ينظم مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية يومه الجمعة وغد السبت .ندوة بالرباط بشراكة مع ومؤسسة فريديريش إيبرت الألمانية في موضوع :»النساء والعمل السياسي» تتضمن أربعة محاور : المحور الاول : شهادات نسائية تسيره الصحفية سناء العاجي و تتدخل فيه * عائشة بلعربي، جامعية، باحثة وناشطة مدنية، وزيرة سابقة * وفاء حجي، جامعية، وناشطة سياسية ومدنية * عائشة لخماس، محامية، برلمانية وناشطة في الحركة النسائية خديجة الزومي، برلمانية وناشطة نقابية وسياسية المحور الثاني : العمل النسائي والانتقال الديمقراطي تسيره حورية أسلامي وتتدخل فيه : * هادية بلحاج يوسف، مؤسسة كوثر، تونس * لطيفة البوحسيني، جامعية، ناشطة في المجتمع المدني * سارة سوجار، ناشطة في المجتمع المدني * أمينة ماء العينين، برلمانية وناشطة سياسية خديجة الرباح، مختصة في قضايا المرأة وناشطة في الحركة النسائية المحور الثالث : المحور الثالث: المرأة ومراكز اتخاذ القرار السياسي (مؤسساتي وحزبي) وتسيره وتسيره نعيمة فرح ويتدخل فيه : * حمد شفيقي، باحث ومختص في مقاربة النوع * مفتيحة سداس، ناشطة سياسية وفي الحركة النسائية * حياة، المشفوع، محامية، ناشطة سياسية ومدنية أمينة لغزال، باحثة، وناشطة سياسية ومدنية المحور الرابع : النساء والعمل السياسي: أية مداخل للنهوض؟ وأية إستراتيجية وتديره نجاة الرازي ويتدخل أثناءه : * سعيد السعدي، جامعي، وزير سابق * نبيلة منيب، جامعية وناشطة سياسية * بثينة القروري، ناشطة في المجتمع المدني أميمة عاشور، ناشطة في الحركة النسائية وقدم المركز الذي يتراسه الاستاذ الحبيب بلكوش بورقة تقديمية جاء فيها : ما انفكت مكانة قضايا المرأة تشكل مقياسا بارزا لتقدم الشعوب وتطورها بشكل عام، كما أن موقع المرأة ومدى مساهمتها في الشأن العام ومدى ما تتمتع به من حقوق يشكل مقياسا لدرجة توازن المجتمع وانتمائه الفعلي إلى المجتمعات الديمقراطية. بل يمكن القول إن تحرر المجتمع وتقدمه وازدهاره وانفتاحه يرتبط وثيق الارتباط بضمان حقوق المرأة. ومما يزيد المسألة أهمية في المغرب أن عدد النساء يفوق 50 في المائة من العدد الإجمالي لساكنة المغرب، كما يغلب عليه الطابع الشبابي، وهو ما شكل أحد أهم الحيثيات التي جعلت من انخراطها الفعلي في الشأن العام أمرا ضروريا وملحا. وقد تمكنت المرأة المغربية من تحقيق مكتسبات هامة في مجالات اجتماعية واقتصادية وقانونية وكذا على المستوى السياسي، وذلك في سياق التحولات التي عرفتها البلاد في إطار مسلسل الانتقال الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب منذ نهاية القرن الماضي، وخاصة مع تنامي حركات نسائية خاضت العديد من المعارك والنضالات على أكثر من مستوى، جعلت حضورها مكثفا في مختلف هيئات المجتمع المدني، كما كانت حاضرة بقوة في النقاشات المفصلية الساعية إلى تحديد معالم هذا الانتقال الديمقراطي. وقبل التطرق إلى مسألة المرأة والسياسة ببلادنا، تجدر الإشارة إلى أن الدستور المغربي لسنة 2011، ينص في تصديره على أن المغرب "يرتكز على مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية"، كما ينص في فصله السادس على أنه "تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية". ويؤكد الفصل التاسع عشر على أنه "يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها". كما يجدر بنا التذكير بأن المغرب صادق على عدد من الاتفاقيات الدولية، من أبرزها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ورفع كل تحفظاته على بعض موادها. علما أنه كان أول بلد عربي يصادق على هذه المدونة. وللتذكير فقد عرفت قضية المرأة بالمغرب، مع مجيء حكومة التناوب سنة 1998، دينامية نوعية مع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، التي تمت بلورتها وفقا لمنهجية جديدة تقوم على مقاربة النوع الاجتماعي. وقد كان لطرح هذه الخطة تأثيرات إيجابية سواء بخصوص