مع تكثيف الضربات الروسية في سوريا ضد عناصر تنظيم «دعش» الإرهابي، وفرض القوات العراقية حصار هائل على فرع التنظيم في العراق، بدأت العناصر الإرهابية في الهروب.. وأصبح «العائدون من داعش» الخطر الأكبر على دول الجوار العربي في ظل حالة الفرار الجماعى، للبحث عن وسيلة للعودة إلى الوطن الأم، أو البحث عن فرصة للانتقال والتمركز في بقعة جديدة تمثل نقطة ارتكاز لبناء التنظيم مجددا وتجمع عناصره من أرض الشتات بعد تكثيف الضربات في سورياوالعراق حذر الخبير الأمني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، توماس ساندرسون، من أن نفوذ «داعش» يهدد دول شمال أفريقيا، في إشارة إلى تشكيل التنظيم الجديد على غرار تنظيم دولة الإسلام في الشام والعراق. وقال ساندرسون: «إن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام تحاول تجنيد مقاتلين في أكثر من (80) بلداً في جميع أنحاء العالم، محذراً بأن التهديد يمس بالدرجة الأولى الجزائر، وتونس وليبيا، ودول الساحل الصحراوي». وحسب مصادر أمنية تونسية متطابقة، فقد اجتمعت في منطقة درنة الليبية في مناسبات عدة، قيادات من «داعش» وأخرى من أنصار الشريعة بشقيه الليبي والتونسي، بهدف تأسيس جماعة «داعشية» مغاربية. ورجح مراقبون إلى تتحول ليبيا إلى قبلة للعناصر الهاربة المنتمية لتنظيم «داعش» نظرا للفوضى العارمة التي تشهدها البلاد، وعدم وجود سلطة قادرة على مجابهة طوابير الإرهاب التي تتدفق عبر البر والبحر بمعاونة دول إقليمية تمهد للتنظيم أرضا جديد تتوافر بها الموارد النفطية وتشهد غياب للدولة. تحذير أردنى وتأكيدا لهذه النظرية حذر وزير الأردنى الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، أن هناك معلومات توفرت لدى الأردن أن من بين العالقين على الحدود الأردنية السورية ممن ينتمون لتنظيم الدولة الإرهابي «داعش» وان هناك متعاطفين معهم وأن الأردن يتعامل مع هذا الملف بشكل أمني حيث إن لهذا البعد أولوية، مع عدم اغفاله وإسقاطه الجانب الإنساني. وأكد المومني أن المعابر الحدودية الرسمية مع سوريا ستبقى مغلقة حتى يصل الأردن إلى قناعة بأنها باتت آمنة ويمكن استخدامها وسلوكها دون أن تفرض أي تهديد أو خطر على المواطنين والبضائع وأن التنسيق الأردني مع روسيا يشدد دائمًا على ضرورة عدم شن عمليات عسكرية تؤدي إلى مزيد من اللجوء السوري إلى الأردن. وفي تقرير إعلامي جاء تحت عنوان «العائدون من داعش.. قبنلة تهدد العالم» أعده الكاتب والأكاديمى د.عبد الغفار الدويك.، أوضح أن «البعض ينتقد حالة الفصل بين النظرية والتطبيق وهو نقد في غير محله على إطلاقه ويكفي أن نطالع مراكز الدراسات التي تعالج القضايا الوطنية والعربية، تركز في الأساس على صناعة المستقبل وترد على هذا النقد، وأهم سؤال يطرح فكريا هو ماذا بعد داعش وفي الصورة الذهنية ما جرى بعد أفغانستان، حيث تم إرسال متطوعين لمحاربة الشيوعية وعادوا لأوطانهم إرهابيين والمتابع للأحداث في سورياوالعراق يلحظ تراجع قوة داعش بالتوازي مع تراجع دور الجهات الداعمة لها، وفي هذا السياق يمكن رصد بعض المؤشرات التي تمهد لسيناريو لم يعد غرائبي، فالأحداث الإرهابية باتت متسارعة من سقوط طائرة فوق سيناء إلى مذبحة باريس وأخيرا وليس آخرا في مالي أو كاليفورنيا، وهذه العمليات تدبير منظم ومحكم ضد القوى المشاركة في العمليات ضد الإرهاب في