يمكن للصراع السياسي أن يكون منحصرا في مجال جغرافي معيّن ومعزول عن النقاط الجامعة بين الأطراف المتصارعة، سواء أكانت نقاطا دينية أو طائفية أو مذهبية. من هنا يمكن إيجاد مدخل لفهم ما يحدث في أوروبا من موجة تعاطف كبيرة في صفوف الأقليات تجاه قضية اللاجئين السوريين والعراقيين القادمين من دولهم التي تعاني حروبا شتى إلى أوروبا. ولعل الممثل الكوميدي البريطاني اليهودي ساشا بارون كوهين يعتبر من أبرز هؤلاء المتعاطفين مع اللاجئين، وذلك بالنظر إلى تبرعه «السخي» لمنظمات تعنى بشؤون اللاجئين بمبلغ مليون دولار. يمكن للصراع السياسي أن يكون منحصرا في مجال جغرافي معيّن ومعزول عن النقاط الجامعة بين الأطراف المتصارعة، سواء أكانت نقاطا دينية أو طائفية أو مذهبية. من هنا يمكن إيجاد مدخل لفهم ما يحدث في أوروبا من موجة تعاطف كبيرة في صفوف الأقليات تجاه قضية اللاجئين السوريين والعراقيين القادمين من دولهم التي تعاني حروبا شتى إلى أوروبا. ولعل الممثل الكوميدي البريطاني اليهودي ساشا بارون كوهين يعتبر من أبرز هؤلاء المتعاطفين مع اللاجئين، وذلك بالنظر إلى تبرعه "السخي" لمنظمات تعنى بشؤون اللاجئين بمبلغ مليون دولار. يمكن أن يكون الصراع العربي الإسرائيلي مسألة ثابتة في الذهنية العربية والإسرائيلية منذ 1948، وهذا الأمر يعتبر أحد المحاور التربوية الوطنية في عدد من دول الشرق الأوسط حتى اليوم. لكن هذه الثوابت تضمحل بشكل تام في فضاءات جغرافية وسياسية وثقافية أخرى بشكل يمكن أن يكون فيه اليهودي الأورثودوكسي المتديّن بشدة متعاطفا ومتعاونا مع العرب القادمين من مناطق في المشرق العربي، هذا المشرق الذي يمثل طوقا دائما حول إسرائيل منذ سبعة عقود. حدث التبرع الذي قام بتقديمه الممثل البريطاني اليهودي ساشا بارون كوهين الشهير بشخصية ?بورات? الكوميدية، فتح الباب أمام تأملات عديدة في تناقضات التعامل الغربي بشكل عام مع المسائل الإنسانية والحروب في العالم في حال كانت نتائج هذه الحروب مؤثرة على الداخل المجتمعي الغربي، كما كشف عن إشارات عميقة داخل الحركة السياسية الأوروبية التي لم يبارح قسم كبير منها مرحلة الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي التي اتسمت بانتشار الفاشية والنازية والتطرف القومي إلى حدود غير معقولة، أدت إلى نشوب الحرب الكونية الثانية والكل يعرف ما الذي آلت إليه تلك الحرب من نتائج. وتجاوز العداء للعرب والمسلمين (نتيجة الأعمال الإرهابية التي تقوم بها الحركات الجهادية الإرهابية في مناطق عديدة من العالم) المرحلة "العادية" التي يمكن أن يعبّر عنها في مظاهرة أو مقالة صحفية أو حركة احتجاجية، ليصل هذا العداء إلى مادة للاستقطاب السياسي وصياغة البرامج الانتخابية لدى الأحزاب السياسية بعينها، وصفت على مدى تاريخها بأنها متطرفة للطرح ?