المزيد من الوضوح في الرؤى الخاصة للمسألة النسائية أو في ما يتعلق بقوة الترافع لفائدة المساواة في مجال النوع الاجتماعي. إذا كانت الخطة قد مكنت من فتح نقاش مجتمعي على قاعدة استقطابات داخل مختلف الفضاءات الفكرية والسياسية والمدنية، فقد أبرزت مدى الحاجة إلى إرادة سياسية قوية لإدماج إصلاحات جوهرية تمكن من المرأة من التمتع الفعلي بحقوقها على مختلف المستويات وتساهم في البناء الديمقراطي للمجتمع المغربي. وقد تم تتويج هذا المسار بالتحكيم الملكي الذي سيتولد عنه إصدار مدونة الأسرة سنة 2004 التي تعتبر، عن حق، منعطفا هاما وقفزة نوعية في مسار تعزيز حقوق المرأة والطفل بالمغرب، والتي كان لها تأثير في إصلاحات أخرى شملت حق الأم المغربية في منح الجنسية لأبنائها من زوج غير مغربي، كما تم اعتماد الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف والتحرش الجنسي ضد النساء، واستحدثت مراكز استماع وخلايا للنساء المعنفات في المستشفيات ومراكز الشرطة وجمعيات المجتمع المدني... كانت آخر هذه الخطوات تقديم الخطة الحكومية للمساواة "إكرام" في أفق المناصفة (2012/2016)، التي تتضمن ثمانية مجالات و24 هدفًا و157 إجراءً، تتوخى مأسسة مبادئ الإنصاف والمساواة، وإرساء قواعد المناصفة عبر التقائية البرامج والمبادرات لدمج النساء في السياسات العمومية وبرامج التنمية، والتي أثارت بعض الانتقادات من طرف عدد من مكونات الحركة النسائية. وعلى المستوى السياسي، وعلى الرغم من أن أول دستور مغربي لما بعد الاستقلال نص على المساواة بين الجنسين، فقد ظلت المرأة المغربية لفترة طويلة من الزمن مجرد موضوع للسياسة دون أن تكون من الفاعلين في مجرياتها، حيث اقتصرت مشاركتها الفعلية على التصويت فقط. حيث لم تتمكن أية امرأة مغربية من الفوز في الانتخابات التشريعية أو الجماعية لمدة تناهز ثلاثين سنة منذ أول انتخابات عرفها المغرب سنة 1963. ففي سنة 1993 فقط تمكنت مرشحتان من الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال (بديعة الصقلي ولطيفة بناني سميرس) من الفوز بمقعدين بمجلس النواب. وبقي الوضع على حاله في انتخابات 1997. وفي الانتخابات التشريعية لسنة 2002، تم اعتماد نظام الاقتراع باللائحة النسبي، ونظام الحصيص (الكوطا) حيث تم تخصيص 10% من مقاعد مجلس النواب للنساء، الشيء الذي ضمن 30 مقعدا للنساء في هذه الانتخابات، التي عرفت فوز 35 امرأة. وفي انتخابات سنة 2007 عرف حضور النساء الفائزات تراجعا طفيفا بانتخاب 34 امرأة؛ حيث لم تنجح سوى أربع نساء في اللوائح المحلية إلى جانب 30 ضمن اللوائح الوطنية. أما في الانتخابات التشريعية المبكرة لسنة 2011، ونتيجة للتعديلات الدستورية الهامة التي عرفها المغرب تجاوبا مع مطالب الشارع المغربي في إطار ما يعرف بالربيع العربي، تم تخصيص 60 مقعدا عوض 30 مقعدا للنساء إلى جانب 30 مقعدا للشباب أقل من أربعين سنة؛ حيث نص القانون التنظيمي لمجلس النواب على أن هذا الأخير يتألف من 395 عضوا ينتخبون بالاقتراع العام المباشر؛ ويتوزعون على 305 عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية المحلية، و90 عضوا ينتخبون برسم دائرة انتخابية وطنية تحدث على صعيد التراب الوطني. ولتمكين المرأة من المشاركة في تدبير الشأن المحلي والرفع من التمثيلية النسائية بطريقة مباشرة، تم في الانتخابات الجماعية ل 2009 اعتماد مقاربة النوع على مستوى الميثاق الجماعي، وإحداث دوائر إضافية في كل جماعة، حيث تم تخصيص 3260 مقعدا لصالح النساء. وهكذا، أسفرت الانتخابات الجماعية الأخيرة (2009) عن نتائج مهمة تمثلت في فوز 3428 منتخبة، إلا أن هذا التطور لم ينعكس على مستوى انتخاب مكاتب المقاطعات ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجهات وكدا انتخابات الغرف المهنية وممثلي النقابات. وبمناسبة الانتخابات الجماعية والجهوية لرابع شتنبر 2015 أقرّ البرلمان رفع نسبة ترشح النساء في