رفضت السلطات المحلية بإقليم بنسليمان منح الترخيص لنادي القلم المغربي لإقامة نشاط ثقافي وطني إحياء لذاكرة الشهيد المهدي بن بركة بصفته أحد المفكرين المستنيرين في المغرب الحديث، وذلك على بعد أيام قليلة من حلول الذكرى الخمسين لاختطافه. وإذا كان المنع العملي لفعاليات النشاط الثقافي جائرا في حد ذاته، فإن ما يستدعي الامتعاض أكثر كون اللقاء كان مبرمجا في تراب دوار السوالم التابع لجماعة أولاد يحيا لوطا (الزيايدة) بالإقليم المذكور، أي في المنطقة القروية التي تعود إليها أصول صاحب «الاختيار الثوري». وبالفعل، فالدوار المعني أرض أجداد الشهيد، به ازداد والده قبل الانتقال إلى الرباط، وأبناء عمومته لا يزالون يقطنونه إلى الآن، وكان الشهيد المهدي بنبركة يحمل جواز سفر جزائري ديبلوماسي باسم «المهدي الزيادي». واحتج نادي القلم المغربي في بيان توصلت الجريدة بنسخة منه، بقوة على قرار المنع غير المفهوم لهذا النشاط الثقافي، وعلى السلوك العدواني تُجاه رموز الفكر التنويري بالمغرب الحديث من جهة، وتجاه الثقافة والمثقفين والجمعيات من جهة أخرى، في ظل ما يعرفه المغرب من تحولات وشعارات حقوقية. كما ساءل النادي السلطات المحلية وكل الجهات ذات الصلة حول دلالة مقاربتهم لفلسفة القمع والمنع والمس بالحرية والحق في التعبير: هل هي احتراز استباقي من التحسيس الثقافي بأهمية الاحتفاء بواحد من رموزنا بما يحمله من فكر حداثي وأفكار جريئة رسمت الحلم الحقيقي للمغرب المتحرر والديمقراطي؟ أم هو رُهاب عودة المهدي بن بركة إلى أصوله بين أهله وعائلته وأصدقائه من المثقفين والفلاحين؟ أم الخوف أن ينهض من هناك، من بيت أجداده بدوار السوالم، مستأنفا حياته من جديد؟ وتساءل النادي: هل قرار المنع هو مبادرة محلية طائشة في حالة شرود، آم إن هناك جهات وتعليمات وراء ذلك؟ التفاتة ذكية وذات مغزى عميق إذن إلى العالم القروي الولود للمفكرين والشخصيات الوطنية، هي الفكرة التي اعتمدها نادي القلم المغربي عبر قراره عقد لقاء فكري وثقافي يضم عددا من المثقفين المغاربة من شعراء وأدباء وجامعيين، لإلقاء التحية على شخصية المهدي في أرض أصوله، مع ذكر أهم أفكاره في مجال الاقتصاد والاجتماع والفكر. لكن السلطات المحلية قررت غير ذلك، مانعة اسم الشهيد من أن يتردد صداه في تربة أصوله. نادي القلم المغربي، الذي هو جمعية وطنية يوجد مقرها بالدارالبيضاء تأسست سنة 2006، المنتمي في أفقه إلى نادي القلم الدولي وله فروع تتأسس خارج العاصمة الاقتصادية، والذي له حضور ومشاركات ثقافية داخل المغرب وخارجه، اتخذ جميع الإجراءات المسطرية المنصوص عليها قانونيا قصد تنظيم نشاطه الثقافي غير المسبوق. فقدم طلبا (تتوفر الجريدة على نسخة منه) إلى السيد قائد لفضالات ورئيس الدائرة ببنسليمان للترخيص له لعقد اللقاء يوم السبت 31 أكتوبر الجاري بدوار السوالم المشار إليه. لكن السلطات المحلية في الدائرة والقيادة رفضت شفويا منح الترخيص للنادي، مدعية أن الأمر ليس من اختصاصها، بل من اختصاص وزارة الداخلية (كذا)، بل إن بعض ممثليها ذهبوا إلى حد نصح أعضاء النادي بالاكتفاء بأنشطتهم في الدارالبيضاء حيث مقر الجمعية الأساسي !!! ومن المعلوم أن نادي القلم بالمغرب جمعية وطنية تهتم بحقول الثقافة ومجال حرية التعبير، وأنه يشرف، برئاسة شعيب حليفي، على «منشورات القلم المغربي» وعلى عدد من الأنشطة بالقرى والمداشر، بالإضافة إلى إشرافه على الأنشطة الثقافية للمعرض الوطني للكتاب المستعمل خلال شهر أبريل من كل سنة بساحة السراغنة بالبيضاء .