وسط تحركات أمنية متسارعة وغير مسبوقة بخنيفرة، لا تزال تحقيقات الشرطة القضائية تجري، على قدم وساق، في اتهام ب «اختلاس» الملايين من مالية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، المعروف اختصارا ب (كنوبس cnops)، والتي فاحت رائحتها بمركز تصفية الدم (الدياليز) الذي عادت عناصر الشرطة القضائية إلى الانتقال إليه لغاية تعميق البحث واستكمال مسطرة الاستماع لأعضاء المكتب المسير لهذه الجمعية، بينهم 4 رؤساء جماعات محلية على الصعيد الإقليمي، سابقين وحاليين، في مقدمتهم رئيس الجمعية، الذي هو في نفس الوقت رئيس المجلس البلدي لمدينة خنيفرة، ثم الرئيس السابق لذات المجلس، ورئيس جماعة أكلمام ورئيس سابق للمجلس الإقليمي. وارتباطا بمجريات التحقيق، قامت عناصر الشرطة أيضا باستنطاق جل الممرضات والممرضين العاملين بالمركز، وسكرتيرة ومحاسب وتقني، والمؤكد أن تشمل مسطرة البحث والتحقيق أطرافا أخرى لها علاقة بالتدبير المالي والتسيير الإداري للمركز، مع وجود مؤشرات تدل على اقتراب المحققين من الرؤوس المتورطة، في حين أكدت مصادرنا وقوف التحقيقات الجارية على وجود أربع حسابات بنكية باسم الجمعية، ما حمل بعض المتتبعين إلى احتمال دخول الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على الخط. وارتباطا بالموضوع، علمت «الاتحاد الاشتراكي» بانتقال ضابطين من المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن مكناس، حيث حضرا عملية الاستماع لطبيب مختص في أمراض الكلي، متعاقد مع مركز تصفية الدم التابع للجمعية، وذلك في ما يتعلق بوجود توقيعاته وخاتمه الرسمي على ملفات وأوراق العلاج المحالة على الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (الكنوبس)، في حين لم يفت المحققين الاستماع لطبيب قار وضعته مندوبية الصحة رهن إشارة الحالات المستفيدة من حصص تصفية الدم بالمركز، وليس من المستبعد أن يتم الاستماع لأمين مال الجمعية الذي أسرَّ لبعض زملائه بأنه كان يوقع على بعض الوثائق بثقة عمياء. وكانت عناصر الشرطة القضائية قد قامت، بتعليمات صادرة عن الوكيل العام لدى استئنافية مكناس، بمداهمة مقر مركز الجمعية الإقليمية لمساندة المرضى المصابين بالقصور الكلوي (الدياليز) بخنيفرة، ووضع يدها على وثائق إدارية ومالية، كما حملت معها الملفات الطبية المتعلقة برجل تعليم مصاب بالقصور الكلوي، كان وراء اتهام مسيري الجمعية بالتلاعب في ملفات المرض والتحملات الطبية للمنخرطين، عن طريق الاستفادة من تعويضات مالية من صندوق «الكنوبس» لقاء حصص علاج غير حقيقية، من خلال تأكيده بأنه لم يخضع لأي حصة منذ حوالي 5 سنوات، في اتهام واضح للجمعية المسيرة للمركز باستعمال ملفه في «اختلاس» أموال الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (كنوبس) قدّرها، وفق مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، بأزيد من 70 مليون سنتيم. وفي ذات السياق، لمّح بعض المتتبعين لوجود ملفات أخرى من هذا النوع قد تصلها يد المحققين في حال علاقتها بأي تلاعبات في المال العام، بينما لم يفت بعض المصادر المهتمة بالموضوع التساؤل حول ما إذا كانت التحقيقات ستنبش في مصير مساهمات المانحين والمحسنين والجماعات المحلية، وسجل المراقبون حجم «الاستغلال السياسي» لملف هذه القضية، من خلال محاولة بعض الكائنات الركوب عليه من باب الصراعات الدائرة بين رئيس الجمعية الإقليمية لمساندة المصابين بالقصور الكلوي، الذي هو رئيس المجلس البلدي الحالي، وبين آخرين من تيارات مختلفة على مستوى المجلس البلدي والإقليمي ومجموعة الأطلس للجماعات التي لا يزال الصراع مشتدا حول الظفر برئاستها. وكانت خيوط التحقيق، حسب مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، قد بدأت فور تفجر ملف القضية بصورة وصل صداها إلى مكتب وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، الذي ربط الاتصال بالوكيل العام لدى استئنافية مكناس لإجراء ما يمكن من البحث في ملابسات ملف القضية، بدءا من الاستماع إلى رجل التعليم الذي فجر «قنبلته» عبر وسائل الإعلام، حيث أكد في مجمل أقواله ظروف اكتشافه لاستفادة جمعية مساندة المصابين بالقصور الكلوي، بتحويلات مالية من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي «كنوبس»، عن طريق استغلال اسمه وملفه، على أساس أنه كان يخضع لحصص تصفية دم لا وجود لها إلا على الأوراق المختومة والموقعة في ظروف غامضة، بالقول إنه أصيب عام 2005 بمرض القصور الكلوي والذي عانى منه إلى نحو عام 2008، ليتواصل استغلال اسمه، من 2009 إلى 2014، على حد قوله. وفي كل خرجات رئيس الجمعية الإقليمية لمساندة المرضى المصابين بالقصور الكلوي، إبراهيم أوعابا، يؤكد أنه فوجئ بهذه القضية، وبتوريط الجمعية في اختلاسات مالية من تحويلات خاصة بالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (كنوبس)، بالتأكيد على أن مالية الجمعية تخضع لرقابة سليمة وجادة من طرف محاسب مالي مختص، مفندا أقوال رجل التعليم الذي فجر القضية، بالتأكيد على أنه ظل يستفيد من حصص العلاج منذ سنة 2005 إلى غاية 2014، وحتى بالنسبة للفترة الممتدة من 2009 إلى 2014، يقول رئيس الجمعية، فإن المعني بالأمر ظل يتردد على مركز تصفية الدم لاستخلاص شهادات طبية للإدلاء بها لدى نيابة التربية الوطنية، حيث لم يعد قادرا على العمل بسبب معاناته مع المرض، ويؤكد الرئيس في كل مرة بوجود فائض مالي يغني الجمعية عن التطاول على الأموال العامة، في حين لا يزال رجل التعليم متمسكا بأقواله التي يؤكد فيها عدم خضوعه للحصص المذكورة، وأن أي حديث من جانب رئيس الجمعية عن وجود شهادة منه لا أساس لها من الصحة، ما كان طبيعيا أن يرفع من درجة تتبع الشارع المحلي لتطورات ملف القضية، ومن تخوفه من انحراف هذا الملف على سكة العدالة لما لذلك من علاقة بالفساد المالي الذي لن يتسبب لميزانية ال «كنوبس» إلا في ارتباك كبير على مستوى التزاماته حيال منخرطيه.