اللوائح الانتخابية الجهوية والمحلية، من 12% إلى 27 %. وهكذا أفرزت نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية 6673 مقعداً نسائياً، وسجل هذا الرقم تطوراً بنسبة الضعف بالمقارنة مع الانتخابات الجماعية لعام 2009. كما شكلت الترشيحات النسائية نسبة 21.94 في المائة من مجموع الترشيحات للانتخابات الجماعية، و38.64 في المائة بالنسبة للانتخابات الجهوية. غير أن نتائج الانتخابات الجهوية في المغرب قلبت التوقعات رأساً على عقب، بعدما تم لم ترشح الأحزاب السياسية الرئيسية أي امرأة لرئاسة مجالس الجهات أو العموديات، حيث فاز اثنا عشر رجلاً من مختلف الأطياف السياسية في البلاد برئاسة كل مجالس الجهات، فيما فازت خمس نساء فقط برئاسة الجماعات. وبذلك خيبت إرادة الأحزاب آمال الحركة النسائية بخصوص إحداث تحقيق تغيير سياسي ملموس، ليس على مستوى القوانين فقط، بل على أرض الواقع. وقد سجلت الولاية التشريعية لسنة 2007 دخول 7 نساء في الحكومة كما تم تعيين سبع سفيرات. ومع مجيء حكومة ما بعد دستور 2011 التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية، تقلص عدد الوزيرات إلى وزير واحدة (وزيرة التضامن )، قبل أن يتم تصحيح الأمر إلى حد ما بعد التعديل الحكومي الذي حدث بعد انسحاب حزب الاستقلال من التحالف الحكومي وتعويضه بالحزب الوطني للأحرار. غير أن هذه المكاسب تظل مكاسب هشة اعتبارا لكون التقدم الحاصل وخاصة في مجال الانتخابات هو نتيجة لتفعيل آلية التمييز الايجابي من خلال تخصيص كوطة للنساء، وذلك على الرغم من أن قانون الأحزاب السياسية ينص في مادته 22 على "أنه يجب على الحزب أن ينص في نظامه الأساسي على نسبة النساء والشباب الواجب إشراكهم في الأجهزة المسيرة للحزب"، بل وأن الأحزاب السياسية قد خصصت فعلا نسبة مهمة في هذه الهيئات. لقد ظل حضور النساء في مواقع صنع القرار، وخاصة منها في المجال السياسي أحد أهم المجالات والفضاءات الأكثر مقاومة لإدماج النساء. غير أن ظاهرة مقاومة ولوج النساء لمواقع صنع القرار لا تنحصر فقط في مجال القرار السياسي، بل إن المقاومة تمتد لتطال كافة الفضاءات الأخرى، سواء منها مجال صنع القرار الاقتصادي أو الإداري رغم احتلال بعض النساء مواقع مهمة على هذا المستوى، غير أن نسبتهن تبقى ضعيفة. فهل يعود ذلك إلى غياب رؤية إستراتيجية واضحة في موضوع المشاركة السياسية للنساء لدى الأحزاب ومختلف الفاعلين السياسيين؟ أم يعود ذلك إلى قلة الأطر النسائية، القادرة على تدبير الشأن العام، داخل الأحزاب السياسية؟ وهل الأمر يعود إلى عدم مأسسة تدابير التمييز الإيجابي وإقرارها بكيفية تصبح ملزمة لكافة الفاعلين في جميع المجالات السياسية والاقتصادية؟ ألم يحن الوقت لتحديد كوطا للمرأة في مختلف هيئات القرار بما في ذلك الحكومة درءا لكل تراجع عن المكتسبات التي حققتها النساء؟ وإلى أي حد يمكن أن تساهم الإجراءات القانونية والتنظيمية والتمييزات الإيجابية في تغيير الثقافة السائدة في المجتمع حول المرأة وقدراتها في مختلف المجالات؟ وستحاول الندوة تناول هذه القضايا من خلال نتائج تقرير إقليمي سيقدمه مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث بتونس، والذي ثم إنجازه بشراكة مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، حول الوضعية في المنطقة العربية التي تسائل العوامل السوسيو اقتصادية والثقافية التي تقف وراء عدم إقبال النساء على الانخراط في العمل السياسي. إن هذا الواقع وما يثيره من تساؤلات ونقاشات هو ما يدفع بمركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية ومؤسسة فريديريش إيبرت الألمانية إلى طرح هذا الموضوع للنقاش من خلال ندوة يحضرها معنيون بالعمل السياسي والنسائي سواء من أطر حزبية وحقوقية وبرلمانية ومن المجتمع المدني للتداول في مسببات هذا الوضع ومخرجاته، وذلك من خلال أربعة محاور تسعى إلى محاولة الجواب على التساؤلات السابقة وغيرها.