بمظاهر الاعتزاز والإكبار، وفي أجواء التعبئة الوطنية العامة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير يوم الإثنين 11 يناير 2016، ذكرى من أغلى وأعز الذكريات المجيدة في ملحمة الكفاح الوطني من اجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية والسيادة الوطنية، والتي تحتفظ بها الذاكرة الوطنية وتستحضر الناشئة والأجيال الجديدة دلالاتها ومعانيها العميقة وأبعادها الوطنية التي جسدت سمو الوعي الوطني وقوة التحام العرش بالشعب دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية واستشرافا لآفاق المستقبل. إنها ذكرى الحدث التاريخي البارز والراسخ في ذاكرة كل المغاربة المتمثل في تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، والتي يحتفي بها المغاربة وفاء وبرورا برجالات الوطنية والمقاومة والتحرير، وتمجيدا للبطولات العظيمة التي صنعها أبناء هذا الوطن بروح وطنية عالية وإيمان صادق وواثق بعدالة قضيتهم في تحرير الوطن، مضحين بالغالي والنفيس في سبيل الخلاص من نير الاستعمار وصون العزة والكرامة. لقد وقف المغرب عبر تاريخه العريق بعزم وإصرار وتحد في مواجهة اطماع الطامعين مدافعا عن وجوده ومقوماته وهويته ووحدته، ولم يدخر جهدا في سبيل صيانة وحدته وتحمل جسيم التضحيات في مواجهة الاستعمار الذي جثم بكل قواه على التراب الوطني منذ بدايات القرن الماضي، فقسم البلاد إلى مناطق نفوذ توزعت بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الإسبانية بالشمال والجنوب، فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي. هذا الوضع المتسم بالتجزئة والتفتيت والتقسيم للتراب الوطني، هو ما جعل مهمة التحرير الوطني صعبة وعسيرة بذل العرش والشعب في سبيلها جسيم التضحيات في سياق كفاح متواصل طويل الأمد ومتعدد الأشكال والصيغ لتحقيق الحرية والانعتاق من ربقة الاستعمار في تعدد ألوانه وصوره. فمن الانتفاضات الشعبية إلى خوض المعارك الضارية بالأطلس المتوسط وبالشمال والجنوب، إلى مراحل النضال السياسي كمناهضة ما سمي بالظهير الاستعماري التمييزي في 16 ماي سنة 1930، وتقديم مطالب الشعب المغربي الإصلاحية والمستعجلة في 1934 و1936، فتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير سنة 1944. وعبر هذه المراحل التاريخية، عمل أب الأمة وبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه على إذكاء جذوتها وبلورة توجهاتها وأهدافها منذ توليه عرش أسلافه المنعمين يوم 18 نونبر 1927، حيث جسد الملك المجاهد رمز المقاومة والفداء قناعة شعبه في التحرير وإرادته في الاستقلال، معبرا في خطاباته التاريخية عن مطالب الشعب المغربي في الحرية والاستقلال وتمسك المغرب بمقوماته وثوابته الأصيلة والأثيلة، متحديا كل محاولات طمس الهوية الوطنية والشخصية المغربية. لقد تواصلت مسيرة الكفاح الوطني بقيادة جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه الذي اغتنم فرصة انعقاد مؤتمر آنفا التاريخي في شهر يناير 1943 لطرح قضية استقلال المغرب وإنهاء نظام الحماية، مذكرا بالجهود والمساعي الحثيثة التي بذلها المغرب من أجل مساندة الحلفاء في حربهم ضد النازية وفي سبيل تحرير أوروبا، وهذا ما أيده الرئيس الأمريكي آنذاك «فرانكلان روزفلت» الذي اعتبر أن طموح المغرب لنيل استقلاله واستعادة حريته طموح معقول ومشروع. وانسجاما مع مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، حدث تحول نوعي في طبيعة ومضامين المطالب المغربية بحيث انتقلت من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال. وكانت لهذا الانتقال انعكاسات على مسار العلاقات بين سلطات الحماية الفرنسية والحركة الوطنية التي كان بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه رائدا لها وموجها وملهما لمسارها بإيمان عميق وعزيمة راسخة وثبات على المبادئ والخيارات الوطنية. في هذا السياق، تكثفت الاتصالات واللقاءات بين القصر الملكي وصفوة طلائع المناضلين والوطنيين الأشاوس، وبرزت في الأفق فكرة تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال بإيحاء من جلالة المغفور له محمد الخامس، ثم شرع الوطنيون في إعداد الوثيقة التاريخية بتنسيق محكم مع جلالته وتوافق على مضمونها. فكان طيب الله مثواه يشير عليهم بما تمليه حنكته السياسية من أفكار وتوجهات كفيلة بإغناء الوثيقة التاريخية والحرص على تمثيلها لكافة الفئات والشرائح الاجتماعية ومكونات الخريطة السياسية والجغرافية للمغرب، حيث تم تقديمها بعد صياغتها النهائية إلى الإقامة العامة فيما سلمت نسخ منها للمصالح القنصلية للولايات المتحدةالأمريكية وبريطانيا، كما أرسلت نسخة منها إلى ممثلية الاتحاد السوفياتي آنذاك. وقد تضمنت وثيقة المطالبة بالاستقلال جملة من المطالب السياسية والمهام النضالية: 1- ما يتعلق بالسياسة العامة: - استقلال المغرب تحت قيادة ملك البلاد الشرعي سيدي محمد بن يوسف. - السعي لدى الدول التي يهمها الأمر لضمان هذا الاستقلال. - انضمام المغرب للدول الموافقة على وثيقة الاطلنطي (الأطلسي) والمشاركة في مؤتمر الصلح. 2- ما يتعلق بالسياسة الداخلية: - الرعاية الملكية لحركة الإصلاح وإحداث نظام سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية والإسلامية بالشرق تحفظ فيه حقوق وواجبات كافة فئات وشرائح الشعب المغربي. لقد كانت وثيقة المطالبة بالاستقلال في سياقها التاريخي والظرفية التي صدرت فيها، ثورة وطنية بكل المعاني والمقاييس عكست وعي المغاربة ونضجهم وأعطت الدليل والبرهان على قدرتهم وإرادتهم للدفاع عن حقوقهم المشروعة وتقرير مصيرهم وتدبير شؤونهم بأنفسهم وعدم رضوخهم لإرادة المستعمر وإصرارهم على مواصلة مسيرة النضال التي تواصلت فصولها بعزم وتحد في مواجهة النفوذ الأجنبي إلى أن تحقق النصر المبين بفضل ملحمة العرش والشعب المجيدة. وإن أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير لتغتنم هذه المناسبة الوطنية الغراء لتجدد ولاءها وإخلاصها للعرش العلوي المجيد، وتؤكد استعدادها الكامل وتعبئتها الشاملة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله من أجل الدفاع عن وحدتنا الترابية، وتثبيت السيادة الوطنية على أقاليمنا الجنوبية المسترجعة، كما تعرب عن دعمها اللامشروط للمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع لهذه الأقاليم باعتبار هذا المشروع ينسجم مع الشرعية الدولية ويحظى بدعم المنتظم الأممي، ويعتبره المراقبون والمحللون الدوليون آلية ديمقراطية لإنهاء النزاع المفتعل بالمنطقة المغاربية الذي ما فتئ خصوم وحدتنا الترابية يناورون من أجل تأييده ضدا على الحقائق التاريخية التي تشهد على أن الصحراء مغربية وستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين. كما تثمن وتبارك مضامين الخطاب التاريخي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره لله بمناسبة الذكرى 40 للمسيرة الخضراء المظفرة ليوم 6 نونبر 2015 الذي وجهه جلالته من مدينة العيون، ويعتبر خارطة طريق لتنزيل النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية. كما كان صريحا وقاطعا فيما يتعلق بالموقف المغربي من حل النزاع المفتعل بالصحراء المغربية، ،مشددا على أن خيار الحكم الذاتي هو أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب حيث يقول جلالته: «وبإقدامه على تطبيق الجهوية، والنموذج التنموي، فإن المغرب يريد أن يعطي حظوظا أوفر، لإيجاد حل نهائي، للنزاع المفتعل حول وحدتنا الترابية. وإيمانا بعدالة قضيته، فقد استجاب