آلام الحيض أو تقلصات الدورة الشهرية هي حالة جد شائعة وتتجسد في مغص دوري في أسفل البطن والحوض، مع انتشارها إلى غاية الظهر والفخذين والأطراف السفلية، وتقع في بداية الحيض أو ساعات قبله، وتستمر في الغالب ما بين 24 إلى 36 ساعة، وتكون مصاحبة بتقيؤ وغثيان مع إعياء و إسهال وشحوب. كما يصنف الأطباء آلام الحيض إلى أولي، عندما يحدث في السنوات الأولى بعد البلوغ، و ثانوي عندما يحدث عند السيدات بعد سن ما بين 25 و30 سنة، ويكون ناجما عن مرض عضوي. وتصل نسبة النساء اللواتي يعانين من ألم الدورة الشهرية ما بين 60 إلى 80 في المائة من الفتيات البالغات، وما بين 30 و 50 في المائة من النساء في سن الحمل. ويعتبر عسر الطمث من أسباب التغيب عن العمل، بحيث أن واحدة من كل أربع نساء تفرض عليها حدة الآلام التغيب عن العمل أو الدراسة. كما تشير بعض الدراسات إلى وجود عوامل خطر مرتبطة بعسر الطمث الأولي كالتدخين، الكحول، السمنة، البلوغ المبكر، ومحاولة النقص من الوزن. ولتقريب القارئ من موضوع اليوم، نقدم بعض المعطيات الفيزيولوجية لعسر الطمث، بحيث يحدث في كل شهر عندما تنفك بطانة الرحم أثناء المحيض، ويتم اطلاق هرمونات «البروستجلانديات» التي تحفز عضلات الرحم لتنقبض وتلفظ هذه البطانة المفككة السائلة. عند اليافعة يشرع الألم في الخمود مع مرور الأعوام ويتوقف غالبا مع الحمل الاول، وفي غالب الأحيان تكون تقلصات الحيض شيئا طبيعيا ولا تستدعي تدخلا طبيا إذا كان الألم خفيفا. أما بالنسبة لعسر الطمث الثانوي فيتسم بحدوث الألم بعد فترة طويلة من دورات طمثية لا ألم فيها، وبنزف أكثر غزارة من العادي، مع استجابة أقل لمضادات الالتهاب اللاستيرويدية بالمقارنة مع المريضات بالعسر الطمث الأولي، إضافة إلى زيادة حساسية ألم الرحم في أوقات غير وقت الطمث. وعندما يكون الألم حادا ويستمر بعد النزف الحيضي، يكون عسر الطمث غالبا مرتبطا بداء فرط نمو بطانة الرحم أو أورام ليفية، أو التهاب بطانة الرحم، أو الاجتياح الغدي لعضلات الرحم، أو تضيق عنق الرحم الخلقي، أو بعد تدخل جراحي، أو وضع لولب الرحم، أو أكياس في المبيض. وفي السياق ذاته تشير دراسات إلى فرضيات حاولت تفسير حدوث آلام الدورة الشهرية ومن بينها اضطرابات تقلصات الرحم، اضطرابات في التروية الرحمية، فرط في انتاج «البروستاكلاندين» خاصة «البرستكلندينات ب ج ف الفا 2»، واضطرابات هرمونية نفسية أو وراثية . هذا وتصطدم العناية الطبية بعسر الطمث بعدة صعوبات، منها ما يتعلق بالحشمة أو ما يتعلق بعوامل ثقافية، ويؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى إهمال العلاج، خاصة عندما يسبب ألم الحيض عجزا مع التأثير على جودة الحياة، وتصبح الاستشارة الطبية كذلك واجبة عندما يكون نزف الحيض قويا ومصحوبا بألم حاد أو قلق أو تأثير نفساني مع تأرجح مزاجي. ويقوم الطبيب المعالج باستبعاد