«غالبا ما يحس الكاتب أنه وحيد ، يعيش غربته في أقصى تجلياتها، و يمضي في دروب الإبداع وحيدا ، يراوح الهامش في زمكان يطغى عليه الضجيج ، وتسوده التفاهات..»، هكذا صدح القاص الجميل محمد الشايب تحت سماء الصويرة، والنوارس تحلق فوق صمته المبدع وعطائه الصموت اللذين كرمتهما الدورة الرابعة من المهرجان العربي للقصة التي احتضنتها عاصمة رياح الشرگي بمبادرة من جمعية التواصل للثقافة والإبداع (18- 20 دجنبر 2015) والتي حملت اسمه. من شان مثل هذه المبادرات والتجليات لثقافة الاعتراف، اعترف محمد الشايب في كلمته العميقة رغم إيجازها، الكلمة التي ناب في صياغتها عن كتاب آخرين كثر: «أن تحيي الأمل في نفوس الكتاب، و تنتشلهم من غربتهم و عزلتهم». ونيابة عن العديد من حملة القلم، المكتوين بالمنافي داخل جغرافية الوطن الأدبية، نيابة عنهم هم الذين تماهوا/ سيتماهون مع بوحه رغم أن لا أحد منهم فوضه الحديث باسمه، دعا الشايب الذي لا يشيب «جميع الإطارات الثقافية والمبدعين والمثقفين عموما إلى المزيد من التعاضد، و إلى مواصلة وتقوية ثقافة الاعتراف عن طريق تكريم الكتاب والاحتفاء بهم وبكتاباتهم وتجاربهم». «إن الحقل الثقافي، في بلادنا ، يعاني من التهميش والنسيان» أقر صاحب «توازيات»، كاشفا أن هذا الحقل «قلما يوجد ضمن اهتمامات سياسيينا، وقلما يجد لنفسه مكانا في البرامج الانتخابية والاهتمامات العمومية، لذا على الجمعيات أن تواصل إشعاعها ونشاطها رغم كل الظروف...» وكانت فعاليات الدورة قد شملت، بالإضافة إلى قراءات قصصية وشعرية وفقرات موسيقية، ندوتين محوريتين، الأولى ساءلت «الذاكرة والمتخيل في القصة»، والثانية تناولت بالنقد والدراسة تجربة القاص المكرم محمد الشايب. كما تميزت بإعلان نتائج مسابقة « مليكة مستظرف» للقصة القصيرة المخصصة لطلبة الجامعات والمعاهد الوطنية، التي ظفر بها مناصفة الطالبان محمد حمو من جامعة محمد الأول بوجدة (انظر نصه القصصي ضمن هذا العدد) ومحمد الوهابي من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بسطات، قد حازا الجائزة مناصفة. سعيدا جدا بالتفاتة الصويرة لمنجزه واحتفائها به كان محمد الشايب، ذلك المختفي خلف الظاهر والباطن في نصوصه باستمرار الذي وصفه صديقه في القص عبد المجيد شاكر بأنه «يعشق الظل ويعتمر بابتسامة بريئة بحجم المحبة تغنيه عن الأضواء، وأنه صموت اختارته قلعة مشرع بلقصيري لمملكة القصة، داخل جمعية النجم الأحمر، مناضلا من أجل الجنس القصير لتحقيق يوم القصة الوطني»، سعيدا كان. سعادة لا تفوقها إلا رغبته في أن يشعر رفاق غيره من دربه الإبداعي بسعادة التكريم والاعتراف... قبل أن يستحيل التكريم إلى مجرد نعي ورثاء بقوة الزمن الذي لا يرحم.