القومي? الذي تتبناه. إذ لا يمكن للذاكرة السياسية الأميركية أن تنسى منذ الآن تصريح دونالد ترامب العنصري والذي قال فيه إنه سوف يمنع المسلمين من دخول أميركا إذا وصل إلى السلطة، وبالرغم من ردود الأفعال الاحتجاجية حول هذا التصريح الصادر عن مرشح محتمل لرئاسة أقوى دولة في العالم، إلا أن استطلاعات الرأي مؤخرا تؤكد تواصل صعود نجومية هذا الرجل المعروف عنه عنصريته ضد المسلمين بوضوح. ومن جهة أخرى، فقد تواصلت نجاحات الفرنسية مارين لوبان اليمينية المتطرفة في الانتخابات البلدية الأخيرة التي تحصلت فيها على أغلبية تؤهلها إلى المراهنة على الرئاسة الفرنسية، وهي الزعيمة المتطرفة المعروفة بتصريحاتها ومواقفها المعارضة لوجود المسلمين والعرب في فرنسا، فقد أكدت أن ?القومية الفرنسية ستنتصر?، وذلك أثناء كلمة لها حرّضت فيها على طرد العمال الأجانب. وفي خضم هذا التصاعد المتوتر للمد القومي العنصري في أوروبا والغرب عموما، توجد موجات مناقضة لهذه الأيديولوجية تسعى إلى التأكيد على احترام الإنسان وأزماته واحتياجاته الظرفية التي تجبره على الاستنجاد بالآخرين، تماما مثل ما يحدث الآن مع اللاجئين العراقيين والسوريين القادمين إلى أوروبا هربا من الحروب التي ألمت بدولهم منذ الاحتلال الأميركي للعراق سنة 2003 ومنذ انطلاق ما يسمى بالربيع العربي واشتعال الحرب الأهلية في سوريا. فقد قدم الكوميدي البريطاني ساشا بارون كوهين مثالا على الحركة الإنسانية الأوروبية التي غيّرت من سياقات النظرة السياسية للعالم منذ ستينات القرن الماضي، أي منذ أحداث مايو 1968 بباريس، والتي أسقطت أسطورة ?الديغولية? القومية الدغمائية، ولعل تبرع كوهين بمبلغ مليون دولار يعبر عن هذا التيار بكل تأكيد. أما في الوجه المقابل، فإن إصرار الحركات السياسية العنصرية في أوروبا وأميركا على أنّ ?شماعة الأزمة في العالم: المسلمون والعرب? تلقى رواجا سريعا في أوساط الطبقات الوسطى الأوروبية والأميركية لأنها تشعر بخطر الأزمة الاقتصادية والرهبة من ?ثقل اللاجئين? الزائد على اقتصادياتها وامتيازاتها، وتناسى خطاب هذه الأحزاب أن السبب الرئيس في حروب الشرق الأوسط وشرق آسيا وأفريقيا الشمالية والوسطى، هو شجع الشركات عبر القطرية التي تمولها دول غربية معروفة. يجب تعويض اللاجئين ماديا وإدماجهم في أوروبا تعهد الممثل الكوميدي البريطاني ساشا بارون كوهين وزوجته إيزلا فيشر، بالتبرع بمليون دولار لمساعدة اللاجئين السوريين، وذلك بحسب إعلانات من عدة منظمات خيرية، أكدت أن كوهين سوف يقدم مليون دولار لمنظمتين معنيتين بمساعدة اللاجئين السوريين في أوروبا. وأوضحت وكالة الأنباء الفرنسية أن الزوجين تعهدا بالتبرع ب500 ألف دولار لصالح منظمة ?إنقاذ الأطفال? لشراء لقاحات ضد الحصبة للأطفال المحاصرين وسط الصراع في شمال سوريا، ونصف مليون دولار لمنظمة ?لجنة الإنقاذ الدولية? للمساعدة في توفير الرعاية الصحية والمأوى والمرافق الصحية للاجئين السوريين. وبحسب إحصاءات الأممالمتحدة، فر أكثر من 4 ملايين سوري من الصراع في بلادهم بحثا عن الأمان في دول الجوار، فيما اضطر ملايين آخرون لترك بيوتهم والانتقال إلى أجزاء أخرى داخل البلاد. وقال جاستين فورسيز، الرئيس التنفيذي لمنظمة ?إنقاذ الأطفال?