ينظم مختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدارالبيضاء، بتنسيق مع ماستر السرد الأدبي الحديث والأشكال الثقافية ندوة علمية في موضوع : محكيات المجتمع والذاكرة والتاريخ « حول ثلاثة نصوص للباحث السوسيولوجي والمبدع عبد الله ساعف: «الحافلة رقم 32»، و»أنّا ما» ، ورواية «جودار» ، وذلك يوم الجمعة11 دجنبر 2015 في الساعة (9,30) صباحا بقاعة الندوات، بحضور المؤلف وتسيير عثماني الميلود ومشاركة الباحثين خديجة الزاوي والحسين أرخص وفاطمة الزهراء عطيوي. يرتهن السرد القصصي بإقامة جسور التواصل بينه وبين الواقع الذي يسهم في إنتاجه، كما أن سلطة الزمن الحاضر تظل رافدا أساسيا للمخيلة الإبداعية لدفعها نحو بناء معرفة بهذا الحاضر المشترك، باعتباره إطارا وجوديا، ممارسا بذلك سلطة مباشرة على المبدع، عبر التأمل فيه؛ وبالتالي عبر التفاعل العميق معه بهدف تمثله واستيعابه، لكن لحظات التخلق الإبداعي تنقل تلك التأملات من مستوى التلقي العفوي والفهم البسيط إلى مستوى الإنتاج والترميز، عبر استثمار الخيال. حينها يعيد المبدع إنتاج الواقع بكثافة استعارية يصبح معها العالم أكثر انفتاحا واتّساعا. إلا أن السرود القصصية لا تجد فكاكا من سلطة الذاكرة، مهما كانت واقعية، على اعتبار أن الزمن المثالي للحكاية هو الزمن الماضي. ومن ثمة يصبح ارتهان السارد بالزمن مزدوجا: الحاضر بإشكالاته وقضاياه وهواجسه، والماضي بتجاربه ووقائعه وأحداثه. هكذا يصبح الحاضر منتجا لنص المجتمع، ويصبح الماضي منتجا لنص الذاكرة، دون أن يعني ذلك إلغاء أحدهما؛ بل إن حضورهما ضرورة إبداعية يفرضها منطق السرد الأدبي، ومنطق المعرفة الحكائية التي تتأسس على التوليف بين العناصر المتباعدة من خلال قدرة اللغة على التمثيل والتشخيص، وكذا قدرة المخيلة على بناء الحبكة السردية . إن محكيات عبد الله ساعف لا تخرج عن هذا المنطق الزمني الثلاثي في السرود القصصية: حاضر الحاضر، وحاضر الماضي، وحاضر المستقبل بتعبير بول ريكور. إنها تسير في اتجاه بناء عوالم متجاورة يقف فيها الواقع على تخوم الخيال، ويحاذي فيها التاريخ/ الذاكرةُ الحاضرَ. باختصار شديد: إن علاقة السرد بالذاكرة والمجتمع علاقة متداخلة.