تفاجأت العديد من أسر الجنود التي تقطن بشارع عمر الخيام، «مجمع الكولونيل البكاي»، والتي تعيش ببيوت عشوائية داخل «هنكار» كان معدا لبعض الصناعات الضخمة، حين تم استدعاؤها ومطالبتها بالتوقيع على وثيقة إفراغها من المكان الذي يأويها، علما بأن منها من قضى بهذا المكان ما بين 32 إلى 14 سنة ، وذلك دون الحديث عن أي تعويض! وهو ما رفضته هذه الأسر، متسائلة عن أسباب استثنائها من التعويض، خصوصا أن جنودا من جيرانهم في السكن تم تعويضهم حين منحوهم بقعا أرضية بمنطقة الرحمة (أسرتان في بقعة واحدة). وقد اتصلت زوجات هؤلاء الجنود بالجريدة، التي انتقلت إلى عين المكان، ووقفت على الظروف المأساوية التي تعيش وسطها هذه الأسر داخل هذا «الهنكار» الذي يضم 12 أسرة لم تستفد من أي تعويض من صندوق الإيداع والتدبير وشركة الإسكان العقارية، حسب تصريحات بعض الزوجات، بينما استفادت 7 أسر بنفس الهنكار من بقع أرضية، ومنها ما هدم بيتها ومنها من لاتزال تنتظر تسوية بعض الأمور لتبادر الشركة إلى هدم كل بيت أخلي من أصحابه. وقد وقفت الجريدة على عدة بيوت أصبحت ركاما من الحجارة بعد عملية الهدم، وهي بيوت شيدت في ممرات ضيقة، منها ما هو موجود في دهليز «الهنكار» وأخرى على الأرض بينما العديد من البيوت معلقة تظهر للعيان بالطابق الأول، لا يتعدى عرض كل مسكن أمتارا معدودة، أسقفها كلها من القصدير، ومنها ما سُقف بغطاء من الثوب يحجبها عن سقف الهنكار، وهي تلك الموجودة في الطابق الأول، كل هذه البيوت تعاني من تسرب مياه الأمطار عبر الجدران الأصلية للمكان والتي تآكلت بحكم السنين، إلى جانب تسرب مياه الامطار عبر سقف الهنكار وممرات الخيوط الكهربائية، الشيء الذي جعل آثار تلك المياه بادية للعيان، تتسبب في رطوبة دائمة جعلت العديد من أفراد هذه الأسر ، خاصة الاطفال والمسنين، معرضين لأمراض متنوعة وجد خطيرة تستوجب المغادرة الفورية لهذا المكان، «لكن اليد قصيرة والعين بصيرة»، تقول بعض المستجوبات، زيادة على ما يتطلبه التطبيب من ميزانية جد مكلفة وهو ما لا يتوفر عند جل هذه الأسر. بعض الزوجات أكدن للجريدة أن مجموعة من النساء خرجن للعمل لمساعدة الأسرة على متطلبات الحياة، وأكدت إحداهن بالحرف (كنخرجوا نضربوا الجفّاف ف الديور باش نتقادوا شوية مع الوقت)! إن العديد من الأطفال بهذه المساكن يعيشون في وضعية جد صعبة، خصوصا المتمدرسين منهم، والذين يجدون صعوبة في مراجعة دروسهم وإنجاز تمارينهم جراء كثرة الرطوبة حيث لا تتوفر هذه البيوت على الحد الأدنى الملائم للحياة الكريمة. وأكدت إحدى الأمهات أنها تتوفر على ابنتين معاقتين تستوجب رعايتهما مصاريف يومية باهظة مع التوفر على سكن لائق ومراقبة مستمرة، وهو ما لا يمكن توفيره في هذه الظروف العسيرة بهذا الهنكار. الزوجات المتضررات، يلتمسن من المسؤولين المعنيين، استحضار الخدمات التي قدمها أزواجهم (الجنود)، والعمل على مساعدتهم في الحصول على بقع أرضية بمنطقة الرحمة، شأنهم في ذلك شأن زملائهم الذين استفادوا ورحلوا وهم على أبواب التقاعد، إذ أنه ليس لهم «مكان» يأويهم إذا ما طردوا من مساكنهم، كما أكدت العديد منهن أنهن مستعدات للقيام بجميع أنواع الاحتجاجات السلمية والقانونية لإسماع أصواتهن في أفق إنصاف هذه العائلات.