزاع بين البلدين وما يسمى بحرب الرمال سنة 1963 ... وعلى إثر أحداث مارس 1973 ودخول البلاد في مرحلة عصيبة ومشاكل سياسية واجتماعية، اصطلح عليها «سنوات الرصاص والجمر»، منع أهل فجيج من استغلال ممتلكاتهم خارج الواحة المركز ولم يسمح لهم بذلك إلا بتقديم رخصة تسلمها السلطات المحلية، واستمر هذا الإجراء إلى أن منعت الجزائر على أهل فجيج المرور بشكل مطلق نحو الضفة اليسرى لوادي زوزفانة، باعتبار أن مجرى الوادي هو الحد الفاصل بين البلدين، وليس قمم الجبال كما نصت على ذلك الاتفاقية بين الراحل الحسن الثاني والراحل بوضياف (حسب ماورد في الجريدة الرسمية ) خاصة بعد أن تبنت السلطة الجزائرية الموقف المعادي، لوحدتنا الترابية، مما أدى إلى تعقيدات جيوسياسية صعبة ... ويبدو بأنه تجنبا لأي مواجهة محتملة بهذه المنطقة الحساسة، آثرت الدولة المغربية عدم إثارة هذا الملف في الوقت الراهن. وفي الوقت الذي كانت الساكنة تعيش على الأمل وتنتظر الإنفراج في العلاقات بين البلدين الشقيقين وفتح الحدود، خاصة بعد ان استبشرت خيرا وتم إنجاز خط الكهرباء الذي سيربط المغرب والجزائر عبر فجيج وبني ونيف، أصيبت مرة أخرى بخيبة أمل خاصة بعد الحدث الأخير الذي شهدته منطقة زوزفانة في شهر فبراير 2014، حيث تعرضت إحدى نقط مراقبة الحدود المغربية، الممتدة على الضفة اليمنى لوادي زوزفانة، لرصاصات طائشة من طرف الجيش الوطني الشعبي الجزائري، وترتب عن هذا الحادث ، حفاظا على الأمن، منع الساكنة من التوافد أو التوجه إلى بعض المناطق بزوزفانة، مثل : تيجنت نيعقوب، واولاد رفيعة، وتامزوغت ، إلا بعد الاستشارة أو الحصول على الرخصة من السلطات المحلية. الحدود الجائرة تضطر السكان الى الهجرة القسرية من النتائج التي ترتبت عن رسم الحدود التي اعتمدتها فرنسا هو فصل العنصر البشري عن عمقه الاقتصادي، وتم تقسيم الواحة إلى قسمين : القصور ومراكز الاستقرار، اعتبرتها فرنسا أراضي مغربية، وكل ماهو خارج هذا المدار والذي يتكون من الأراضي الفلاحية وغابات النخيل التي تشكل القاعدة الاقتصادية الأساسية للساكنة، فهو تابع للإيالة الجزائرية، وبعد استقلال الجزائر تعرض التراب لمزيد من الإقتطاع والإغتصاب وتم تقزيم الواحة، ولم يعد لها سوى متنفس وحيد في اتجاه الشمال، وكانت لهذه السياسة نتائج وخيمة على مستقبل المنطقة التي تحولت إلى مجال ميت، مما جعل الساكنة تضطر إلى الهجرة داخل الوطن وخارجه، لكن الإرتباط بالأرض بقي قائما وقويا. لقد ترتب عن الحرمان والظلم نوع من الاستياء والتذمر في صفوف السكان واعتبروا مالحقهم من أضرار في أرزاقهم بمثابة « زلزال سياسي» جردهم من ممتلكاتهم فتحولوا إلى أذلة، بعدما كانوا أعزة، وفقراء، بعدما كانوا أغنياء، فلم يؤازرهم أحد وبقي المشكل يراوح مكانه منذ عقود. ماذا فعلت الدولة المغربية إزاء هذه الأوضاع؟ كيف ستتم معالجة هذا الملف؟ ماذا كان رد فعل الساكنة؟ ماهي المبادرات والإجراءات التي قامت بها لعرض قضيتها، والمطالبة بحقوقها؟ هل هناك أمل في المستقبل، لاستغلال هذه الممتلكات؟ أم يجب القطع واليأس؟!... ماذا بقي من مجال الواحة اليوم؟ إذا كانت هذه الأسئلة وغيرها، هي أسئلة مشروعة، ومن حق الساكنة طرحها، وبما أنه ليس هناك جواب رسمي في الموضوع، فالذي نستنتجه من خلال الأسئلة الشفوية التي تم طرحها بمجلس النواب على وزارة الداخلية في هذا الموضوع، في خريف 1995 وفي دجنبر 2005 ومن خلال بعض اللقاءات الرسمية التي عقدها المجلس البلدي مع بعض المصالح المختصة، نسجل ما يلي : هناك إقرار رسمي بأن السلطات الجزائرية قد استولت على ممتلكات وأراض مغربية (تشمل واحات النخيل وأراضي زراعية...) تقع على الشريط الحدودي الممتد بين البلدين بنواحي إقليم فجيج ، حرم السكان من استغلالها. ففي الوقت الذي كان من المنتظر أن تستجيب الجزائر لنداءات المغرب لفتح الحدود ، وتطبيع العلاقات، أسوة بما يقع في أوربا، رغم ماضيها المؤلم، وحروبها الطاحنة، استطاعت تجاوز الخلافات ومعالجة المشاكل، توجت بتوحيد أوربا فلا شرقية ولا غربية، ووحدت العملة وأحدثت «Shinguen» وغيرها من الإجراءات . بدلا من التجاوب والحوار، كان الجواب هو إحداث مراكز حدودية جديدة للمراقبة، وتدجيجها بالآليات والعتاد، بل واستعمال حتى (les Projecteurs) والكاميرات، ويبدو أن الأمل بدأ يخبو مرة أخرى في هذا الجانب، وأصبح المتنفس الوحيد الذي بقي للواحة هو جهة الشمال الغربي ... الساكنة .. بين حلم فتح الحدود وواقع انسداد الآفاق أمام تراجع الأمل وطول انتظار فتح الحدود بين البلدين الشقيقين، وحلم أهل فجيج في استرجاع أراضيهم، اضطر بعضهم للهجرة إلى داخل الوطن أو خارجه، وشرع آخرون في استغلال ممتلكاتهم، في ماتبقى من مجالهم، شمال الواحة، خاصة بمنطقة العرجة، وسهل تسرفين، وقاموا بأشغال كبيرة، في مجال إعداد الأرض واستصلاحها، وقام المجلس البلدي بدعم هذه الجهود الاستثمارية وتشجيعها عن طريق تزويد المنطقة بالكهرباء، بتعاون مع المكتب الوطني للكهرباء وجمعية ACAF (جمعية فدرالية التعاونيات الفلاحية فجيج). وبناء الطريق المؤدية إلى العرجة في إطار شراكة مع وزارة التجهيز ، كما أن الأشغال جارية لتأهيل الواحة في إطار المغرب الأخضر، وتشجيع الفلاحين الشباب لتكوين التعاونيات. ومشروع سد الصفيصيف، يشق طريقه بثبات نحو المستقبل والتحول من حلم إلى حقيقة وواقع... فإذا كان هذا هو التوجه « البراغماتي» ، في انتظار أن يتم إيجاد الحلول للمشاكل العالقة، فإن ما يشوش على هذه المشاريع هو مسألة تحديد المجال الترابي للجماعة بحيث يطرح في كل مرة مشكل الحدود الترابية بين جماعة فجيج والجماعة المجاورة التي تم إحداثها. كما أن المواطنين، سواء كفلاحين متعاونين، أو مستغلين للمقالع الممتدة عبر الواحة وضواحيها، يتساءلون باستمرار عن الوضع القانوني للمقالع، وما هي السلطة التابعة لها ؟ ما هي الجهة الإدارية التي سيتعاملون معها ؟ من له حق الترخيص والإشراف على هذه المناطق ؟ وبعبارة أدق : أين تبدأ حدود جماعة فجيج وأين تنتهي ؟ إذا كانت حدود الجماعة حسب ما يشاع تقف عند»40»فما هي المعايير التي تم الاعتماد عليها ؟ كيف يمكن تفسير التقليص الذي فرض على الواحة من الشساعة والامتداد إلى الخنق والتضييق ؟ لمصلحة من يتم تقليص المجال الحيوي لفجيج ؟ إذا كانت فجيج عبر التاريخ ثغرا من الثغور الوطنية، فإنه من الواجب تدعيم هذا الثغر وتنميته، وليس تقليص مجاله وإضعافه . ومن المفارقات الغريبة ، نستحضر مقولة الجنرال اليوطي الذي صرح أمام وفد من التجار والصناع بعين الصفراء عام 1904 قوله : «لو لم تكن فجيج حقيقة واقعة لوجب اختراعها « «Si FIGUIG marocain n'eut pas existé, il eut fallu l'inventer» لقد كان بإمكان القوات الفرنسية الكاسحة، القضاء على فجيج وتشتيت ساكنتها ، ومسحها كليا من الخريطة السياسية وفي ظرف قياسي، لكنها لم تفعل ، وعيا بأهميتها الإستراتيجية واحتراما لرصيدها التاريخي والأدوار التي قامت بها ، باعتبارها»أم المدائن بمنطقة الجنوب الوهراني»، حيث أن الساسة الفرنسيين والعسكريين كتبوا عنها الكثير ومصالح الأرشيف تحتفظ بالكثير من الكتابات والوثائق ، وعلى سبيل الذكر فإن حدث قنبلة فجيج لوحده عام 1903، كتبت حوله عشرات المئات من المقالات. فإذا كان هذا هو موقف فرنسا من فجيج، فلماذا في عهد الاستقلال وخلال مشروع التقسيم الجماعي سنة 1992 ، تقرر تقليص مجاله؟ تقطيع تعسفي يجرد الواحة من مقوماتها إن قرار التقسيم الجماعي الذي خضعت له واحة فجيج في غشت 1992 يتضمن أخطاء استراتيجية، واختلالات وعيوبا كثيرة، ولم يخضع للمقاربة التشاركية، ولم يستحضر الخصوصيات التي تميز المنطقة، وسيرهن هذا التقسيم المجحف ولأجيال مستقبل التطور المجالي والديمغرافي للمنطقة، وستكون له عواقب وخيمة ومكلفة في المستقبل، إن موضوعا من هذا الحجم يتطلب تنظيم حوار تشارك فيه النخب السياسية والأكاديمية والسلطات والمنتخبون والمجتمع المدني، والفاعلون الاقتصاديون، يستحضر خصوصيات المنطقة ويضع مشروعا متكاملا لتنمية مثل هذه المناطق الحدودية، ويعمل على صياغة وثائق مرجعية مطابقة لاختيارات بلادنا المستقبلية. إن التقسيم الحالي لايساعد على تقوية سياسة القرب لتمكين الإدارة المحلية من القيام بدورها بشكل جيد، ولا يلائم الإطار الترابي والاقتصادي والمجالي للواحة، ولا يستجيب لانتظارات وطموحات الساكنة، ويكتنفه الغموض من حيث الحدود الترابية للجماعة، فالتقطيع الحالي، يجرد الجماعة من مجالها الترابي كبنية أساسية وقاعدة لأي تنمية مستدامة ترتبط بالنشاط الاقتصادي أو الصناعي أو الزراعي ... ويحدد مستقبل الواحة. وانطلاقا من هذه المعطيات، وفي أفق إيجاد حل مناسب للمشاكل المطروحة، فقد سبق للمجلس البلدي لفجيج مناقشة هذا الموضوع في عدة دورات منها الدورة العادية للمجلس برسم سنة 2012 المنعقدة بتاريخ 29 فبراير 2012 ، وهذه خلاصة لبعض الأفكار والاقتراحات التي تم التداول فيها، والمذكرة التي تم رفعها إلى الجهات المختصة : مذكرة تبريرية لتوسيع المجال الترابي بناء على القانون رقم : 90 –12 