تشكل زيارة العمل والصداقة التي يقوم بها جلالة الملك محمد السادس لفرنسا، تجسيدا جديدا لمتانة العلاقات المغربية الفرنسية، ولشراكة استثنائية واعدة. وتعكس زيارة جلالة الملك أيضا، العلاقات الثنائية الممتازة، التي تقوم على شراكة دائمة، تعززها إرادة مشتركة لنسج روابط قوية ومتعددة الأبعاد بين البلدين. وعقب مباحثات مشتركة بقصر الإيليزي، أول أمس الأربعاء،، سجل جلالة الملك والرئيس الفرنسي، بارتياح كبير، الزخم الجديد الذي يطبع العلاقات بين البلدين، وجددا إرادتهما مواصلة مشاوراتهما، خاصة من خلال تعزيز آليات التعاون المنتظم، بشكل يقوي العلاقات بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية في إطار من الاستدامة والتميز. وتندرج هذه الزيارة أيضا في إطار الاتصالات الدائمة، رفيعة المستوى، والتبادل المنتظم للزيارات بين قائدي البلدين، جلالة الملك محمد السادس، والرئيس فرانسوا هولاند. وبالفعل، فقد تضاعفت اللقاءات بين جلالة الملك محمد السادس والرئيس فرانسوا هولاند، منذ فبراير 2015، وهو ما يبرهن بقوة على إرادة قائدي البلدين، في ضخ دينامية جديدة في الشراكة بين البلدين . وقد شكل لقاء فبراير الماضي بباريس بين جلالة الملك والرئيس الفرنسي بداية لدينامية جديدة في العلاقات الثنائية، ومكنت من النهوض بشكل أكبر بالتعاون الموثوق والطموح بين الرباطوباريس. وأعقب لقاء القمة هذا، زيارة عمل وصداقة للرئيس الفرنسي في شتنبر الماضي إلى طنجة، توخت مواصلة تعميق العلاقات الفرنسية المغربية الممتازة والكثيفة في عدد من الميادين. وهكذا، تميزت زيارة العمل والصداقة التي يقوم بها جلالة الملك محمد السادس لفرنسا، بمواصلة الرباطوباريس جهودهما، في إطار روح نداء طنجة في 20 شتنبر 2015، ومن أجل عمل تضامني وقوي لفائدة المناخ، بغية وضع خارطة طريق مشتركة من شأنها الحفاظ على التعبئة، وتعزيز التنسيق بهدف مصادقة جميع الدول الأعضاء، على اتفاق باريس وضمان نجاح قمة (الكوب 22)، التي ستنعقد في مراكش ما بين 7 و18 نونبر المقبل. كما شكلت مباحثات جلالة الملك والرئيس الفرنسي أيضا مناسبة تطرق فيها الجانبان إلى القضايا الإقليمية ،وخاصة، الملف الليبي الذي يطرح تحديات كبرى على الأمن بالمنطقة المغاربية وغرب المتوسط. وأشاد الرئيس الفرنسي بالدور الأساسي للمغرب في المسلسل الذي تم إطلاقه تحت إشراف الأممالمتحدة والذي توج باتفاق الصخيرات لتشكيل حكومة وحدة وطنية. ودعا قائدا البلدين مجلس النواب الليبي إلى الإسراع في منح ثقته لهذه الحكومة الجديدة قصد رفع التحديات العديدة المطروحة بليبيا والمنطقة. وعلى المستوى الثنائي، أشاد قائدا البلدين بالتقدم الجيد للأوراش التي تم إطلاقها، خاصة، في المجال الاقتصادي والثقافي. كما عبرا عن ارتياحهما للتعاون الوثيق في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، وبحثا مجالات جديدة للتعاون المعزز، خاصة في مجال الأمن ومحاربة التطرف، والثقافة، والعيش المشترك والتعاون الثلاثي الأطراف في إفريقيا. وعقب هذه المحادثات، قام جلالة الملك ورئيس الجمهورية الفرنسية بزيارة إلى معهد العالم العربي بدعوة من رئيسه جاك لانغ، حيث قدم لهما مشروع المركز الثقافي المغربي بباريس. وشكلت هذه الزيارة فرصة لتقديم مشروع بناء المركز الثقافي المغربي لجلالة الملك وللرئيس الفرنسي والذي سيتم إنشاؤه قريبا في باريس. وسيشكل هذا المركز الثقافي واجهة حقيقية للثقافة المغربية في تنوعها، وسيساهم في التعريف بتراث وتقاليد المملكة، كما أنه سوف يساعد على التعريف في فرنسا، بالمشهد الفني المغربي المعاصر في إطار روح الشراكة بين المؤسسات الثقافية المغربية والفرنسية. بالإضافة إلى أن المركز الثقافي المغربي بباريس سيساهم أيضا في تقوية الروابط بين الجالية المغربية بفرنسا وبلدها الأصلي. وسيتم بناء هذا المركز فوق قطعة أرض تبلغ مساحتها 320 متر مربع وهي في ملكية المغرب، وتقع في شارع سان ميشال ( رقم 115)، وهو المقر السابق لرابطة الطلاب المسلمين في شمال أفريقيا. وقد تم تصميم هذا المشروع على أساس عمارة معاصرة، على مساحة 1360 متر مربع، وذلك تماشيا مع طموح لجعله مقرا للاجتماع والحوار بين الثقافات وسيكلف المشروع غلافا ماليا يبلغ سبعة ملايين أورو، فيما تمتد مدة الدراسة وتنفيذ المشروع 24 شهرا. وبمعهد العالم العربي، ترأس جلالة الملك محمد السادس ورئيس الجمهورية الفرنسية، حفل التوقيع على اتفاقية بين مديرية الوثائق الملكية ومتحف وسام التحرير، تتعلق بتنظيم معرض حول المغرب بمناسبة تخليده الذكرى 60 للاستقلال وذلك في أكتوبر المقبل بمجمع «ليزانفاليد» وسيشكل هذا الحدث، بعد تنظيم المعرضين الناجحين «المغرب في القرون الوسطى» و«المغرب المعاصر»، فرصة أخرى لإبراز الطابع المتفرد للعلاقة بين فرنسا والمغرب، التي توطدت طيلة تاريخ غني مشترك، كما سيعرّف بالأوراش الكبرى المفتوحة في المغرب. إثر ذلك، قام جلالة الملك بزيارة للمعرض المخصص ل «أسطورة أوزيريس» الذي يعرض لأول مرة أزيد من 250 قطعة وعملا من التراث العالمي، التي كانت مدفونة في قاع المياه منذ العصور القديمة، بالإضافة إلى أربعين تحفة من متاحف القاهرة والإسكندرية.