من المؤكد أن حملة نشر الفكر الخرافي ستتضاعف لتحقيق أهداف إيديولوجية وسياسية، من بينها حكاية الهزات الأرضية التي سجلت في شمال المغرب، وخاصة في الريف، والتي استغلها دعاة ظلاميون ليدّعوا خارج كل منطق علمي، أنها إنذار ضد ارتكاب «الموبقات». ليست هذه المرة الأولى التي يربط بها مثل هؤلاء، بين الكوارث الطبيعية وبين ما يصفونه بالفساد في الأرض، حيث يعتبرون أن الزلازل والبراكين وغيرها من ظواهر الطبيعة مثل الجفاف، عقابا من السماء، كما يعتبرون أن الخصب وتساقط الأمطار، «بركة»، مثلما صرح بذلك رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، في منتدى الجزيرة، في ماي 2015، الذي اعتبر أن التساقطات المطرية في المغرب، «مساعدة من الله» لحكومته. مثل هذا المنطق ليس جديدا على البشرية، فقد كان الكهان ورجال الدين، في مختلف المجتمعات، يستعملون هذه الخرافات حول غضب السماء، لترهيب الناس وتخويفهم من «الشر»، ودعوتهم للامتثال لسلطتهم الدينية والدنيوية، بل لا يكاد يخلو أي مجتمع عبر التاريخ، من حكاية «علامات الساعة»، ونهاية العالم. غير أن الجديد في الخرافات التي يتم الترويج لها حاليا، أنها تتفنن في التبرير، حيث لا تنكر العلم في تحليل الكوارث الطبيعية، لكن هذا لا يثنيها عن ربطها بالغضب السماوي، حيث يجد هذا المنهج تبريرا لكل شيء، فإذا جادت الطبيعة فإن ذلك هدية إلهية، وإذا غضبت، على نفس القوم، فإن ذلك بسبب فسادهم، وهكذا... غير أن المثير في الأمر، هو ما نشرته المواقع الرقمية للأصوليين، التي اعتبرت أن عزل إمام مسجد سلا، يحيى المدغري، الذي اعتبر الهزات الأرضية التي هددت الريف، نتيجة حتمية لارتكاب الموبقات في هذه المنطقة، تدخل في إطار حرب بين العلمانيين والإسلاميين، في محاولة لممارسة الضغط على وزارة الأوقاف، المتهمة بتحيزها ضد الإسلام. من المعلوم أن الأمر يتعلق بحملة سياسية، تتخذ لبوسا إيديولوجية، باسم الدين، هدفها الرئيسي، كما تَعوّد الكهنة ورجال الدين، ترويج منظورهم الخرافي للعالم، ليس لأنهم مقتنعون به، بل لتضليل البسطاء، كما فعل بنكيران، خلال حضوره الجلسة الشهرية للأسئلة الشفهية، يوم الثلاثاء الأخير، حيث قال إن نزول المطر مرتبط باستقامة العباد و رضى الله عنهم، بينما قال في السنة الفلاحية 2015، التي تهاطلت فيها الأمطار بغزارة، إن الأمر يتعلق بهدية إلهية لحكومته. فماذا تغير؟