لعل المتأمل في اللوحات الثلاث التي شارك بها الفنان المغربي عبد السلام عقال، سيلاحظ أن بين هاجس الظل و الضوء، تلمع إضاءات شاعرية، وهو التماع يشكل اللحظة التي تكسوها ألوان غامضة تشع من عنفوانها نغمات متحركة، وهي كما تبدو، أسطورة من المفاهيم الطائفية، تبرز وتغيب عنها لمسات الرنة الغنائية. إلى ذلك، اختُتمت يوم الأحد 20 ديسمبر 2015، فعاليات المعرض الجماعي للفنون التشكيلية الذي نُظم برواق محمد القاسمي التابع للمديرية الجهوية للثقافة بفاس تحت شعار: "حوار الأجيال" والذي شارك فيه أكثر من خمسين فنانة وفنانا يمثلون كل الفئات العمرية، نذكر منهم: توفيق العلوي، عبد السلام عقال، فوزية السقاط، محمد الأصيل، فاطمة الزهراء مسكي، محمد العلوي امراني، عبد العالي فيلالي محب، أمحمد بنكيران، عبد العالي كداري، محمد فيلالي فكير،.. وبذلك تعكس لوحات الفنان عقال المواجهة الأبدية بين مزيج الألوان، حين تروم ريشة الفنان إلى ظلام قاتل ساكن، تدفعه إحساساته إلى الدقة والمواجهة داخل البؤرة المفتوحة، في بحث عميق على منفذ للأمل الضائع بين ظلال الإضاءة الناعمة . وبين أحادية اللون، حيث تستنشق الحياة من خلال مقاربة شمولية بعمق الفن التجريدي، إصرارا في البقاء والاستمرار، وتفريغ كل الثورات المزاجية. إنه صراع بين الألوان ثنائية المواجهة الظل الأسود، والضوء الأبيض، ومحركهما الفنان الشاعر. هنا تحديدا تختبئ الإيحاءات الشاعرية، تنبعث من الروح لتلبي الحاجة الملحة في البقاء، و العطاء و الاستمرار، فالإضاءة عند عقال هنا بمثابة رؤية للون، نابعة من أصالة متجذرة، حين تتضح معالم من الانطباعية الباطنية تتمزق على جانبين لتفتح منفذا مضيئا يغلب عليه طابع الطلاء المتناقض، العالم الذي نسج منه عبد السلام عقال واقعا حاضرا غائبا، يتحدث منه بكل تلقائية وحرية، إنها الثغرة التي تتموضع بين هاجس القلق والإحباط من صيرورة الحياة العصرية، وهاجس الحلم البعيد القريب، في الفضاء المفتوح على مساحة، حين يكون فيها لمعان الضوء نهج أصيل يصرخ بأعلى صوت "لا تخجل فالغد أفضل." وتتوخى هذه التظاهرة الفنية والجهوية الكبرى التي أشرفت عليها جمعية مرسم، تيسير التواصل والتقارب بين الفنانين من مختلف الأجيال، والاحتفاء بالإبداع التشكيلي بكل مذاهبه ومدارسه وأساليبه. كما أنها تسعى إلى التحسيس بجمالية الفن ونشر ثقافة فنية في أوساط الجمهور المغربي بمختلف شرائحه العمرية.