المتعلق بالتعمير وخاصة المادة الأولى من الباب الأول. بناء على مقرر المجلس البلدي لفجيج عدد : 24 بتاريخ : 06 مارس 2012 خلال الدورة العادية الأولى برسم سنة 2012 المنعقدة بتاريخ: 29 فبراير 2012 حيث وافق أعضاء المجلس الجماعي وبالإجماع على ما يلي: تحديد المجال الحضري والإداري للجماعة الحضرية لفجيج ليمتد شمالا إلى النقطة الكيلومترية 24 من الطريق الوطنية رقم: 17 من مدينة فجيج في اتجاه مدينة بوعرفة، علما بأن جماعة فجيج تحدها شرقا وغربا وجنوبا الحدود المغربية - الجزائرية. ونظرا لأهمية الموقع الاستراتيجي لواحة فجيج وكونها واجهة بما يستدعي ضرورة تقويتها وتوفير شروط النمو الاقتصادي والاجتماعي لساكنتها، ولا يتأتى ذلك إلا بتوفير مجال ترابي لتحقيق ذلك. ونظرا لأن نسبة كبيرة من ممتلكات أهالي فجيج أصبحت الآن داخل التراب الجزائري نتيجة تسطير الحدود، مما يستدعي توفير المجال الضروري لسكان فجيج لممارسة أنشطتهم الفلاحية التي تعتبر عصب اقتصاد الواحة. ونظرا لغياب قرار التحديد الإداري للمدار الحضري وظهور بعض حالات تنازع الاختصاص الترابي مع الجماعة المجاورة. ونظرا إلى أن النشاط الفلاحي هو المحرك الأساسي للاقتصاد المحلي فإن المحافظة على الواحة وتوفير الأراضي الضرورية لتوسيعها يجب أن يحظى بأولوية قصوى. ونظرا لارتهان التنمية السوسيواقتصادية لواحة فجيج بوضعية القطاع الفلاحي وغياب أنشطة اقتصادية بديلة لتحريك عجلة التنمية، الشيء الذي يجعل توفير الوعاء العقاري لتوسيع المجال الفلاحي ولاحتضان المشاريع التنموية ضرورة ملحة. ونظرا للتداخل الكبير في الوضعية العقارية وغلبة الأراضي الجماعية على جل أراضي الجماعة الحضرية لفجيج والأراضي المحيطة بها وكونها تابعة للجماعات السلالية لأهل فجيج وامتدادها إلى داخل الجماعة المجاورة مما يشكل وضعية غير سليمة تترتب عنها عدة نزاعات. ونظرا لوجود مجموعة من ممتلكات الجماعة الحضرية في المنطقة المراد توسيع المجال إليها: نقط الماء ، مطرح النفايات، مخيم نخلة الطاهر. وحيث أن جل الاستثمارات التي تمت خارج واحة فجيج قام بها سكان مدينة فجيج أو ساهمت فيها الجماعة مثل استصلاح الأراضي، كهربة التعاونيات والاستغلاليات الفلاحية. وحيث انه لا يمكن ضمان تنمية متوازنة ومستدامة لجماعة واحية بدون توفير العقار الضروري لتحقيق مشاريع التنمية، فإن المجلس البلدي لفجيج يلتمس توسيع المجال الحضري للجماعة الحضرية لفجيج وفق ماقرره المجلس البلدي لفجيج في دورته العادية الأولى بتاريخ : 29 فبراير 2012 . التعريف بالوضع الحدودي للواحة والمطالبة بالإنصاف في أفق توصل المجلس البلدي بالجواب عن الملتمسات التي رفعها إلى الجهات المختصة، وبما أن الوضع القائم لايتوفر على مقومات النهوض الاقتصادي ولا التشجيع على الاستثمار في المجال التنموي، قامت الكتابة الإقليمية للحزب (الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية)، بعرض المشكل على المكتب السياسي، واقترحت القيام ببعض المبادرات والأنشطة