مع عودة العاملين والموظفين في الهيئات والمؤسسات الحكومية وغيرها إلى العمل، بدأت مظاهر الحياة الطبيعية تعود إلى الشارع المصري مع استئناف البنوك العمل يوم الأحد وسط تأكيدات البنك المركزي بضمان جميع ودائع المودعين فى كافة البنوك «سواء بالدولار أو الجنيه المصري أو أي عملة أخرى» . وأكد الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى أن البنوك لديها سيولة كبيرة فيما تم توجيه خمسة مليارات جنيه من البنك المركزي إلى البنوك في مختلف أنحاء مصر التي تم تقسيمها إلى تسع مناطق. وأوضح العقدة في تصريح للتلفزيون المصري أن طائرات تابعة للقوات المسلحة قامت بنقل تلك الأموال إلى البنوك، مبينا أن 29 بنكا من بين 39 بنكا تعمل في مصر ستبدأ ( الأحد ) في مزاولة نشاطها وفقا لقرار للبنك المركزي، مشيراً إلى أنه سيسمح للافراد بسحب ودائع بحد اقصى 50 ألف جنيه مصري و10 آلاف دولار أما ما يتعلق بالتحويلات فليس عليها أي قيود ولا حد أقصى. ونفى الدكتور العقدة في الوقت نفسه قيام أي من الشركات أو رجال الأعمال بسحب كميات كبيرة من أموالهم من البنوك إلى الخارج قبل أو اثناء الأحداث التي تمر بها مصر التي وصفها بأنها «أزمة سياسية» إلا أن تأثيراتها على الاقتصاد المصري لن تكون كبيرة. وحول تأثير تلك الأحداث، أوضح محافظ البنك المركزي أن تأثيراتها ستكون على قطاع السياحة الذي فقد ما يقرب من مليار ونصف المليار دولار بعد خروج نحو مليون ومائتي ألف سائح كانوا متواجدين في مصر، مشيراً إلى أن تأثير الازمة امتد كذلك إلى الاستثمارات الاجنبية ودخل قناة السويس والبورصة وأذون الخزانة ، وهو ما يطلق عليه أنها أموال ساخنة. وأكد العقدة أن الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي المصري يبلغ 36 مليار دولار بما يكفي لتوفير احتياجات البلاد من السلع والواردات لمدة تسعة اشهر ونصف الشهر، مشدداً على أنه ليس هناك أي عودة للسوق السوداء للعملة وأن لدى كافة البنوك أوامر مشددة بتلبية كافة الطلبات للعملة سواء المحلية أو الأجنبية. في ما يتعلق بعمل البورصة المصرية، قال الدكتور خالد سري صيام، رئيس البورصة إن البورصة ستنتظر ضمان انتظام عمل البنوك لعدد من الأيام حتى يتسنى لها معاودة عملها، إضافة إلى ضمان عمل خدمات الإنترنت بشكل كامل. وأشار إلى أنه سيسبق معاودة عمل البورصة الإعلان عن عدد من الإجراءات الاستثنائية التى تهدف إلى تدعيم أداء البورصة والتي يجري التشاور بشأنها حاليا مع الجهات العاملة في السوق. ويذكر أن البورصة المصرية فقدت أسهمها منذ بداية بوادر الأزمة في الظهور ما يقرب من 90 مليار جنيه، حيث انخفضت القيمة السوقية للأسهم المصرية من 504 مليار جنيه إلى 420 مليار جنيه. ..310 ملايين دولار يومياً كخسائر وحول الأضرار الاقتصادية التي مُنيت بها مصر خلال الفترة الماضية، أكد تقرير أصدره «كريدي أجريكول سي. إي. بي»، أن الأزمة المصرية الراهنة تكلف البلاد ما لا يقل عن 310 ملايين دولار يومياً، وأن قطاع السياحة سيكون أكثر قطاعات الاقتصاد تضررا جراء الأزمة. وقال سمير رضوان، وزير المالية المصري في وقت سابق: «إن البلاد تكبدت خسائر اقتصادية فادحة خلال الاحتجاجات السياسية، لكن الحكومة ملتزمة بالوفاء بالتزاماتها المالية». قطاع السياحة الأكثر تضررا وتوقع التقرير أن يكون قطاع السياحة أول القطاعات المتضررة، وقال: إنه خلال الأزمة الجارية غادر نحو مليون سائح البلاد بالفعل في ذروة الموسم السياحي في مصر. ووفقا للتقرير: «سجلت السياحة 6% من الناتج المحلي الاجمالي في 2010، وتستحوذ على وظيفة بين كل ثماني وظائف في مصر». وتوقع التقرير أن تتراجع عائدات السياحة إلى أقل من 5.5 مليار دولار لتصل إلى مستويات ما قبل عام 2004، وهو العام الذي شهد بدايات تحرير الاقتصاد المصري عبر إصلاحات اقتصادية بقيادة الحكومة السابقة التي ضمت عددا من رجال