المغرب، سنة 2007، لنداء المجموعة الدولية، بتقديم مقترحات، للخروج من النفق المسدود، الذي وصلت إليه القضية. وهكذا، قدمنا مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، التي شهد المجتمع الدولي، بجديتها ومصداقيتها. وكما قلت في خطاب المسيرة الخضراء، للسنة الماضية، فإن هذه المبادرة هي أقصى ما يمكن للمغرب أن يقدمه. كما أن تطبيقها يبقى رهينا، بالتوصل إلى حل سياسي نهائي، في إطار الأممالمتحدة. فمخطئ من ينتظر من المغرب، أن يقدم أي تنازل آخر. لأن المغرب أعطى كل شيء. أعطى من أرواح أبنائه، دفاعا عن الصحراء. فهل يجب علينا أن نقدم المزيد، كما تريد بعض المنظمات الدولية، وغير الحكومية إننا نعرف خلفيات هذه المواقف المعادية، التي تريد تقسيم البلاد. ونعرف أنه ليس من حقها التدخل في شؤون المغرب». وفي هذا السياق يضيف جلالته نصره لله قائلا: «وبنفس الصرامة والحزم، سيواجه المغرب كل المحاولات، التي تستهدف التشكيك، في الوضع القانوني للصحراء المغربية، أو في ممارسة سلطاته كاملة على أرضه، في أقاليمه الجنوبية، كما في الشمال. وهو ما يقتضي من الجميع مضاعفة الجهود، ومواصلة اليقظة والتعبئة، للتعريف بعدالة قضيتنا، وبالتقدم الذي تعرفه بلادنا، والتصدي لمناورات الخصوم». المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تنعى المقاوم المرحوم أحمد بن قليلو بمشاعر الخشوع والرهبة والإيمان بقضاء لله وقدره، ودعت أسرة الحركة الوطنية والمقاومة والتحرير المقاوم المرحوم أحمد بن قليلو الذي لبى داعي ربه، وانتقل من دار الفناء إلى دار الخلد والبقاء، راضيا مرضيا يحفه الثناء والذكر الحسن والدعاء يوم الأحد 20 ربيع الثاني 1437 موافق 31 يناير 2016 بمدينة الرباط. ازداد المقاوم المرحوم أحمد بن قليلو سنة 1932 بمدينة تازة، وانخرط مبكرا في حقل الوطنية والمقاومة، إذ اضطلع بأدوار رائدة وطلائعية إلى جانب رفاقه عمرو عطاوي وعباس الأزموري (المرابط) وعبد الفتاح سباطة ومحمد الجوهري في حقل المقاومة والتحرير، حيث أسسوا خلايا للفداء وسهروا على تدريب المنخرطين وتوجيههم وشراء الأسلحة خاصة من بعض التجار الوافدين من شمال المغرب. وقد سطرت المجموعة المؤسسة للخلايا الفدائية مجموعة من الأهداف للضغط على السلطات الاستعمارية وتكبيدها خسائر فادحة عبر ضرب مصالحها ومراكزها أينما وجدت، وكذلك من خلال تصفية المتعاونين معها حيث شهدت الفترة الممتدة ما بين أكتوبر ودجنبر 1953 تنفيذ عدد من العمليات الفدائية من بينها وضع قنبلة بمقر جريدة الصدى «l'Echo» وأخرى بسينما «العنبرة»، وملاحقة متعاونين بحي العكاري. وبعد انكشاف أمر أفراد خلية عدوتي الرباط وسلا، ذاق أحمد بن قليلو شتى أنواع التنكيل والتعذيب بمخافر الشرطة الفرنسية. وقدم للمحكمة العليا بتاريخ 12 أبريل 1954 وحكم عليه بالاعدام بتهمة الانخراط في «منظمة إرهابية»، والمشاركة في تصفية مجموعة من المتعاونين مع الادارة الاستعمارية، وأودع بالسجن الفلاحي العاذر قرب مدينة الجديدة. ومكث هناك إلى حين عودة جلالة المغفور له محمد الخامس وأسرته الملكية من المنفى إلى أرض الوطن، فأمر بإطلاق سراح جميع المقاومين المعتقلين بسجون الاحتلال. لقد كان المشمول بعفو لله وكرمه المقاوم المرحوم أحمد بن قليلو طوال مسيرته الحياتية والوطنية الماجدة، نموذجا ومثالا وأسوة حسنة للمقاوم الفذ المتشبع بالانتماء الوطني والمدافع عن تاريخ وطنه ومجده وعزه، ووطنيا غيورا ملتزما بالقسم والعهد المقدس الذي قطعه على نفسه لمواصلة النضال والفداء والتضحية، مجسدا فضائل الأعمال ومكارمها. كما استطاع الفقيد المبرور بفضل تضحياته الجسام وبطولاته الماجدة وأعماله الوطنية الجليلة وخصاله وشمائله وسجاياه الحسنة، أن يبصم تاريخ الكفاح الوطني