بتنسيق وتعاون مع بعض الأحزاب السياسية والهيئات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني، من أجل التعريف بمشكل المجال الحيوي للواحة، ومعاناة الساكنة منها : - عقد ندوة صحفية وطنية للتعريف بمراكز الإقليم ومشكل الحدود، وحرمان أهل فجيج من استغلال ممتلكاتهم. - تنظيم يوم دراسي للتعريف بالمشاكل المرتبطة بالحدود. - تكوين ملف وعرض المشكل على الأحزاب السياسية الوطنية والمجتمع المدني والحقوقي والتنموي وطرحه في البرلمان. - رفع دعوى قضائية إلى المحكمة الدولية ضد الحكومة الفرنسية والحكومة الجزائرية من أجل إنصاف المغرب في هذا الجزء من التراب الوطني بالجهة الشرقية، ومعالجة المخلفات والأضرار التي لحقت السكان نتيجة حرمانهم من استغلال ممتلكاتهم - إعادة النظر في الحدود الإدارية لجماعة فجيج - توسيع المجال الترابي للجماعة ومراعاة خصوصياتها كمنطقة حدودية فقدت عمقها الاقتصادي ووسائل عيشها والذي يوجد حاليا تحت النفوذ الجزائري. - تغيير النظرة إلى منطقة فجيج ، ولا يجب اعتبارها منطقة تأديبية. - وضع حد لمتاعب ومعاناة المواطنين خلال موسم تلقيح النخيل، أو جني التمور بمنطقة تاغيت وزوزفانة والعرجة وتقديمهم للمحاكم بتهمة اجتياز الحدود بدون ترخيص قانوني. إن الترتيبات الإدارية المتتالية التي خضع لها المجال الواحي الفجيجي، سواء من حيث ترقية فجيج من جماعة قروية إلى جماعة حضرية، أو من حيث إقرار الحدود الجائرة مع الجزائر، والجاثمة بكلكلها على الواحة عبر مراحل تاريخية مختلفة، أومن حيث إحداث جماعة فتية مجاورة... كل هذه الإجراءات كانت على حساب المجال الواحي الفجيجي الذي تراجع بشكل مهول، ولم يعد ممكنا القيام بأي مبادرة لتنمية المنطقة أو تأهيل مجالها، فالإجراءات التي تمت الإشارة إليها لايمكن أن تحقق النهضة المطلوبة، لا بالنسبة للمجال الذي يعنينا هنا، ولا بالنسبة للجماعتين، ولا بالنسبة للدور المناعي للمنطقة ككل. إن اختلاق الوضعية الحدودية الجديدة، تفرض وجوبا القيام بعملية تدقيق وتصحيح للأسلوب المتبع في تدبير المجال المتحدث عنه، بما يحفظ له وحدته و تكامله الوظيفي ووفق ما يقتضيه وضعه الجغرافي الحساس، ذلك مما قد لا يتطلب سوى القيام بمجهود استيعابي و باجتهاد تأويلي للنصوص القانونية المنظمة له، و القيام بتشخيص متبصر لواقعه ولمساره التطوري . فبالرجوع إلى النصوص القانونية المتعلقة بالموضوع، يتبين بأن النص الذي يفترض أنه يشكل المرجع الأساس و الفيصل في ما يتعلق بالحدود الإدارية لأي كيان عمراني، هو القانون 012.90 المتعلق بالتعمير(الظهير الشريف رقم 1.92.31 صادر في 15 ذي الحجة 1412 /17 يونيو 1992). هذا القانون ينص في مادته الأولى على أن «... المناطق المحيطة بالمدن تمتد إلى مسافة 15 كيلومترا تحسب من الدائرة البلدية...»، كما ينص في مادته التاسعة على أن: « على الدولة و الجماعات المحلية والمؤسسات العامة...