تحول إجراء الفحص التقني للسيارات والشاحنات والحافلات إلى عقوبة سنوية تعرقل البرامج الاعتيادية للأغلبية الساحقة ممن تقادمت عرباتهم وصارت خاضعة لنظام الفحص التقني السنوي الإلزامي، فبعد أن كان النظام القديم يسمح بإجراء الفحوص في مواعيدها، فإن نسبة كبيرة من المعنيين صارت تضطر إلى المخاطرة واستعمال العربة التي يتعذر إجراء الفحص عليها رغم العلم المسبق بأن العقوبة المترتبة عن ذلك هي الحجز في المرأب البلدي وتحمل كلفة الغرامة والصائر. العراقيل الجديدة يمكن تلخيصها في كون مدونة السير عالجت مشاكل الغش، الذي كان يسفر في بعض الحالات عن تسليم وثائق الفحص لمركبات لم تخضع لأي فحص، بالمبالغة في التقنين دون توفير الإجراءات المواكبة لتفعيل القانون. لا أحد يعترض على إخضاع العربات المتنقلة عبر الطرق المغربية للفحص التقني قبل الترخيص لها بالجولان، فمجرد عجز مراكز الفحص عن تلبية طلبات كل الزبناء ينتج عنه تعدد السائقين الذين يضطرون إلى التنقل أحيانا من مدينة إلى أخرى بحثا عن مركز لم تكتمل عنده الحصة المسموح له بإنجازها. منطقيا كان من المفروض أن تكون وزارة النقل قدوة في مجال تطبيق مقتضيات التحرير الذي تتبناه، ومنطق التحرير يقوم على أساس تمكين الزبون من الاختيار بين بائعي الخدمات، أما الواقع فيحمل العكس إذ بدل مواكبة التزايد المستمر لعدد المركبات الخاضعة للفحص التقني برفع قدرات مراكز الفحص على إنجاز ما يكفي من الفحوص، فإن حصر عدد الفحوص المسموح بإنجازها في 20 فحصا لكل خط يحد من قدرات المراكز على تلبية الطلب، والوضع يزداد تعقيدا بفعل فرض انتظار الترخيص عبر الأنترنيت من المركز، علما بأن هذه العملية تتطلب حوالي 20 دقيقة. فباسم حماية الأرواح من مخاطر الأعطاب التقنية يتعرض كل من مالكي العربات ومدبري مراكز الفحص للإفراط في التقنين دون مراعاة الواقع المغربي المتميز بتعدد الطرق المهترئة التي تنخر جسم العربة وتفرض منطقيا تعميم الفحص على كل السيارات التي تستعملها بما فيها السيارات الجديدة، فكثرة الحفر والحواجز الإسفلتية ّّ«دو دان» داخل المدن وخارجها، تؤازرها الطرق الرابطة بين المدن والمسالك المزركشة بالحفر دون تمييز بين الطرق المجانية والمؤدى عنها، لتعرض كل العربات لأعطاب قد يتطلب إصلاحها كلفة باهظة القيمة. الإصلاح والصيانة يشكلان في حد ذاتهما عرقلة لم تظهر بعد بوادر معالجتها، فعندما تصاب العربة بعطب ما فإن السائق غالبا ما يضطر إلى التوجه نحو أقرب ورشة للإصلاح بينما الفوارق الشاسعة بين التجهيزات التقنية المتوفرة في أوراش الإصلاح وبين نظيرتها المعتمدة في مراكز الفحص غالبا ما تسفر عن اكتشاف أعطاب لم تنتبه إليها أوراش الإصلاح التقليدية، وهذا ما يزيد الوضع تعقيدا لأن إصلاح الأعطاب المكتشفة أثناء الفحص التقني يتطلب البحث عن ورشة مؤهلة، في حين أن معايير التأهيل غير معتمدة في الترخيص بفتح ورشات الإصلاح. إن القانون لم يوجد لمعاقبة مستعملي الطريق وإنما لوقايتهم وحمايتهم من كل المخاطر المرتبطة بالتنقل بما فيها المخاطر المادية الناتجة عن ارتفاع كلفة الصيانة وقطع الغيار وعن تعدد ورشات الإصلاح المتطاولة على المهنة. فالقانون لا يكون فاعلا إلا إذا توفرت شروط تنفيذه، وهذه مسؤولية الوزارة الوصية.