أصدر البنك الدولي مؤخرا توصية للمغرب باعتماد نظام تعريف هوياتي جديد قادر على تسهيل الولوج لمختلف الخدمات وضبط الهوية لجميع المغاربة. وجاءت هذه التوصيات، حسب ما أورده البنك الدولي، بعد أن تقدمت الحكومة المغربية بطلب لهذه المؤسسة المالية تلتمس منها تقديم المساعدة المالية والتقنية لإيجاد بديل لأنظمة التعريف المعتمدة حاليا في المغرب. وكشف البنك الدولي أن خبراءه وجدوا أن المغرب يعتمد منذ سنين على أنظمة تعريف متعددة، بحيث تم تطوير كل نظام على حدة. ففي أواخر السبعينات اعتمدت الحكومة المغربية نظام بطاقة التعريف الوطنية، وتم استبداله منذ سنة 2008 بنظام بطاقة التعريف الإلكترونية الذي تم عبره إصدار حوالي 20 مليون بطاقة هوية لحد الآن. ورصد خبراء البنك أن المغرب يعتمد أيضا سجل الحالة المدنية الذي يتضمن معطيات الولادة والوفاة، إلى جانب نظام "مسار" الخاص بالتدبير الإلكتروني للمسار الدراسي للتلاميذ، فضلا عن نظام "رميد"، الذي تم اعتماده منذ سنة 2011 لتقديم المساعدة الطبية للمحتاجين، وكذا نظام "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" الذي يتسجل عبره المستخدمون للاستفادة من التغطية الاجتماعية. وكشف البنك الدولي أن المغرب وجد نفسه أمام أنظمة تعريف مختلفة لا يعوض بعضها البعض الآخر، إذ أن كل فرد يتوفر على رقم هوية مختلف باختلاف أنظمة التعريف، لأن كل نظام يعتمد منطقا معينا ومعايير مختلفة، مع تعذر التحقق الإلكتروني من الهوية اعتمادا على أي بطاقة باستثناء بطاقة التعريف الإلكترونية، وهو ما يفتح الباب أمام التدليس. تعدد أنظمة التعريف، يقول خبراء البنك الدولي، يتسبب للإدارة المغربية في تضييع الوقت والمال، كما يثقل كاهل المواطن المغربي الذي يضطر بشكل متكرر لإثبات هويته للولوج للخدمات والاستفادة من الحقوق. ولتجاوز هذه النقائص، يوصي البنك الدولي بتطوير نظامي "السجل الوطني للسكان"، الذي سيمنح رقما تعريفيا موحدا لكل فرد، و"السجل الاجتماعي" الخاص بالاستفادة من مختلف الأنظمة الاجتماعية. فحسب خبراء المؤسسة الدولية، فإن "السجل الوطني للسكان" سيشكل بنك معطيات أساسيا شاملا لكل الأفراد الذين يملكون حق الإقامة في البلد، وذلك من خلال الاعتماد على المعطيات الواردة في نظام بطاقة التعريف الوطنية المعمول به حاليا والخاص بالأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 18 سنة، ودمجها مع بنك معطيات نظام "مسار" الخاص بتدبير المسار الدراسي للتلاميذ من سن 6 سنوات إلى 18 سنة، وبنك معطيات "سجل الحالة المدنية" الذي يوفر معلومات عن الأطفال دون سن السادسة. وهكذا سيكون بإمكان نظام "السجل الوطني للسكان" منح كل فرد رقما تعريفيا فريدا وموحدا يتم اعتماده لتجميع كافة المعطيات المتفرقة في الأنظمة الأخرى، وهو ما سيسهل عملية تحقيق الهوية وعدم ترك أي مجال لعمليات التدليس الهوياتي، كما سيكون هذا النظام التعريفي رهن إشارة باقي الأنظمة الاجتماعية، المعمول بها أو التي سيتم إطلاقها مستقبلا. وأطلق البنك الدولي على النظام الثاني الذي يوصي المغرب باعتماده تسمية "السجل الاجتماعي"، الذي سيوفر نظاما موحدا للتقدم بطلبات إلى مختلف أنظمة المساعدة الاجتماعية، بحيث سيعمل على تجميع وتمحيص كافة المعلومات الخاصة بطالبي الانخراط في أنظمة المساعدة، لقطع طريق الاستفادة على الذين لا يستحقونها. ويقوم النظام بشكل دوري بتحيين المعطيات الخاصة بكل فرد والتحقق منها ودمجها مع باقي الأنظمة المعلوماتية التي توفر معطيات حول طبيعة الضرائب التي يؤديها هذا الفرد والخدمات التي يستفيد منها والنظام الاجتماعي الذي ينخرط فيه.