إدوارد الخراط.. عَلم آخر من أعلام الثقافة العربية يرحل..منافح صلد عن القضايا المصيرية للشعوب العربية التي عانق خيباتها وتمثل أحلامها ، ودافع عن حقها في التحرر كشرط للتقدم رحل أمس الثلاثاء بعد معاناة مع المرض، قابلها بجرأة تضاهي جرأة كتاباته التي شكلت جسرا بين الثقافتين: العربية و الأوربية. 89 سنة من عمر حافل بالعطاء الأدبي والنقدي ، توجت بأكثر منخمسين كتابًا تنوعت بين القصة والشعر والرواية منها "حيطان عالية»، «رامة والتنين»، « الزمن الآخر»،»أضلاع الصحراء»، «يقين العطش»1984، و»صخور السماء»2000. كما ترجم إلى العربية 15 كتابًا منشوراً في القصة القصيرة والرواية والفلسفة والسياسة وعلم الاجتماع ، وبعض الكتب النقدية المهمة، التي شكلّت تيار الكتابة عبر النوعية والحساسية الجديدة، آخرها «المشهد القصصي»، و»القصة والحداثة». شارك الخراط في الحركة الوطنية الثورية في الإسكندرية عام 1946 وتم اعتقاله في ماي 1948، وقبع في معتقلي أبو قير والطور، ليخرج بعدها ويعمل في منظمة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية في منظمة الكتاب الإفريقيين والآسيويين، إلى أن جاء عام 1983 الذي قرر فيه أن يتفرغ للكتابة في القصة القصيرة والنقد الأدبي والترجمة؛ وجاءت أعماله ممثلة لتيار يرفض الواقعية الاجتماعية كما جسّدها الأديب الراحل نجيب محفوظ في الخمسينات، وهو أول من نظّر لل"حساسية الجديدة" في مصر بعد نكسة يونيو. ويعتبرإدوارد الخراط من أكبر الكتّاب المصريين والعرب وصاحب تيار خاص في الأدب العربي، حيث اعتبرت مجموعته القصصية الأولى «الحيطان العالية» عام 1959 منعطفاً حاسماً في القصة العربية. إذ ابتعد عن الواقعية السائدة آنذاك، ثم أكدت مجموعته الثانية «ساعات الكبرياء» هذه النزعة. وتعد روايته الأولى «رامة والتِنِّين»، 1980، حدثاً أدبياً في شكل الكتابة الأدبية الجديدة، أكده في «الزمان الآخر» 1985، وغيرها من الأعمال البارزة.ويشكل رحيل مفكر من طينة الخراط، خسارة فادحة للمشهد الثقافي العربي الذي كان أحد رواده المتميزين خاصة في معالجته لظاهرة الاستشراق، وقد ظل نموذجا للمثقف العضوي الذي يغوص في عمق القضايا الانسانية برصانة تحليلية وشجاعة فكرية تنتصر للحق.