الأعمال. وأوضح خبراء أن تلك الخسارة الفادحة جاءت في جميع المجالات سواء في سوق الأوراق المالية وارتفاع تكلفة السندات المصرية وغيرها من الخسائر المتوقع زيادتها في الأيام المقبلة أو في مجال السياحة بسبب مغادرة السياح مصر. وأضافوا أن إجمالي إيرادات مصر من قطاع السياحة المصرية 15 مليار دولار خلال العام الماضي بما يمثل 11% من الناتج المحلي بعد دخول 16 مليون سائح، متوقعين تراجع تلك الحصيلة لأكثر من 57 بالمئة، وذلك بعد التنبيهات التي صدرت من جميع الدول الأوروبية والولايات المتحدةالأمريكية لمواطنيها بسرعة مغادرة الأراضي المصرية. وذكر الخبراء أن هذه الخسائر الفادحة جاءت في الوقت الذي تراجع فيه الجنيه المصري إلى أدنى مستوياته منذ ما يزيد عن ست سنوات أمام الدولار الأمريكي مما يضع الاقتصاد المصري أمام كارثة أخرى. وأعلنت شركة «مصر للطيران» أنها سيّرت أول أمس نحو 62 رحلة طيران داخلية وخارجية، منها 15 رحلة إلى الدول العربية و17 إلى الدول الأوروبية ورحلة واحدة إلى نيويورك بمجموع 33 رحلة خارجية، إضافة إلى 29 رحلة داخلية. خسائر قطاع النقل وكشف تقرير اقتصادي أن حصيلة خسائر قطاعات النقل المصرية ارتفعت إلى 15 مليون جنيه يومياً وذلك جراء الأحداث الجارية . وأشار التقرير إلى ان الخسائر اليومية لمترو الأنفاق تبلغ مليون جنيه، أما خسائر السكك الحديدية فتبلغ 4 ملايين جنيه يوميا ، فيما تبلغ خسائر الموانئ المصرية 10 ملايين جنيه يوميا. وفي اطار تشكيل الحكومة المصرية الجديدة كما طالب المتظاهرين، أكد وزير المالية المصرى الجديد أنه تم الاربعاء الإفراج الجمركي عن نحو 65 ألف طن قمح ورسالة من الجمال الحية وأخرى من العجول الحية والتي تبلغ قيمتها 11 مليون جنيه و 100 طن من اللحوم والأسماك المجمدة، بجانب 5 آلاف طن من الأعلاف، وذلك في إطار حزمة الإجراءات والقرارات التي اتخذتها وزارة المالية لضمان توافر السلع الغذائية الأساسية والمهمة في الأسواق خاصة ما يتعلق بقرار تأجيل السداد النقدي للرسوم الجمركية والضرائب المستحقة على الواردات. وبالنسبة لموقف الصادرات المصرية، أوضح الدكتور سمير رضوان اهتمام الوزارة بتقديم كل التيسيرات لاستمرار عمليات شحن الصادرات، حيث تم الثلاثاء تصدير نحو 90 طنا من الفواكه والخضراوات. وأشار رضوان إلى أن هناك نحو 3.5 مليون صاحب معاش ومستحق عنهم يصرفون معاشاتهم الكترونيا وهم مجموع الذين يصرفون معاشاتهم من خلال مكاتب الهيئة القومية للتأمين والمعاشات، وهؤلاء استفادوا من التيسيرات التي قررتها وزارة المالية بالتعاون مع البنك المركزي، حيث بدأوا بالفعل في صرف قيمة معاشاتهم من خلال الكروت الالكترونية على مستوى المحافظات عبر ماكينات الصراف الآلي التابعة لبنوك الأهلي ومصر والقاهرة والإسكان والتعمير والتي يبلغ عددها 942 ماكينة والتي سجلت نحو 26 ألف عملية صرف تجاوزت قيمتها الإجمالية 12 مليون جنيه. ومن جانبهم، أجمع عدد من الخبراء الاقتصاديين أن الاقتصاد المصري سيتكبد مليارات الجنيهات حال استمرار التوترات السياسية في مصر. وعلى الصعيد الدولي، أعلن دومينيك ستروس كان، مدير عام صندوق النقد الدولي أن الصندوق مستعد لمساعدة مصر على إعادة بناء اقتصادها ودعا الحكومات إلى ردم الهوة بين البطالة والفروق في المداخيل أو مواجهة خطر حرب. وقال ستروس كان إن ارتفاع اسعار المواد الغذائية «يمكن أن يؤدي إلى نتائج مدمرة» على الشعب الأكثر فقراً محذراً من النمو الاقتصادي السريع لآسيا. وأكد مدير عام الصندوق في كلمة في سنغافورة أن صندوق النقد الدولي مستعد لوضع شكل السياسة الاقتصادية التي يمكن اتباعها، مشيراً إلى أن البطالة وتزايد الهوة بين المداخيل كانت «من الأسباب الكامنة للاضطرابات السياسية في تونس وتصاعد الغضب الاجتماعي في دول أخرى». وذكر ستروس كان أنه مع تصاعد التوتر بين الدول نشهد تصاعداً للحمائية في التجارة والمال.