، إن الأموال سوف تنقذ الآلاف من الأحياء وتحمي الأطفال المعرضين للخطر. وأضاف أن إعلان هذا التبرع السخي من شأنه أن يسلط الضوء على مأساة قضية اليوم المتعلقة بالأطفال واللاجئين السوريين. ووصف ديفيد ميليباند، وزير الخارجية البريطاني السابق ورئيس لجنة الإنقاذ الدولية، تبرع ساشا كوهين وزوجته بأنه «تعبير كبير عن الإنسانية». من جانب آخر، لا تزال حملة منظمة «بكتل» الإنسانية لجمع التبرعات للاجئين جارية إلى حدود آخر يوم من السنة الحالية لجمع أكبر مبلغ ممكن لصالح إدماج الأطفال السوريين اللاجئين ومساعدة الأسر الهاربة على تحمل مآسي الحرب في المنطقة. وافتتحت المؤسسة الخيرية، حملتها الإنسانية بالتبرع بمبلغ 50 ألف دولار إلى لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة غير ربحية تعمل منذ أكثر من سبعة عقود على مساعدة اللاجئين حول العالم. وأكدت ?بكتل الخيرية? أن الشركة ستتبرع بمبالغ إضافية توازي مبالغ التبرعات التي يقدمها موظفوها إلى أي مؤسسة خيرية حول العالم تعمل على التخفيف من معاناة اللاجئين السوريين، كما ستخصص مبالغ التبرعات الإضافية الموازية لصالح برامج لجنة الإنقاذ الدولية، وهي اللجنة ذاتها التي قدم لها الممثل الكوميدي البريطاني كوهين وزوجته مبلغ المليون دولار الذي أعلن التبرع به. وتعليقا على الحملة الإنسانية، قال رئيس شركة «بكتل» في أوروبا وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط ديفيد وولش ?نريد أن نؤدي دورنا في التصدي إلى هذه الأزمة الإنسانية الكبيرة، خاصة أن «بكتل» لديها تواجد قوي في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، وتتميز بتنوع القوى العاملة فيها?، كما تساهم المنظمة في تحسيس الفنانين وقيادات الرأي في العالم على ضرورة المشاركة في حملات التبرع. وتابع «نحن نعلم حجم التحديات الهائلة للبنية التحتية التي يتطلبها وجود أكثر من 4 ملايين شخص لاجئ خارج وطنهم». ومن جانبه، قال الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند، إنه ?مع وجود أكثر من 60 مليون لاجئ ونازح في جميع أنحاء العالم، فإننا نواجه أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية?. وأضاف، أن ?لجنة الإنقاذ الدولية تقدر تعاون منظمة ?بكتل? وموظفيها والفنان البريطاني ساشا بارون كوهين لدعم الجهود الرامية إلى مساعدة الملايين من الناس بالموارد التي تمكنهم من بناء حياة أكثر أمنا وسلامة?. وصرح ساشا بارون كوهين لصحيفة ?لوبوان? الفرنسية، بأن تبرعه بمليون دولار يأتي في سياق اهتمامه بالتغيرات السياسية والثقافية والاجتماعية التي تحدث في العالم العربي بشكل خاص و«هذا ما بدأت العمل عليه في فيلم ?الدكتاتور? الذي أردت أن أوضح فيه أن مسألة الديمقراطية والحرية هما قيمتان تتطلبان تضحيات كبيرة من أجل الوصول إلى رؤيتيهما والعيش بهما على أرض الواقع، لذلك أنا في مساعدة كل هؤلاء». لا مكان لخطر اللاجئين على ثقافة وخصوصية بلداننا تظاهر نحو مئة شخص الأسبوع الماضي في مدينة أجاكسيو بجزيرة كورسيكا الفرنسية، وهم يهتفون «العرب إلى الخارج» و«هذا بلدنا»، وذلك في حي شعبي تعرضت فيه قاعة صلاة للمسلمين إلى التخريب عقب انتهاء صلاة الجمعة. وشهدت تظاهرة اليوم التالي حادثا صغيرا عندما حطم رجل بالحجارة زجاج أبواب ثلاثة مبان، لكن التظاهرة التي جرت وسط مراقبة من الشرطة تفرقت دون أي حادث آخر يذكر. وطلب رئيس إدارة كورسيكا كريستوف ميرمان وقف