سورياوالعراقوسيناء، ويعد التدخل الروسي فاعلا حاسما على الأرض، إلى جانب التحالف الأمريكي القائم، وقد زادت ضربات روسيا لداعش بعد حادث سيناء، وجاءت أحداث يوم الجمعة الأسود في باريس، لتضع الغرب في مأزق حصره فيه الموقف الأمريكي بعدم الحسم سواء في سوريا أو في ليبيا، إلا أن الموقف الفرنسي كسر القيد الأمريكي فزادت القوة الضاربة الفرنسية، وجاء القصف الصاروخي الروسي مدمرًا للبنية التحتية من مستودعات وآبار البترول كما زاد من تكثيف الجهود الأمنية الأوربية الأمريكية منافسة للأداء الروسي في سوريا لتنسحب جماعات داعش الإرهابية من مناطق عديدة من ريف الحسكة وحلب إضافة إلى خسائر كبرى في الرقة. التحرك إلى ليبيا ونقلت تقارير إعلامية تونسية أن الأجهزة الأمنية، توصلت إلى معلومات موثوقة تؤكد أن كلا من أمير جماعة أنصار الشريعة التونسية سيف الله بن حسين، الملقب ب«أبي عياض»، وأبي بكر الحكيم القيادي السابق في «الجماعة الليبية المقاتلة»، أشرفا في ليبيا، على سلسلة الاجتماعات مع قيادات داعش، بحضور نظرائهم من جماعة أنصار الشريعة الليبية، حيث تركزت الاجتماعات حول تأسيس جماعة واحدة تحمل اسم «الدولة الإسلامية في المغرب الإسلامي» تحت مسمى «دامس»، تعمل تحت إمرة «داعش» الأم، وتكون مهمتها الأولى توحيد مختلف الجماعات الجهادية في بلدان المغرب العربي، على أن يكون مركز القيادة في ليبيا. ويتوقع مراقبون أن يعلن تنظيم الدولة الإسلامية في المغرب الإسلامي «دامس» قريبا. وأفادت تقارير إخبارية، أن أبا عياض التونسي يلعب دوراً محورياً في التواصل مع قياديي «داعش» لتشكيل قيادة موحدة للجماعة الإسلامية. يشار إلى أن تنظيم أنصار الشريعة في تونس نشر في يونيو (حزيران) الماضي، رسالة منسوبة لأبي عياض زعيم التنظيم أشاد فيها بما قال إنها: «بطولات المجاهدين بالعراق»، داعياً إلى حوار توافقي بين «الفصائل الجهادية». وجاء في الرسالة التي عنونت ب«من وحي فتوحات العراق»: «ندعو كل المتعاطفين ومشايخ وجنود التيار الجهادي إلى حُسن استغلال هذه «الفتوحات» في «تقريب وجهات النظر بين جميع الفصائل الجهادية التي تقاتل إعلاءً لكلمة التوحيد وسعيًا لتمكين الشريعة الإسلامية من أن تسود الأرض». وتأكيدًا لولائه لتنظيم القاعدة، دعا أبو عياض، أيمن الظواهري وأبا محمد الجولاني، إلى «أن يُعجّلا بمباركة تلك الفتوحات وما منّ الله به على إخوانهم في الدولة الإسلامية في العراق والشام، والفصائل الجهادية والعشائر السنية، وأن يثمر ذلك أمرا من قيادات التنظيمات المتقاتلة بوقف الاحتراب والصراع فيما بينها». وفي هذا السياق تطرق الخبير والكاتب السويدي آرون لوند الذي ألّف دراسات عدة حول مشهد المقاتلين في سوريا، إلى الخلافات بين كل من «القاعدة» و«داعش»، فأشار إلى أنه «قبل أبريل (نيسان) العام 2013، كانت جماعة أبي بكر البغدادي تعرف باسم «الدولة الإسلامية في العراق» وكانت تعتبر على العموم جزءاً من تنظيم القاعدة. ولكن البغدادي لم يكن يريد حصر جهاده ضمن العراق. لقد اتَّسع نطاقه العام 2011 في الخفاء، وذلك من خلال تأسيسه جماعة جبهة النصرة في سوريا. ثم قام في أبريل (نيسان ) العام 2013 بتحويل اسم جماعته وبشكل لافت للنظر إلى «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وطالب جبهة النصرة بالانضمام إليه». الجيش العراقى لقد حققت بعض وحدات الجيش العراقي وقوات