أول الكلام قبل السفر بالقراء فوق منخفضات ومرتفعات ومنعرجات الفساد الذي يؤثث تضاريس بعض الجماعات الترابية بإقليم وزان ، الذي وصفه ( الإقليم ) يوما رئيس الإدارة الترابية الإقليمية ، بأنه منكوب تنمويا ، ويتطلب مجهودا استثنائيا وانخراطا جماعيا إن أراد صناع القرار به ركوب وزان قطار التنمية الذي يخترق الجهة الترابية التي تنتمي إليها دار الضمانة ومسايرة سرعة إيقاع سيره ، (قبل ) هذه الجولة وجب التذكير بأسباب النزول التي لم تكن غير محطة الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة التي قادتنا إلى زيارة بعض الجماعات الترابية في إطار الملاحظة الانتخابية المنجزة لصالح المجلس الوطني لحقوق الإنسان . على هامش عملية الملاحظة الانتخابية التي أنجزها - فريق من ستة أعضاء - استفزتنا مشاهد شاهدة لوحدها على الفساد الذي نخر عظام بعض الجماعات الترابية خلال التجربة الجماعية الأخيرة ، فاخترنا - من باب اللهم إننا قد بلغنا - تسويقها إعلاميا، لعل من حملتهم صناديق الإقتراع أو غيرهم يجرون عمليات تجميلية تدفن إلى الأبد التجاعيد التي تؤثث بالسواد وجه هذه الجماعة أو تلك . جماعة سيدي رضوان نحن الآن بمركز جماعة سيدي رضوان التي تعتبر نموذجا ساطعا للاختلال التدبيري . جماعة دخلها البعض لا يملك شيئا ليغادرها بحسابات بنكية وعقارات يصعب عدها . زيارتنا تزامنت مع السوق الأسبوعي الذي يحج له كل سبت سكان العشرات من الدواوير الكثير منها معزول . أردأ صورة وأقبحها على الإطلاق صادفناها تتعلق بمرفق « المجزرة « التي بها تذبح الأنعام التي تباع لحومها للمواطنين ، أو تقدم لبعضهم كوجبات غذائية تحت الخيام المنصوبة بفضاء السوق الأسبوعي ... «مجزرة غير» مربوطة بشبكة الماء الشروب وتعلو الأوساخ جدرانها ...روائح كريهة تزكم الأنوف لأن مخلفات البهيمة المذبوحة يتم التخلص منها أمام مدخلها .... كلب يتغذى من هذه المخلفات ومن قال بأنه لا يدخل إلى قلب ... خطوات معدودة من هناك شعرت بزلزال يضرب أمعائي ، بعد أن سقطت عيني على بائع للحم الديك الرومي ( بيبي) يعرضها للبيع فوق قطعة خشب نتنة ، و تحت الخيوط الذهبية لشمس شهر غشت الحارقة .... أين المراقبة البيطرية ....أين السلطة والجماعة وقسم حماية المستهلك وقمع الغش بالعمالة ، أين جمعية حماية المستهلك والمجتمع المدني و ... من سيدي رضوان جاء دور الملاحظة الانتخابية على قرية الزواقين الواقعة تحت النفوذ الترابي لنفس الجماعة . لهيب الحملة الانتخابية مستعر «بالسوق الأسبوعي» الذي ينعقد كل أربعاء . وجوه ساكنة القرية تبعث أكثر من رسالة من نظراتها الحزينة . كيف لا يحزن أبناء دواوير أولاد عبد الله ، وأولاد بنسليمان ، واحساسن والعطش يقتلهم منذ أن دك «الفساد» أركان «جمعية المسيرة..» التي كانت مكلفة بربط منازلهم بشبكة الماء الشروب ، من دون أن يقول القانون كلمته في «خفافيش الظلام» ، حتى وأن الجمع العام للجمعية المنعقد نهاية العشرية الأولى لهذا القرن ، أسقط تحت الصفير والشعارات تقريرهم المالي .... كيف لا يقلق أبناء قرية ذاع في كل أرجاء الوطن صيتها العلمي والثقافي ، وحضورها في رحاب مقاومة المستعمر ، وانتصارها لاستراتيجية النضال الديمقراطي ، بينما الطريق الذي يخترقها على مسافة أقل من 2 كلم ليربطها بالطريق الجهوية 408 مدمر عن آخره ، وكأن أطنانا من القنابل قد نزلت عليه للتو ؟ وتزداد نقمتهم على « الانتخابات وما يجي من حسها « و دكاكين بنيت بالمال العام لتساهم في خلق الحركية والرواج بالسوق الأسبوعي ، حولها الإهمال إلى أشلاء ؟ وكيف لا تخاصم ساكنة القرية المؤسسات وتفقد فيها الثقة وهي ترى الأيادي مكتوفة أمام النهب الذي يطال أرض الجماعة المجاورة للسوق الأسبوعي رغم تل من الشكايات المرفوعة لهذه الجهة أو تلك ؟ جماعة المجاعرة بين يومي السبت والأربعاء يستقر يوم الثلاثاء، ولأنه اليوم الذي يفتح فيه مركز عين دريج ، التابع لجماعة المجاعرة ذراعيه لاستقبال زواره ، فلم أتردد عندما وقع اختيار نزولي ضيفا على سكانه ومرافقه لأكون شاهدا حيا ومحايدا على سير الحملة الانتخابية به.... انتبهت أثناء المرور العابر بمقر القيادة ، للحصول على بعض المعلومات الرسمية، بأن البناية آيلة للسقوط ، ورغم ذلك مازالت تحتضن مكتب القائد وباقي الطاقم الإداري في انتظار إتمام ورش البناية الجديدة... الغريب في الموضوع هو أن البناية يعود تاريخ تشييدها إلى سنة 2010... التاريخ لا يشير إلى ما قبل الميلاد ، بل فقط إلى الخمس سنوات الأخيرة ....ألا يعني هذا بأن الاختلال قد مر من هنا، وأن المؤسسات الدستورية والآلية القطاعية الساهرة على سلامة تدبير المال العام، تأخرت أو عطلت أو «الله أعلم» تفعيل فصل ربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليها دستوريا.... مركز عين دريج الذي يتوسد أكبر سد على الصعيد الوطني ( سد الوحدة ) له من الإمكانيات والمقومات ما يجعله يتحول في زمن قياسي إلى ثاني مركز حضري بإقليم وزان ، لو تم وضع إدارة شأنه بين أياد أمينة، تلتقط إشارة الإصلاح التي أطلقتها أعلى سلطة في البلاد، فتنخرط فيها . لذلك فمن أفرزهم التنافس الانتخابي هناك، مطالبون بفتح ورش الصرف الصحي الذي يقلق الساكنة ويعطل الكثير من المشاريع الاستثمارية . كما أن المركز الذي يشكل قبلة الآلاف من المواطنين والمواطنات في حاجة ماسة ومستعجلة لمستشفى محلي، ومرافق اجتماعية أخرى. والعمل على وضع حد للبناء العشوائي، مع السهر على تنظيم مجال المركز . ولأن المؤسسات التعليمية تتحول يوم الاقتراع إلى مكاتب للتصويت ، فقد كان لابد من القيام بزيارة خاطفة لإعدادية أبي بكر الرازي للتأكد هل هي والجة بالنسبة للهيأة الناخبة يوم الإقتراع أم لا . حالة من الذهول ستصيبني ومرافقي ونحن نقف على مؤسسة مرافق إدارتها ، وسكنيات بعض إدارييها عبارة عن أشباح ، وأن سقوطها قضية وقت وكفى . وضعية كارثية تفيد بأن المخطط الاستعجالي بملاييره المرصودة لتأهيل المؤسسات التعليمية لم يمر من هنا . جماعة مصمودة تخاطبكم بهذه الجماعة القروية التي توجد على مرمى حجر من مدينة وزان في اتجاه العاصمة ، حط بنا مركب الملاحظة الانتخابية مرتين . أول ما يستقبل الزائر هو ورش تأهيل مركز الجماعة الذي يسابق الزمن الانتخابي . لكن بعيدا عن هذا ساقتني الأقدار إلى ورش بناء دار الطالبة المعطلة الأشغال لسنوات مضت . أسباب نزول هذا المشروع الاجتماعي نعثر عليها في الارتفاع المهول في نسبة الهدر المسجلة في صفوف التلميذات ، التي يفرض عليهن بعد مقرات سكنى أسرهن عن الثانويتين ، وانتمائهن لدائرة الهشاشة الاجتماعية ، وغياب النقل المدرسي ، الانقطاع الاضطراري عن الدراسة . ولمواجهة هذه الوضعية الصعبة ، تقرر سنة 2010 تعزيز شبكة الدعم الاجتماعي المقدمة للتلاميذ ، وذلك بتخصيص اعتماد مالي من ميزانية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي كان يرأس لجنتها الإقليمية العامل السابق . قرعت الطبول ، وزمرت المزامير يوم وضع الحجر الأساسي ، وبعد أسابيع رشت المقاولة القليل من رماد الأسمنت فوق أرضية القطعة المخصصة لذلك ، لكن يبدو بأن عفاريت وتماسيح مصمودة لا تقبل بمقاربة النوع الاجتماعي فوق ترابها . بين مركز مصمودة ودوار الرمال الذي يحتضن أقدم مدرسة ابتدائية يمكن للطريق التي تربطهما - التي هي في حالة سيئة الآن - أن تصلهما بمدينة القصر الكبير في زمن قياسي ، إن بادرت وزارة التجهيز بإنجازها كما سبق وتم الوعد بذلك . ومن دون شك فإن مردوديتها الاقتصادية على جماعتي مصمودة وأمزفرون ستكون كبيرة لأنها ستتحول مع الوقت إلى نقطة جذب سياحي لما تزخر به من مقومات سياحية قل نظيرها في أكثر من منطقة بالمغرب . وبجماعة تروال لم يكن الاستعمار الفرنسي الغاشم بليدا عندما اختار مجال تروال الحيوي ليحط فيه جيوشه لتحصي أنفاس أجدادنا ، وتراقب حركاتهم ، لكنه في نفس الآن جعل منه منتجعا سياحيا استثنائيا فعززه بالكثير من المرافق التي لا نعثر عليها اليوم حتى في بعض المدن . من هذه المرافق نذكر طريقا مسافته 11 كلم شقها المغاربة تحت سوط الجلاد لتربط مركز تروال بالطريق الجهوية 408 مرورا بتضاريس جد صعبة. هذه الطريق اليوم توجد في حالة كارثية يصعب وصفها ، مما يشدد الخناق على الساكنة، ويقف وضعها هذا سدا منيعا في وجه أبناء القرية العاملين بمختلف مناطق المغرب من صلة الرحم مع أسرهم. أما بمناسبة موسم الأمطار التي تتهاطل بقوة على المنطقة، فإن المركز يعزل عن العالم الخارجي . أما الطريق التي تربط هذا المركز بمركز جماعة أزغيرة فليست أحسن حالا من سابقتها. هدوء مركز تروال وسكينة أهله، لا تكسرهما إلا رائحة مخلفات معصرة زيت الزيتون التي لم يبادر مالكها رغم شكاوى المواطنين، لإيجاد حل للأضرار الصحية والبيئية الناتجة عنها.