في تعقيب على جواب رئيس الحكومة عن السؤال المحوري حول التدبير المفوض -الذي يبدو أن هناك تحايلا لغويا في صياغته ليكون محوريا بين الأغلبية والمعارضة، والذي اعترف فيه رئيس الحكومة بأن «جلالة الملك أيقظه في الساعة السادسة صباحا لينبهه إلى ملف أمانديس بطنجة»- قال النائب الاشتراكي محمد الملاحي أن الحكومة مسؤولة عن ملف التدبير المفوض لاعتبارات كثيرة أهمها عدم تفعيل تقرير المجلس الأعلى للحسابات، ناهيك على أن دفاتر الشروط والتحملات تم إعدادها من طرف المصالح الحكومية، واتفاقيات التدبير المفوض لم تكن سارية المفعول، إلا بعد المصادقة عليها من طرف وزارة الداخلية ووزارة المالية. إضافة أن لجنة التتبع والمراقبة يرأسها ممثل عن الحكومة. ودعا عضو الفريق الاشتراكي رئيس الحكومة إلى عدم التهرب من هذه المسؤولية، باعتبار أن الحكومة لها قطاع وصي على الجماعات الترابية بكاملها وبمختلف ما وجد فوق التراب ضمن منظومة متكاملة في التدبير الترابي العام ، علما أن ارتفاع فواتير الماء والكهرباء خلف احتقانا اجتماعيا يهم وضعا اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا يهم البلاد، دون نسيان أن من شرع هذه الزيادات هي الحكومة نفسها في إطار عقد مبرم بين الحكومة والشركات المعنية بالتدبير المفوض. وقال الملاحي أن الأمر لا يقف عند الماء والكهرباء بل يتعلق بكافة الخدمات التي طالها ذلك، والتي ينتج عنها اصطدام بين الشركة والعمال والمواطنين في غياب واضح لعدم احترام دفتر التحملات. ونبه محمد الملاحي باسم الفريق الاشتراكي لهذا الوضع الذي أصبح يهدد السلم الاجتماعي في بلادنا. و كانت قضايا تفشي ظاهرة البطالة، و تدهور القدرة الشرائية، والصحة والرعاية الاجتماعية، والتدبير المفوض هي مجمل الأسئلة التي حملتها حقيبة الفريق الاشتراكي لمساءلة رئيس الحكومة في الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة أول أمس الثلاثاء17/11/2015 بالغرفة الأولى. وفي الوقت الذي اختار فيه رئيس الحكومة ملأ الزمن المستفيض المخصص له للإجابة على أسئلة النواب «بالقفشات»، وأحيانا مغازلة بعض الأعضاء في المعارضة باسم «الصحبة القديمة»، لم يتردد الفريق الاشتراكي في الدفع بالملف الاجتماعي إلى واجهة التساؤل في اطار التحدي الكبير الذي تواجهه حكومة بنكيران في كافة الخدمات الاجتماعية في التعليم والصحة والسكن والتشغيل. وفي هذا الصدد وحول فشل السياسة العامة في إيقاف تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، ترك النائب الاشتراكي محمد اجدية لغة الضاد جانبا ليحول أنظار رئيس الحكومة إلى واقع مرير مشدود إلى قفة المواطنين وخبزهم و شايهم وإلى الطرق التي جعلت المغاربة يعدون الأيام التي اختاروا أن يضيئوا فيها ركنا من بيتهم دون الأركان الأخرى رغم صغر المساحة المحتاجة فعلا إلى إنارة بسبب سوء أحوال بنائها، وذلك كي لا يصدموا بمبالغ ضخمة مرقمة في فواتير الماء والكهرباء الشهرية. ودعا جدية رئيس الحكومة إلى استحضار هذه الأوضاع في مخططات الحكومة لأنها أوضاع تدعو إلى التدبير و الحكامة، متسائلا ،هل الحكومة تريد التخلي عن السياسة العمومية لقطاعات خاصة؟ و إذا كان الأمر كذلك فليكن ضمن منظومة واضحة وشفافة تُطرح للنقاش والترتيب، مع قول الحقيقة للمغاربة. وفي جوابه لم يتقبل رئيس الحكومة صراحة محمد اجدية كابن جهة مراكشآسفي ، الذي خبر معاناة «دواوير وفلاجات» عبدة واحمر، قائلا:» لا أعرف مع من تتكلم هل مع رئيس حكومة المغرب أم رئيس حكومة دولة أخرى؟» والحال أن الرئيس فعلا، لا يعرف أن مغربا آخر في الهامش ينبغي أن يتخلى فيه الرئيس عن منبره الخطابي لكي يصل الى هذا المغرب الهامشي ،بنية الإصلاح الفعلي التنموي منه على الخصوص، لا بنية انتزاع مقعد انتخابي، وهو الاسلوب الذي دفع رئيس الحكومة إلى اتهام الفريق الاشتراكي بنقل معلومات خاطئة عن المغرب كما اتهم في نفس الجلسة فريقا من المعارضة بزرع الفتنة عندما واجهه هذا الفريق بأرقام تكشف عن مخاطر تجرنا لها السياسة الحكومية العشوائية. وحول