تواصل الحكومة بلا هوادة، هجومها على القدرة الشرائية للأسر المغربية، فخلال العشرة أشهر الأولى من العام، ارتفعت محاصيل الضريبة على الدخل (الأجور) بنسبة 7.3 في المائة، ما يمثل محصولا إضافيا بقيمة 2.1 مليار درهم مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وذلك في ظرفية تتميز بتجميد أجور العمال والموظفين وإغلاق الحكومة الباب، أمام الحوار الاجتماعي ،ورفضها لأي حديث عن تحسين القدرة الشرائية للمأجورين. ويتجسد المؤشر الثاني على هجوم الحكومة على القدرة الشرائية لعموم المواطنين في ارتفاع الضريبة على القيمة المضافة الداخلية بنسبة 6.2 في المائة خلال هذه الفترة، الشيء الذي وفر للحكومة، موارد إضافية من هذه الضريبة التي يتحملها المستهلك الأخير بنحو مليار درهم مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ومن خلال هذه الاقتطاعات من القوت اليومي للمواطنين، تمكنت الحكومة من تعويض الانخفاضات التي سجلتها على مستوى موارد ضريبية أخرى، كالضريبة على أرباح الشركات التي نزلت بنسبة2.5 في المائة خلال هذه الفترة، وعرفت انخفاضا بنحو مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. كما نزل محصول الرسوم الجمركية بنسبة 1.5 في المائة، ونزل محصول الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد بدوره بنسبة 4.1 في المائة، أي ما يناهز 1.1 مليار درهم مقارنة بمحصول هذه الضريبة خلال العشرة أشهر الأولى من العام الماضي. وتشير هذه الأرقام التي نشرتها مديرية الخزينة العامة ضمن نشرتها الإحصائية الأخيرة، إلى قلة حيلة الحكومة ولجوئها إلى الحلول التي تعتبرها سهلة من أجل التمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤسسات المالية الدولية. فالضريبة على الدخل التي تخضع لها أجور العمال والموظفين تقتطع من المصدر، وبالتالي فالحكومة تعتبر أن هذه الشرائح الاجتماعية بمثابة الحائط القصير لزيادة مداخيلها. نفس الشيء بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة التي يؤديها المستهلك الأخير للمنتجات وبالتالي فكل زيادة في رسم الضريبة على القيمة المضافة ينضاف إلى السعر النهائي لبيع المنتوج ليزيد من غصة المستهلك الذي سيبلع اللقمة في آخر المطاف. الضريبة على السكن أيضا ارتفعت محاصيلها بنسبة 3.8 في المائة، وارتفعت محاصيل الضريبة الداخلية على استهلاك المحروقات بنسبة 3.7 في المائة، وذلك في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط، الشيء الذي يؤكد مرة أخرى تكالب الحكومة وإصرارها على استهداف القدرة الشرائية للمواطنين في الوقت الذي تؤدي فيه سياساتها التقشفية إلى تثبيط عجلة النمو الاقتصادي وتقويض أرضية الاقتصاد الوطني، متسببة في ركود النشاط الاقتصادي وانكماش موارد الرزق. وبالموازاة مع تقويض منظومة المقاصة، فالحكومة تقف بالمرصاد أمام أي استفادة للمواطنين من انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية. ويتضح ذلك من الإحصائيات المتعلقة بصندوق دعم أسعار المواد الغذائية، فالحكومة خلال هذه الفترة لم تكتف بكونها لم تصرف ولا درهما واحدا على هذه الصندوق خلال العشرة أشهر الأخيرة، بل حققت منه مداخيل إضافية بقيمة 178 مليون درهم. الجانب الآخر الذي يظهر بجلاء التوجه السلبي للحكومة في المجال الاجتماعي كونها، حسب نشرة أكتوبر لمديرية الخزينة، وفرت 9 مليارات من الدراهم من الحسابات المخصصة لأمور خصوصية، والتي تضم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وصندوق مكافحة البطالة وصندوق التماسك الاجتماعي وصندوق التضامن من أجل السكن وصندوق دعم وتأهيل المؤسسات السجنية.