أن تتقيد بأحكام مخطط توجيه التهيئة العمرانية »، أي بمقتضيات القانون المشار إليه. إزاء هذا النص الصريح و الواضح عن الامتداد القانوني المشكل للمجال الحيوي للمدن، لا نملك إلا أن نتساءل عن ماهية الأساس القانوني الذي تم الاستناد إليه في تحديد الحدود بين الجماعتين المعنيتين كما يتم الحديث عنها، وعلى المسؤولية الملقاة على عاتق الجهات المسؤولة إزاءها على المستوى الإجرائي، و إذا كان الأمر يتعلق بمرسوم التقسيم الإداري، فهل يصح تغليب مرسوم إداري على قانون أسمى منه (الظهير الشريف المتعلق بالتعمير)؟ و مما تجب الإشارة إليه أن الانشغال بهذا المشكل قد غطى على مشكل آخر لا يقل أهمية و خطورة، و هو مشكل يتعلق، كذلك، بموضوع التحديد، أو بالأحرى بموضوع غياب التحديد المجالي في مستواه العام. و الأمر يهم هنا تحديد الوضع القانوني للأراضي المشكلة لهذا المجال كفضاء مشترك، و ذلك انطلاقا من التمييز فيه، بين ما هو عام يخص الدولة، و ما هو خاص يهم الأفراد أو الجماعات، و التمييز بين أنماط الاستفادة المخولة منها لمختلف الأطراف (الانتجاع، الزراعة، والإستثمار...). الواحة درع حصين للوطن يجب تقويته وليس إضعافه للأسف الشديد لم تشفع المواقف الوطنية النبيلة ( التي تمت الإشارة إليها أعلاه ) للمدينة وأهلها، سواء في الماضي، أوغداة الاستقلال، فلم تنل بعض ما حصلت عليه بقية المدن المغربية من عناية واهتمام ورد اعتبار، رغم سبقها المعهود في المشاركة في النضال سواء على مستوى العمليات الفدائية بمختلف المدن المغربية، أو على مستوى تأسيس وتفعيل جيش التحرير بشقيه الريفي والأطلسي، بل قوبلت كل هذه التضحيات بالتجاهل والتهميش، مما عزز رغبات شيبها وشبابها "للهجرة الخلاقة" صوب أوروبا بعيدا عن كل خلفية أو ردة فعل غاضبة، إزاء الوطن، بل تقديرا وتكريما وعدم إحراج له. إن ما عانته فجيج سابقا، سواء في ظل الاستعمار الفرنسي للجزائر، أو من الجزائر نفسها التي لم تتوقف قط عن إيذاء المدينة ومحيطها ومصادرة قطعان ماشيتها والإستيلاء على حقول أبنائها، انطلاقا مما ورثته من مواقع استراتيجية اقتطعت من قبل من التراب الوطني، أو ما حصلت عليه بموجب اتفاقيات لم تدرس بما فيه الكفاية، حيث مكنتها أوفاقها من فرض مراقبة حدودنا سواء الشرقية أو الجنوبية الغربية، وذلك بإحكام طوقها على أراض مغربية لم تكن في يوم من الأيام مثار نزاع، ومنع أهلها من استغلالها والارتواء من نقط مياهها. على سبيل الختم إن العوامل التي سهلت حصول هذه المعاناة يجب محاصرتها ، إن لم نقل رفضها، لإنصاف مدينة تراثية عتيقة، بتحسين وتوسيع مجالها، وبالتالي خلق دائرة أو حتى إقليم حدودي قوي باستثماراته، وبنيته التحتية، وازدهار وتوسيع تعليمه ليعيد للمنطقة رخاءها، ويؤمن لها تحصين صمودها، ولا يتسنى ذلك إلا بتبني سياسة حدودية وطنية تستهدف الإنسان والمكان، وبصفة خاصة في بعدها التنموي، بتثمين أو استثمار الإمكانيات التي تزخر بها المنطقة، سيما إذا أطرت كفاءات يدعمها الإصرار على كسر التحديات كيفما كانت، ويحدوها ربح الرهان، وتزينها الحكامة المثلى في تدبير المهام.