في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة، فتبوأ بذلك مكانة علية ودرجة رفيعة في شاهق سجل الوطنية المغربية. وفي هذا الظرف الحزين، يتقدم السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بعبارات أحر التعازي وأصدق المواساة لعائلة الفقيد الصغيرة وعائلته الكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، ضارعا إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان، وأن يتغمد الراحل العزيز بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب وحسن المآب، وأن ينزله منزل صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا. «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي» صدق لله العظيم. إنا لله وإنا إليه راجعون والمقاوم المرحوم محمد بن علال اسفيرن بمشاعر مكلومة، ملؤها الخشوع والإجلال، ودعت أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير المقاوم المرحوم محمد بن علال اسفيرن الذي لبي داعي ربه راضيا مرضيا صباح يوم الأربعاء 9 ربيع الثاني 1437 موافق 20 يناير 2016 بمدينة الدارالبيضاء. ازداد المقاوم المرحوم محمد بن علال اسفيرن سنة 1931 بالعونات، وانخرط في رياض العمل الوطني مبكرا حيث انضم إلى صفوف المقاومة السرية بمدينة الدارالبيضاء ضمن تشكيلة الشهيد محمد صدقي. وتجمع كل الشهادات على مشاركته الوازنة في صفوف المقاومة السرية وفي العديد من العمليات الفدائية التي شهدتها سائر أرجاء مدينة الدارالبيضاء. لقد خلف الفقيد المبرور المقاوم المرحوم محمد بن علال اسفيرن وهو يخوض غمار معركة الحرية والاستقلال سيرة عطرة وعملا محمودا، فتبوأ موقعا متقدما في الساحة النضالية، ومكانة مرموقة وعلية بين رفاقه قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، متشبعا بالمبادئ الوطنية والمثل العليا الإنسانية النبيلة ومكارم الأخلاق خدمة للمقدسات الدينية والثوابت الوطنية. كما سيظل مثالا حيا وطرازا فريدا يحتذى به في الثبات والإقدام والوفاء والشهامة والفداء، وهو يؤدي واجبه الوطني مقتديا بنهج المجاهدين الأتقياء في خدمة وطنهم وتعلقهم بأهداب العرش العلوي المنيف. وفي هذا الظرف الحزين، يتقدم السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بعبارات أحر التعازي وأصدق المواساة لعائلة الفقيد الصغيرة وعائلته الكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، ضارعا إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان، وأن يتغمد الراحل العزيز بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب وحسن المآب، وأن ينزله منزل صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا. «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي» صدق لله العظيم. إنا لله وإنا إليه راجعون والمقاوم المرحوم محمد بن السهلي موسى شاءت إرادة لله سبحانه وتعالى ولا راد لقضائه، أن تودع أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير المقاوم المرحوم محمد بن السهلي موسى، الذي انتقل إلى عفو الله وكرمه يوم الخميس 10 ربيع الثاني موافق 21 يناير 2016 بمدينة وجدة، بعد مسيرة وطنية طافحة بالشجاعة والتفاني والتصدي المستميت للغطرسة الاستعمارية وسياستها ومخططاتها الاستيطانية التوسعية لاستعادة الشرعية التاريخية وانبلاج عهد الحرية والاستقلال وعودة رمز الأمة وقائدها المفدى جلالة المغفور له محمد الخامس وعائلته الشريفة من المنفى إلى أرض الوطن. ازداد المقاوم المرحوم محمد بن السهلي موسى سنة 1926 بتافوغالت، انخرط في العمل الوطني مبكرا ضمن المجموعة التي كان يرأسها المقاوم المرحوم بلحاج بوبو الفكيكي بمدينة وجدة ونواحيها، كما شارك في تنفيذ العديد من العمليات الفدائية التي استهدفت مصالح المستعمر وبعض المتعاونين