التظاهرات ووعد بأن يكون «رجال الشرطة موجودون في كل الأحياء»، بحسب تصريحات نقلها المتظاهرون الذين دعوا إلى اجتماع مع ممثل الدولة في الجزيرة. وتجمع المتظاهرون في الحي الشعبي في تلال أجاكسيو بعد اعتداء شبان ملثمين ليل الخميس الجمعة على شرطيين ورجال إطفاء تم استدعاؤهم لإخماد الحريق. وأسفر هذا الاعتداء عن سقوط ثلاثة جرحى هم رجلا إطفاء وشرطي. وقال رجال الإطفاء إن الهجوم قام به «نحو عشرين شخصا»، مؤكدين أنه اتسم بعنف كبير واستخدمت فيه قضبان حديدية وعصي البيزبول. وأكد المئات من المتظاهرين الذين جاؤوا إلى الحي أنهم يبحثون عن منفذي الهجوم. لكن مجموعة من حوالي 300 شخص انفصلت عنهم وقامت بتخريب قاعة للصلاة وحاولت إحراق المصاحف، كما أصيب مطعم آخر للكباب بأضرار. وتأتي هذه الأحداث وسط أجواء مشحونة بالتوتر في فرنسا بعد اعتداءات للجهاديين أسفرت عن سقوط 130 قتيلا في باريس في 13 نوفمبر، وكذلك بعد فوز القوميين الكورسيكيين في انتخابات المناطق التي شهدت صعودا لليمين المتطرف في فرنسا. وأدان رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الاعتداء على الإطفائيين ورجال الشرطة، معتبرا أنه عمل «غير مقبول»، كما دان «التدنيس غير المقبول لقاعة صلاة للمسلمين». ومن جهته، ندد وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف «بالهجمات التي تنم عن تعصب وتتسم بالعنصرية وكره الأجانب». ودعا رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أنور كبيبش في بيان «كل المواطنين إلى الهدوء»، بينما دعا اتحاد مساجد فرنسا السلطات العامة إلى «تعزيز وسائل الحماية» حول أماكن العبادة، كما دعا ?مسلمي فرنسا? إلى «اليقظة وضبط النفس في مواجهة أي استفزازت». واعتبرت الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة أنه «حين يشعر المواطنون بأن الدولة لا تبسط النظام الجمهوري، فإن ذلك يولد خطرا أكيدا بأن يتولوا فرض العدل بأيديهم». وقال مهدي، وهو من سكان الحي الشعبي بحدائق الإمبراطور في أجاكسيو الذي شهد الأحداث، إن الاعتداء على الإطفائيين قامت به «مجموعة صغيرة من الشبان المسلمين»، وأكد أن «المسلمين بشكل عام لا يتحملون مسؤولية جرم ارتكبه آخرون بشكل معزول، فهذه عنصرية واضحة». وأضاف أن «هذا ناجم عن تخلي الأهل عن دورهم.. إنها مشكلة تربية» مؤكدا، «أننا نريد أن نعيش جميعا بلا مشاكل». ويتواصل المد العنصري في أوروبا ضد العرب والمسلمين بشكل عام، وخاصة اللاجئين في كل الدول التي تشهد المزيد من التدفق عليها، خاصة ألمانيا التي تشهد كل يوم تقريبا حادثة حرق للمخيمات التي يقيم فيها اللاجئون وتسفر عن سقوط ضحايا جراء أعمال العنف والاعتداءات العنصرية. يذكر أن قرابة 12 شخصا أصيبوا في ولاية بافاريا بالجنوب الشرقي لألمانيا في حادث اشتعال نيران بمبنيين في مدينة فاليرشتاين جنوب الولاية، وقد كان المبنيان مخصصين لإقامة العشرات من اللاجئين القادمين من سوريا والعراق، وقد أكدت الشرطة في بافاريا أن التحقيقات متواصلة والشبهة تحوم حول عدد من النشطاء العنصريين من النازيين الجدد الذين كانوا قد قاموا باعتداءات مماثلة من قبل ولم تحصل الشرطة على أي أدلة تدينهم.