البشمرجة الكردية انتصارات على الأرض سواء في بيجي وسنجار وديالي وكركوك وأخيرًا نينوى، كما تستعد قوات عراقية لهجوم جديد بغطاء جوي ومستشارين أمريكيين تجاه الرمادي وبعدها الفالوجا، ومن ثم تحولت داعش إلى الدفاع وازداد معدلات الخسائر وقتل القيادات الإرهابية، وغير خاف أن تنظيم داعش قد قام بأعمال قتل جماعية للعناصر الراغبة في الخروج من التنظيم وهو ما يزيد فرص تفكيك داعش على إثر خسائره ويعجل بالاقتراب من المراحل الأخيرة من مؤامرته على المستوى الإقليمي. وكان لقرار الدول العربية والإسلامية، تشكيل تحالف عسكري من 34 دولة بقيادة المملكة العربية السعودية واستجابة لمبادرتها، وتعد هذه المبادرة نقطة تحول إستراتيجي في مكافحة الإرهاب ولها مدلولها السياسي الكبير من أن الإرهاب الذي يعاني منه العالم وتمارسه عصابات جمعت المرتزقة من الشتات تحت زعم خلافة وهمية. الهروب الكبير البداية المتوقعة للهروب الكبير من شرق سوريا والحدود الملاصقة للحدود العراقية والانهيار بات وشيكا لداعش وأخواتها للأسباب سالفة الذكر، ومعلوم مصادر قواتها البشرية من المرتزقة متعددة الجنسيات وشركات دولية، وشباب من بلدان عربية غرر بهم تحت زعم الجهاد، وفي تقارير لمؤسسات استشارت أمنية: بلغ تعداد المرتزقة الأجانب نحو 27 الفا، كما نشرت مجلة الإيكونيميست أنهم من جنسيات مختلفة، تأتي فرنسا في المقدمة، يليها بريطانيا فإيرلندا والسويد، وعربيا تأتي تونس الأولى يليها السعودية فالأردن، ثم تأتي كل من مصر والجزائر والمغرب، والأعداد الأكبر بطبيعة الحال من سورياوالعراق وتمتد جذورهم إلى القاعدة والنصرة، وتؤكد بعض التقارير أن 20/30% من الإرهابيين بدؤوا يعودون إلى بلادهم. أطرح هذه الرؤية في شكل سيناريو بات محتملًا وغير بعيد ونتاج موقف دولي وإقليمي، بعد أن داعش فشلت في تحقيق ما خطط لها في سيناريو الفوضى، ومن الطبيعي بعد السقوط أن يفر الآلاف من كوادرها الإرهابية. سيناريوهات الفرار هناك سيناريوهان، الأول الفرار الجماعي غير المنظم إلى بلادهم والثاني أن ينقلوا للعمل في مسرح آخر، على مستوى السيناريو الأول من المحتمل أن يخرجوا في ثلاثة اتجاهات الأول الفرار إلى الداخل للإرهابيين المحليين نحو مدن وقرى العراقوسوريا أو إعادة الانضمام إلى فصائل إرهابية أخرى وهو بداية مرحلة لحرب أهلية، الثاني من المتوقع أن يكون الفرار عبر تركيا ولبنان وإسرائيل خاصة المرتزقة الأجانب ومستشاري الشركات الدولية، يبقى الاتجاه الثالث للإرهابيين المغرر بهم من البلاد العربية نحو الحدود الأردنية، وتسليم أنفسهم لنقاط الحدود الأردنية السورية، أو الحدود العراقية السعودية والحديث هنا على أقل تقدير: عشرات الآلاف من المسلحين، والمسؤولية جسيمة وأكبر من عبء إقامة وإدارة معسكرات للاجئين – بل استقبال إرهابيين مدججين بالسلاح وفرزهم وتصنيفهم واستجوابهم ونقلهم إلى معسكرات أقرب ما تكون إلى مستشفيات ميدانية كبرى، وهذه المعسكرات ليست كالتي عهدناها في حالة السلم بل لمن احترف القتل وهنا يقع على علماء النفس عبء ترويض هذه النفس المتوحشة ومحاولة إعادة استئناسها. قوة حفظ سلام عربية وهذه العملية لا تقل خطورة عن المواجهة المسلحة لتنظيم داعش الإرهابي ولا ينبغي ترك الأردن منفردا في هذه العملية، فهناك اتفاقية عربية لمكافحة الإرهاب بموجبها تلزم الجميع بالوقوف مع الأردن ودول التحالف العربي