العجز في مواجهة معضلة البطالة ساءل النائب الاشتراكي المختار راشدي رئيس الحكومة عن حصيلة حكومته في تدبير ملف البطالة، مستحضرا البرنامج الحكومي الذي التزمت فيه هذه الحكومة بخفض معدل البطالة إلى حدود 8% . لكن رئيس الحكومة عوض الحديث عن التزامات الحكومة و الأسباب الكامنة وراء إخفاقها وعدم وفائها بالتزاماتها، ذهب إلى تفصيل غير وارد في سؤال النائب حول البطالة الحاملة للشهادات والأخرى غير المتوفرة على ذلك. ولم يكتف بنكيران بذلك بل احتمى بالماضي الذي حدده في 40سنة قال عنها أنها حملت إرثا لم يستطع التغلب عليه لحل مشاكل البطالة. وفي تعقيبه أكد النائب البرلماني المختار راشدي على أن سؤاله يتمحور حول البطالة بشكل عام، أي بطالة حاملي الشواهد وبطالة حاملي السواعد، في إشارة منه إلى عمال قطاع البناء الذي يشهد تراجعا كبيرا ويساهم في بطالة هذه الفئات بعدما كان منتجا للشغل، كما فاجأ النائب،رئيس الحكومة ب 20 فبراير،قائلا:» ليس الأمر متعلقا بحركة عشرين فبراير، ولكن في 20 فبراير 2012 توصلنا بجواب عن سؤال كتابي يتمحور حول نفس الموضوع أي التعاطي مع استفحال بطالة الشباب حاملي الشهادات، والثاني حول منهجية الحكومة للتخفيض من نسبة البطالة الموجه من طرف فريقكم في العدالة والتنمية، وفيهما اعتراف بالمجهود المبذول من طرف الحكومات السابقة في التخفيف من البطالة ،كون المغرب تمكن بفضل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي سنها طيلة 12 سنة الأخيرة من التقليص من نسبة البطالة ب 4,5 نقطة والتي انتقلت من 13,6% سنة 2000 إلى 9,1 خلال سنة 2010 ،وجدتم أيضا معدل البطالة في سنة 2011 في حدود 8,9 % ، بمعنى أخر، عرف معدل البطالة انخفاضا مهما في السنوات الآنفة الذكر وعهد الحكومات التي سبقتكم، لكن اليوم السيد رئيس الحكومة، معدل البطالة ظل يراوح مكانه و يرتفع من حين للأخر بل وخلال الفصل الثالث من هذه السنة ارتفع من معدل 9,6 إلى حدود 10,1 حسب التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط وبالرجوع إلى حركة 20 فبراير التي قادت حراكا أدى إلى ربح وثيقة دستورية متقدمة في مضامينها ولا سيما في الجانب المتعلق بالحقوق والحريات، فإن الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين بالمغرب، لم تتوصل بوصل الإيداع القانوني وهي اليوم تناضل من أجل حقها في التنظيم متسائلا أيضا: لماذا لم يتم الاعتراف بها قانونيا وهي كذلك تناضل ضد البطالة؟ « وفي تعقيبه اعترف رئيس الحكومة بأن هذا الملف ثقيل ولم يكذب الأرقام في معدلات البطالة التي وصلت إلى حدود 10,1% بل قال في اعتقاده قد يكون أكثر بكثير من هذا الرقم ، وامتنع في تعقيبه عن الإجابة عن وصل الإيداع القانوني لجمعية المعطلين. وحول التزامات الحكومة بتحسين الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية والتي أقرتها الحكومة في شخص رئيسها الذي ألقى عرضا بخصوصها أمام البرلمان وتحديدا يوم 8 يوليوز 2014،وضع النائب الاشتراكي محمد ملال، رئيس الحكومة أمام حقائق متردية تعيشها بلادنا تكشف عنها مستشفياتنا التي تشهد تراجعا في الخدمات أو انعدامها ، من قبيل ضعف التجهيزات والأطر الطبية، ناهيك عن الاكتظاظ الخطير في غرف المستشفيات البئيسة، دون احتساب سوء التنظيم والحماية الاجتماعية للعاملين في القطاع الذي يبدو أن الدولة في طريقها لتفويته إلى القطاع الخاص، الشيء الذي لا يتلاءم مع أوضاعنا الاجتماعية في كافة الهوامش حضريا وقرويا، مع العلم أن هناك مناطق جبلية-يقول ملال- لا تعرف الطريق إلى الصحة في ظل دستور يكفل الحق في ذلك لكافة المغاربة . ومع وضع هذا الواقع الصحي أمام رئاسة الحكومة ،لم يفت محمد ملال أن يعمل ب «الله يحب عبده الملحاح» فكرر السؤال: متى يتسنى للحكومة تطبيق التزاماتها؟ ولم يكن في جعبة الرئيس جوابا غير القول أن هذه الأسئلة ينبغي أن توجه إلى القطاعات المعنية ، مما جعل رئيس الجلسة رشيد الطالبي العلمي يجيب رئيس الحكومة أن «النواب يريدون الجواب من رئيسهم في حكومتهم».