يبدو أن التوتر الذي تعرفه العلاقات بين موسكو وأنقرة بسبب إسقاط القوات التركية مقاتلة روسية بدعوى خرقها الأجواء التركية سينعكس على المبادلات التجارية بين البلدين، حيث لوحت موسكو بعزمها مقاطعة المنتجات الفلاحية التركية. ويرى المراقبون أن الأسواق الروسية ستتجه، في حال تم تفعيل هذه المقاطعة نحو المنتجات الفلاحية المغربية، خصوصا على مستوى الحوامض. ولقد انعكست هذه الأزمة فعلا على أسعار الحوامض المغربية في الأسواق الروسية، حيث تم تسجيل ارتفاع نسبي مقارنة مع فترة ما قبل التوتر بين موسكو وأنقرة. وفي المقابل، فإن الجانب المغربي لا يزال متوجسا من تبعات ارتفاع الطلب الروسي على الحوامض المغربية، حيث يفضل المصدرون المغاربة، حسب ما أوردته مواقع إخبارية دولية متخصصة في مجال الاقتصاد والأسواق المالية، التريث وتوخي الحذر قبل الإقبال على أية خطوة بخصوص الرفع من حجم الصادرات الموجة إلى روسيا، حيث أن الأسواق الروسية تعتمد نظاما تسعيريا فريدا لا يتم فيه التعرف على القيمة الحقيقية للأسعار إلا في نهاية الموسم، لذلك فالمصدرون المغاربة يخشون من انهيار الأسعار في وقت لاحق. ومع ذلك، فإن المراقبين يرون في توجه موسكو نحو الصادرات المغربية تتويجا لجهود التنسيق بين مختلف الفاعلين المغاربة في قطاع تصدير الحوامض، حيث عرفت السنة الماضية إعادة النظر في سلسلة تقييم إنتاج الحوامض، وبالتالي تعزيز ضوابط التحكم في الصادرات المغربية وخفض مخاطر التعرض لتقلبات الأسعار في الأسواق الدولية. ولقد انعكست هذه الإجراءات على حجم الصادرات الفلاحية المغربية نحو الأسواق الروسية، حيث ارتفعت من 65 ألف طن خلال العام الماضي، إلى حوالي 100 ألف طن إلى حدود شهر نونبر من هذا العام. وتعتبر روسيا عاشر أكبر سوق استهلاكية في العالم، حيث تقدر ساكنة البلد بحوالي 146 مليون نسمة، علما أن المواطن الروسي يصرف حوالي 80 في المائة من دخله على الإنفاق، تستحوذ المواد الغذائية على حصة النصف من هذه الميزانية. وتشير الإحصائيات التي سبق ونشرتها المؤسسة المستقلة لمراقبة وتنسيق الصادرات إلى أن الميزان التجاري، في شقه الفلاحي، بين الرباطوموسكو يميل لصالح المغرب الذي سجل فائضا بقيمة 88 مليون درهم سنة 2014. وفيما يتعلق بالصادرات المغربية، فإن روسيا تعتبر ثاني الأسواق المستقبلة للمنتجات الفلاحية والغذائية، حيث تمثل هذه المنتجات 92 في المائة من إجمالي قيمة الصادرات المغربية إلى هذا البلد. وكان المغرب قد سجل حضورا مميزا في المعرض الدولي للمنتجات الغذائية ‘وورلد فود» الذي احتضنته موسكو شهر شتنبر الماضي، وكان فرصة لتعزيز وتقوية حضور المنتجات المغربية بالسوق الروسية ، كما كان الحدث مناسبة للمستثمرين المغاربة لعقد العديد من الشراكات الجديدة في القطاعات الفلاحية. وأتاحت المشاركة المغربية في هذا المعرض الدولي، للمقاولات المغربية العارضة إمكانية تعزيز حضورها في أكبر سوق تجارية على مستوى أوربا الشرقية لتسويق منتوجاتها، وعقد شراكات مع المهنيين ورجال الأعمال من روسيا ومن مختلف الدول المشاركة في هذا الحدث الدولي من أجل الرفع من حجم صادراتها من المنتوجات الغذائية الوطنية والتعريف بها في روسيا الاتحادية وباقي دول المنطقة. وبلغت قيمة المبادلات بين المغرب وروسيا فيما يخص المنتوجات الغذائية خلال السنة الماضية 2.6 مليار درهم أي 14 في المائة من القيمة الإجمالية للمبادلات التجارية بين المملكة المغربية وروسيا الاتحادية.