إنها أكثر المناسبات الدينية والاجتماعية اقترانا بالمرأة المغربية، التي تعزف فيها بكل ابتهاج، أيقونة الحياة المفعمة بالمرح و الفرح ومهجة الصبا. فعلى عكس ما يحدث في العراق ولبنان وإيران، ودول إسلامية تتكلم لغة الدم والبكاء والندم والتحسر فإن المرأة المغربية تحتفل بعاشوراء على أهازيج السرور والفرح والبهجة كل عاشر من محرم من كل سنة هجرية وهذه المناسبة بغض النظر على حمولتها التاريخية والدينية، فهي تمثل بحق الخصوصية الثقافية والحضارية التي ينفرد بها المغاربة دونا عن غيرهم في العالم الاسلامي بما يولوا إليها من أهمية تتجلى واضحة في كل الطقوس الممارسة منذ أن يهل علينا شهر محرم. حقيق أن تفاصيلا كثيرة من ملحمة عاشوراء اختفت تدريجيا في مجتمعاتنا إلا أنه ما زالت هنالك طقوس تحافظ عليها الجدات والأمهات قدر المستطاع،حيث تقتني النساء كل أنواع الفواكه المجففة من تمور ولوز وجوز وزبيب وتين مجفف والكاكاو والحمص وتتسابق في تحضير الكعك، الذي يضاف لاحقا إلى صينية «الفاكية»، وتعد النسوة الحاذقات «اكلة الكسكس بالقديد» وهو اللحم المجفف والديالة، الذي يتم تخزينه قبل شهر وتحديدا منذ أضحية «العيد الكبير». ويجتمع على المائدة الدسمة كل أفراد العائلة الكبيرة من ايناء و زيجاتهم وبنات والنسائب والأحفاد. وما أن يرفع طبق الكسكس حتى تحضر سيدة البيت الشاي بالنعناع مصحوبا بالفاكية والثمار الحلوة. وفي وقت سابق كانت النساء تقتني السواك و الحناء وكل ماتحتاجه للزينة، وتشتري الطعارج والبنادر والدفوف للابتهاج و الرقص والغناء ولا تنسى التزود بالبخور مثل الجاوي و الحرمل والفاسوخ، لاعتقادهن أن ذلك يدفع عنهن وعن أسرهن الحسد والسحر والأذى، إلا أن المرأة المغربية الحداثية انصرفت عن هذه الطقوس شيئا فشيئا، واكتفت بما يناسب تفكيرهن ووعيهن وبما يسمح به وقتهن،، فلا ضير بالنسبة لهن التأنق و التزين و التجمع على طبق الكسكس اللذيذ الذي تحضره غالبا الأم أو الحماة، ولا بأس في التهام الفاكية اللذيذة واقتناء الألعاب للأطفال لإدخال البهجة والفرحة إلى قلوبهم، وتمتنع النساء خصوصا ذوات الحمولة الثقافية البدوية والتقليدية عن تنظيف التياب والمنزل بالماء حتى تخمد نار شعالة عاشورياء وتنتشر هذه العقائد بالمناطق الجنوبية ببلادنا كما تتجمل النساء و تتزين وتضع الصبايا عليهن أجمل الملابس التقليدية.. كما تدأب كل أم تحذير ابنها من هول السحر ليلية عاشوراء و تنبهه من الخطر الذي قد يحدق به من معجبة أو خطيبة كما تحذر اخرى ابنتها من خطر سحر حماتها. أما الطقوس التي سادت فيما مضى من زيارة أضرحة وسادات والمشعوذات والخرافات التي كانت أهم ملامح ليلة العاشر من محرم، فإن أغلب النسوة المعاصرات انصرفن عنها لأنها لا تتناسب وفكرهن الحداثي ووعيهن الثقافي. ومن الطقوس الجميلة لعاشوراء والتي لم تندثر بعد، ارتداء لباس الفرح والسرور والغناء في طقس احتفالي، تغني وترقص النساء مستعملة الطعاريج والباندر و تردد اللازمة النسائية المغناة التي تقول «بابا عيشور ماعلينا الحكام الالة. عيد الميلود تايحكو الرجال ألالة» و اللازمة الثانية التي تقول كلمتها «كديدة كديدة.. مرمية على العواد الالة بابا عيشور جاي يصلي أو داه الواد الالة».. أو اللازمة الثالثة « عيشوري عيشوري دليت عليك شعوري».