يمشط رجال القائد نعيم وهم يركبون الخيول والدراجات النارية طريقا يغلفه الضباب في مناطق شمال أفغانستان، وسط مساعي الحكومة لزيادة أعداد المليشيات المعادية لطالبان في أرجاء البلاد. وفي مسعى يائس لهزيمة حركة طالبان التي تكثف هجماتها، تعمل الحكومة على تجنيد آلاف المسلحين من أصحاب السوابق أو ارتكبوا مخالفات أمنية لدعم القوات البرية الأفغانية التي تعاني من إصابات قياسية في صفوفها. إلا أن بروز هذه الجماعات التي تذكر بالحرب الأهلية المدمرة التي شهدتها البلاد في تسعينات القرن الماضي والتي أدت إلى سيطرة طالبان على البلاد، يهدد بتصاعد ظاهرة تعدد الفصائل والمليشيات في البلاد ما يؤدي بشكل اكبر إلى إطالة النزاع، بحسب ما يرى مراقبون. ويقول نعيم، قائد المليشيا القصير والبدين، والذي يقود نحو 200 مقاتل في اقليم باشتون كوت المضطرب في ولاية فارياب المجاورة لتركمانستان، ان هذه المليشيات ضرورية لبقاء البلاد. وفي مشهد وكأنه مستوحى من كتب التاريخ، يجوب رجاله على ظهور خيولهم حاملين على اكتافهم الرشاشات وقاذفات الصواريخ، ممرا جبليا قريبا من قرية جمشيدي بحثا عن متسللين من طالبان تلقى عليهم مسؤولية سلسلة من الكمائن القاتلة. ويرفض نعيم وصف قواته بالمليشيات بسبب تاريخها السيء، ويفضل وصفها ب»قوات الانتفاضة» ويقول انه بدونها «فان طالبان ستسيطر على الاقليم في دقائق وتقتل جميع من تجده في طريقها حتى تصل الى القرى» واضاف «بدوننا ستصبح فارياب قندوز أخرى» في اشارة الى المدينة الشمالية التي سيطرت عليها قوات طالبان لفترة وجيزة في شتنبر الماضي في اكبر نصر تحققه منذ 14 عاما. وتضم مجموعات فارياب المسلحة غير النظامية او شبه النظامية نحو 5000 رجل, ويسعى السياسيون الافغان الى تجنيد آلاف اخرين في صفوفهم في ارجاء المنطقة، مع اتساع تمرد طالبان العصي على الهزيمة, بحسب ما صرح مسؤول غربي لوكالة فرانس برس. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته ان «سعر بندقية ايه كاي 47 تضاعف تقريبا في سوق مدينة ميمنة عاصمة الولاية خلال العامين الماضيين مع اعادة حشد المليشيات في فارياب». ويعتزم الرئيس الافغاني اشرف غني كذلك زيادة أعداد «شرطة الدفاع المحلية» -- قوات مدعومة من الولاياتالمتحدة تدافع عن القرى وتشبه المليشيات -- لتصل الى 45 الف عنصر مقارنة مع نحو 30 الف حاليا في جميع ارجاء البلاد. ويمثل انتشار المليشيات، الذي يعد عامل خطورة في البلاد المضطربة اساسا، خروجا كاملا عن جهود الحكومة السابقة لنزع اسلحة هذه المليشيات، كما انه يتعارض مع تعهدات غني الاخيرة بكبح جماح تلك المليشيات. وقال المسؤول إن «التنامي السريع لهذه الجماعات المسلحة يشكل مصدر قلق لما لها من تاريخ فظيع في انتهاك حقوق الإنسان ورفضها الإنصياع لأسيادها المفترضين في الحكومة». (أ. ف. ب)