الإسلامي قادرة على أن تشكل قوة حفظ سلام عربية على الحدود الأردنية دعمًا للجيش العربي، وتأمينا للحدود للحد من انتشار سرطان العائدين والفارين من التنظيمات الإرهابية من سورياوالعراق، لدرء خطر قادم سبق الفشل في إدارته عند التعامل مع العائدين من أفغانستان ولأن الفشل يعني دخول منطقة الشرق الأوسط ككل في دوامة إرهابية فليس بعيد أن من صنع داعش قد حدد لها أهداف لمرحلة ما بعد الخروج من سورياوالعراق استكمالا لسيناريو الفوضى، يبقى السيناريو الثاني وهو الخروج المنظم إلى مسرح آخر والأقرب هو ليبيا لغياب الدولة ولإصرار منظري الفوضى على بقاء المنطقة مشتعلة بآليات جديدة واستمرارًا لسيناريوهات التهديد للأمن العربي. ويضيف الخبير السويدي آرون لوند بأن طلب البغدادي «قوبل بالرفض من قبل الكثيرين من زعماء جبهة النصرة الذين أعلنوا ولاءهم لأيمن الظواهري، الذي يعدّ أعلى أمير في تنظيم القاعدة، وقد رفض قرار أبي بكر البغدادي. وهذا الرفض يعود إلى أسباب كثيرة، بما فيها خلافات شخصية وأيديولوجية. ولكن في الحقيقة، على الأرجح أنَّ الطرفين يتنافسان وبشكل أساسي على دخول الحرب في سوريا، وهذه الحرب مرتبطة بموارد طبيعية وبالمقاتلين الأجانب وبالأسلحة وبمكانة كبيرة في حركة الجهاد العالمية». ويشير لوندن إلى أنه «في آخر المطاف أدَّى هذا النزاع إلى قطيعة تامة بين تنظيم داعش وتنظيم القاعدة، وفي بداية العام 2014، حينما بدأ تنظيم داعش وجبهة النصرة مقاتلة بعضهما البعض في سوريا، كانت جميع محاولات الوساطة بينهما قد تحوّلت إلى جزء من الماضي». أثر هذا الخلاف على الجماعات المتشددة التي كانت في السابق تتبع «القاعدة» تنظيمياً، مثل تنظيم «أنصار الشريعة» في تونس بزعامة أبي عياض، الذي أعلن عن فك بيعته مع «القاعدة» لصالح «داعش» ثم «الدولة الإسلامية»، كما سبق أن أشرنا إليه، وهو يعمل على لمّ شمل التنظيمات الجهادية في تونس وفي كامل البلاد المغاربية تحت غطاء البيعة ل«الدولة الإسلامية». وهو في مسعاه هذا يعمد إلى توظيف الانتصارات التي تحققها «الدولة الإسلامية»، خاصة في إقناع المنتدبين الجدد من الشباب «الجهادي». وهنا «يرى مراقبون أن فكرة (افتتاح) فرع ل«داعش» في المغرب العربي قابلة للتجسيد بالنظر إلى وجود مقاتلين لتنظيم داعش من دول تونس والمغرب والجزائر وليبيا، فضلاً عن انتشار تنظيم داعش على مواقع التواصل الاجتماعي ك«علامة» (براند)، وهو يلقى شعبية كبيرة لدى المتأثرين بأفكار التطرف، خصوصاً لدى فئة الشباب والمراهقين، وهي الفئة التي تستعمل بإفراط مواقع التواصل الاجتماعي). ويرشح الباحث السويدي آرون لوند أن تكون الخلافات بين «القاعدة» و«داعش» تعود إلى صراع أجيال وإلى تباينات أيديولوجية: «مبدئيًا من الممكن وجود نوع من صراع الأجيال داخل الحركة السلفية الجهادية. فعلى أية حال يبلغ عمر الظواهري (64) عامًا، وعمر البغدادي (43) عامًا، ومعظم رجال الدين الكبار في السن أيّدوا الظواهري. صحيح أنَّه لا يتعيَّن إعطاء الاختلافات الحالية حجمًا كبيرًا، ولكن يبدو -على نحو ما- أنَّ تنظيم داعش يجسِّد العقيدة الجهادية المتطرِّفة، التي انبثقت عن الحرب في العراق والدعاية الجهادية على الإنترنت، في حين أنَّ تنظيم القاعدة لديه جذوره في أفغانستان وفي تلك الشبكات الإرهابية الصغيرة والمنضبطة، التي تعمل في الخفاء وتعود إلى الثمانينيات والتسعينيات».