المستفيد الأول والأخير من تجارة الدخان ببلادنا هي شركة التبغ. فبالنسبة لتقديرات الشركة المحتكرة لقطاع التبغ في المغرب، فإن بلادنا تأتي في الرتبة الثالثة للبلدان الأكثر استهلاكا لمنتجاتها ب111 مليون يورو في النصف الأول من السنة الماضية. ويأتي المغاربة بعد الإسبان ب 14.2 مليار سيجارة، والفرنسيين ب 8.2 مليارات سيجارة، وقبل الألمانيين الذين استهلكوا 2.7 مليار سيجارة، وبلدان الشرق الأوسط 7.5 مليارات سيجارة. هكذا إذن يحتل المغرب الدرجات الأولى في لائحة مستهلكي الدخان في الوقت الذي يحتلون فيه المراتب الأخيرة في قطاعات جد حيوية كالتعليم والصحة والتنمية البشرية والتكنولوجيات الحديثة. مرتبة ينتبه إليها المسؤولون المغاربة مرة في السنة والمناسبة اليوم العالمي لمحاربة التدخين. هكذا إذن مر اليوم العالمي لمحاربة التدخين، عُقدت الندوات، وتحركت الآلة الإعلامية لتبين لنا أن التدخين مضر بالصحة وأنه سبب رئيسي لمجموعة من الأمراض الفتاكة ، وكأن محاربة التدخين ترتبط بفترة زمنية محددة، فترة يحاول خلالها المسؤولون أن يوهموننا بأنها ستساعد في دفع جيوش المدخنين للإقلاع عن هذه العادة، واقع الحال يكذب ذلك. فمن المستحيل أن يقلع من تعود على التدخين سنوات عديدة بمجرد متابعته لوصلة إشهارية خاصة بالموضوع أو لمجرد حضوره ندوة في الموضوع، الأمر يحتاج إلى سياسة وطنية تمتد على طول السنة، سياسة تتوجه إلى الأطفال والشباب لدفعهم إلى الإحجام عن التدخين . فملايين المدخنين يدركون جيدا أن تداعيات تناول سيجارة واحدة ستكلفهم كثيرا فيما سيأتي من الأيام والسنين. الإحصائيات الرسمية تفيد بأن استهلاك المغاربة للسجائر يفوق 14 مليار سيجارة خلال سنة واحدة، رقم يضع المغرب في المرتبة الخامسة عالميا في كمية السجائر المستهلكة بالرغم من الحملات التي تطلقها السلطات لمواجهته. البحث الوطني السابق عن التدخين بالمغرب توصل إلى أن المدخنين المغاربة جلهم من الشباب والمراهقين وأنهم أنفقوا تسعة مليارات من الدراهم لاقتناء السجائر وأن عمر الزبناء يبتدئ من سن 13 سنة الأمر الذي يدق ناقوس الخطر، خطر يداهم طفولتنا ويرشحها لأن تصبح سجينة سيجارة وزبونا وفيا لشركات التبغ، كل هذا والمسؤولون يتفرجون ويتحدثون في الصالونات السياسية والموائد المستديرة عن آفة التدخين ولا تتجاوز تدخلاتهم فضاء هذه الجلسات ، وفي أحسن الأحوال تنقل على شاشات التلفاز أو تخرج إلى العلن على شكل إعلانات تلفزية أو إذاعية من دون أن تترجم توصياتها على أرض الواقع. وفي انتظار أن تحل مناسبة اليوم العالمي لمحاربة التدخين السنة القادمة، سيبقى المغاربة يعيشون وسط الدخان ولسان حالهم يقول »سعداتنا بدخاننا«!