السبب العضوي لعسر الطمث بالاستعانة باستجواب دقيق للمريضة، حول قصتها المرضية والقيام بفحص سريري شامل، وكذلك الفحص بالصدى وتحليلات مخبرية. ويتنوع علاج عسر الطمث حسب حدة الأعراض ونتيجة الفحوصات السابقة، ووجود اضطرابات للدورة الشهرية على مضادات الالتهاب «اللاستيرويدية» أو «البروجيسترون»، من 16 إلى 25 يوم من الدورة الشهرية، أو حبوب منع الحمل «الاوستروبروجيستاتيف»، كما ينصح الطبيب المعالج بالقيام بتغييرات في نمط العيش، وذلك بتخفيض استهلاك الملح والسكر والكافيين، شرب مشروبات ساخنة، والاستحمام بماء دافئ، ووضع فوطة ساخنة على أسفل البطن، مع الاستفادة من امتيازات التمارين الرياضية وزيادة احتواء الغذاء على الألياف كالفواكه والخضراوات الطازجة، مع ارتداء ملابس داخلية واسعة . أما في حالة عسر الطمث الثانوي، فينكب العلاج الشفائي على علاج الأمراض المسببة لها، خاصة علاج التهاب بطانة الرحم التي تعد من الأسباب الرئيسية لعسر الطمث الثانوي، وتتطلب تشخيصا مبكرا لتفادي العواقب المرضية على المدى البعيد كالألم والعقم. وفي الختام ولمساعدة الفتاة على تجاوز الصعوبات النفسية لألم الحيض نحث المسؤولين على تشجيع التربية الصحية في المؤسسات التعليمية، ونقدم في بضعة سطور شرحا للدورة الشهرية التي تدوم 28 يوما وتنقسم إلى أربعة مراحل، وتتميز المرحلة الأولى التي تستغرق عادة 3 إلى 7 أيام بخروج دم الحيض في بداية كل دورة شهرية، المرحلة الثانية وهي المرحلة التشعبية وتمتد من اليوم السادس إلى اليوم الثالث عشر أو الرابع عشر، وتتميز هذه المرحلة بزيادة سمك بطانة الرحم وتدفق الدم فيها ونمو الغدد،حيث تنضج الحويصلة المبيضية وتبدأ بإفراز هرمون الأنوثة الاوستروجين، وتتمزق الحويصلة لتخرج البويضة منها وتكون مستعدة لإخصاب ليوم واحد وهو اليوم الرابع عشر، المرحلة الثالثة وهي المرحلة الإفرازية وفيها يتم إفراز هرمون الأنوثة من الجسم الأصفر وهو من بقايا الحويصلة المبيضية وتمتد من اليوم 15 إلى اليوم 26 تحت تأثير هرمون الأنوثة، حيث يزداد سمك بطانة الرحم وتنتفخ وتكثر الأوعية الدموية والغدد الإفرازية للاستعداد لاستقبال البويضة، ثم المرحلة الرابعة أو المرحلة قبل الحيضية والتي تمتد من اليوم 27 إلى اليوم 28 ويبدأ خلالها الجسم الأصفر بالاضمحلال لو لم يتم تخصيب البويضة، ويقل إفراز هرمون الأنوثة الذي يقلل من تدفق الدم إلى بطانةالرحم المنتفخة، وتبدأ بعدها مرحلة تدفق الدم أو ما يعرف بمرحلة الحيض. وتجدر الإشارة إلى أنه في كل شهر يطلق احد المبيضين بويضة واحدة تصل في اليوم الرابع عشر من الدورة الشهرية إلى قناة فالوب، وتنتظر الإخصاب، وفي نفس الوقت يكون الرحم قد تهيأ لاستقبال البويضة على أساس أنها ستخصب، وتصل البويضة إلى الرحم وعندما يجدها غير ملقحة يقوم بإزالة الطبقة الدموية، التي تخرج على شكل دم عن طريق المهبل.