معه. كان الراحل العزيز في طليعة المشاركين في انتفاضة 16 غشت 1953، ونتيجة نشاطه الفدائي تم اعتقاله وسجنه لمدة سنتين قضاهما بسجون تافوغالت والعاذر ذاق خلالهما شتى أنواع التعذيب والتنكيل والاضطهاد. لقد كان المقاوم المرحوم محمد بن السهلي موسى عنوانا باذخا في أنفة الوطنية وعمله النضالي ومقاصده النبيلة ومناقبه الحميدة، متحملا بإيمان واقتدار وقناعة وتلقائية رسالة تحرير الوطن بإكبار وعزة وشهامة كما سيظل طرازا فريدا وشعلة متقدة في البذل والعطاء والسخاء والتضحية ونكران الذات والغيرة الوطنية، مسجلا حضورا وازنا ومتميزا في رقيم الوطنية المغربية والحركة التحريرية والنضالية. وفي هذا الظرف الأليم، يتقدم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأصدق عبارات التعازي والمواساة لعائلة الفقيد الصغيرة والكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، ضارعين إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يتغمد الفقيد العزيز بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب، وأن ينزله منزل صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا. "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي". صدق لله العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون. والمقاوم المرحوم بومهدي زرهون شاءت إرادة لله سبحانه وتعالى ولا راد لقضائه، أن تودع أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير المقاوم المرحوم بومهدي زرهون، الذي لبى داعي ربه راضيا مرضيا يوم الأحد 6 ربيع الثاني 1437 موافق 17 يناير 2016 بسيدي بنور، بعد مسيرة نضالية ووطنية طافحة بقيم التضحية والوفاء والإيثار ونكران الذات والثبات على المبادئ واسترخاص النفس والنفيس في سبيل الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية. ازداد المقاوم المرحوم بومهدي زرهون سنة 1920 باولاد بوزرارة بسيدي بنور، وانخرط في صفوف المقاومة السرية ضمن منظمة «ابطال الحرية» تحت مسؤولية المقاوم شفيق رحال السملالي. وتجمع كل الشهادات على أن الراحل العزيز كانت له مساهمة وازنة ومتميزة في العمل السري والفداء، حيث شارك في العديد من العمليات الفدائية بمدينة الدارالبيضاء مما عرضه للاعتقال والسجن لمدة سنتين قضاهما بسجن العاذر بالجديدة، ذاق خلالهما شتى أنواع التعذيب والتنكيل. تألق اسم الفقيد المبرور المقاوم المرحوم بومهدي زرهون في المسيرة الوطنية والنضالية التي تحقق بها عهد الحرية والاستقلال والوحدة الترابية، معتنقا الوطنية عقيدة ومنهجا وخيارا، ليصبح رمزا شامخا من رموزها، ويغترف من معينها الدافق بالمبادئ الصادقة والقيم النبيلة التي أهلته لكي يضطلع بأدوار رائدة ومتقدمة في رياض العمل الوطني التحريري الملتزم. سيظل الراحل العزيز مثالا يحتذى به في الإيمان والنبل والشجاعة والشهامة والصمود والبطولة ونكران الذات، ورمزا شعبيا من رموز الوطنية الأصيلة والصادقة، وعنوانا متميزا من عناوين المقاومة والفداء والإخلاص للمقدسات الدينية والثوابت الوطنية. وفي هذا الظرف الأليم، يتقدم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأصدق عبارات التعازي والمواساة لعائلة الفقيد الصغيرة والكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، ضارعين إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يتغمد الفقيد العزيز بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب، وأن ينزله منزل صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم لله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا. "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي". صدق لله العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون.