حراس مواقف السيارات بفاس هذا المورد البشري الهام خارج التغطية اليوم لسببين رئيسيين الأول انفراد السلطة المنتخبة في تدبيره بلبوس انتخابي فاضح، بحيث لا وجود لاحصائيات دقيقة تفيد عددهم ومعايير تشغيلهم، يشتغلون دون تحديد مهام او مسؤوليات او اختصاصات واضحة ، حولهم التدبير السيئ للمجالس المنتخبة الى كومبارس انتخابات، أو رقم أساسي في معادلة جريمة سطو، وذوي سوابق، وفي أحسن الأحوال، معتدون، أو متواطئون عن سابق إصرار وترصد. في موقف ساحة بوجلود الذائعة الصيت بمدخا فاس العتيقة يصيح حارس موقف « والله وما خلص خمسة ديال الدراهم، حتى نشرطها لمو» ويضيف بعد ان يشرب سيجارة « غدا في الصباح، نسكانيها ليه، «تاها ديك طوموبيل.. ما بقى فيها ما يتشرط خاصها بريكة « ولاعة». وحينما ينذره أحدهم بأن السيارة في ملك رجل شرطة ينتقل صاحبنا إلى مرحلة الجنون القصوى هائجا « يكون كوميسير، ولا وكيل الملك ولا حتى... يخلص 5 دراهم، ولا نشرطهالمو». هذا الكلام المنمنم بتواشي الحقد والكراهية، وتلك العبارات المطروزة بعبق التجني والعدوانية، والنية المبيتة للاعتداء عن سبق إصرار وترصد، يحمل في ذاته إمكانية التحقق على أرض الواقع بنسب عالية جدا، هو في واقع الحال، يكاد يكون سلوكا يوميا، أبطاله شخصيات مجتمعية حية، وسيطة وفاعلة في نهارات فاس ولياليها المعتمة، المآت من محطات وأماكن وقوف السيارات بفاس مسرحا يوميا لهذه الدراما الكئيبة والبئيسة في نفس الآن . إذ ليس صدفة، أن تكشف معظم تقارير القضاء، و بيانات السيارات المسروقة، كما تدل على ذلك محاضر الشرطة ، تتم في محطات وقوفها ليلا، وفي بعض الأحيان، بالاستعانة بحراس المواقف أنفسهم، هؤلاء الذي ترى السلطة أنهم الفئة الأقدر على إدارة الليل بظلامه، ودهاليزه وشبكاته، لكنهم متواطئون حينا، ومعتدون حينا آخر، لكنهم في نهاية المطاف، بشر يحتاج الى نظام كفالة، وفضاء عيش كريم، لقد بات مؤكدا الآن، وربما أكثر من أي وقت مضى، أن يمر قطار المصالحة من هنا، من مساءلة الدولة والجماعة الحضرية، إلى اتهامها بالتقصير تدبيريا في حق مورد بشري حساس، في ظروف حساسة، ومستقبل أكثر حساسية. «والله وما خلص خمسة ديال الدراهم، حتى نشرطها لمو « كلام عدواني، فج ونابي، لا يمكن أن يصدر سوى عن عنصر مشبوه، خبر السجون والمعتقلات، وقد يكون مطلوبا للعدالة، لكنه، الآن، لظروف وأسباب انتخابية وجيهة، أنيط به أمر حراسة موقف سيارات، بأحد شوارع المدينة الراقية بفاس. الحديث عن الحراسة الليلية، يجر الى تعقب تداعيات أخرى من قبيل الديباناج، الصابو، وممارسات ترتبط في مجملها بهذه الفئة البشرية المثقلة بأعباء حياتية ضخمة ومجحفة. لذلك، يبدو التبول على عجلات السيارات، النوم داخلها في غياب مالكها ودون موافقته من مسلمات الأفعال بالنسبة لهؤلاء، ليس هذا وكفى بل هناك من الحراس من يعمد توقيع محاضر صلح حبية في غياب الأطراف المتضررة أثناء الخدوش والاحتكاكات من الدرجة 1و2 مقابل عمولة. أما شرب القهوة فوق غطاء محرك السيارة و النوم داخل السيارات سهلة الولوج، مع الحرص على تلويث فضاءها الداخلي بكل أنواع المخدرات من الأمور العادية جدا، التغطية على بعض التجاوزات لمصلحة طرف بعينه فحدث ولا حرج. ولعل إفراغ حمولة العجلات من الهواء، لسيارات زبناء بعينهم وكذا تعمد خدش سيارات زبناء ممن يدفعون أقل من أساسيات الحرفة بالنسبة لمعظم حراس مواقف السيارات، يحدث ذلك رغم تضخيم فضاءات الاستغلال من رقعة ضيقة الى مساحات واسعة، والذريعة على الدوام مبالغ كراء محطات وقوف المبالغ فيها حيث يبلغ مثلا كراء محطة وقوف باب الجديد 1000 درهم يوميا يقول المكلف بتسييرها، وهو مقتنع أنها لا تدخل خزينة الجماعة. احتساب الأداء بالدقائق مجرد التوقف لدقيقة يلزم الأداء، ففي محطة الرصيف مثلا 20 دقيقة وقوف في محطة الرصيف تصل إلى 30 درهما خلال الذروة مع ضرورة ترك مفتاح السيارة، وغالبا ما ينصرف بعض الحراس في الواحدة صباحا بدل 7 صباحا كما اتفق، في إحدى المحطات يفتخر أحدهم بسرقة البنزين بواسطة الامتصاص وغيرها كثير من الممارسات المشينة لحراس أماكن وقوف السيارات ليلا ونهارا. يقول «ح ك» باحث اجتماعي وكاتب ،إن معظم الحراس الليليين لموقف سيارات بالمدينة العتيقة، كما في غيرها، من ذوي السوابق والانحرافات، لذلك يضيف إن مثل هذا السلوك» خدش السيارات وإفراغ حمولاتها من الهواء كسلوك مدبر، وموسوم بقلة الحياء، سيكون عاديا جدا، لأنه صدر من عدو واضح، يستقوي بفجوره ويستخف بكل القوانين والقيم، لأنه يدرك أن ترسانة النصوص و القوانين والتشريعات ، هي من منحته العفو، بعد إدانته، لذلك، لا يستطيع تلجيمه او إيقافه عند حده، والسؤال هو لماذا، وكيف؟؟ ويرى متحدث آخر أن إنصاف هذه الفئة قبل اتهامها واجب وطني، فالقطاع تطغى عليه الفوضى وتعمه السيبة، فهو غير مهيكل ولا يسوده تنظيم، وتفويته، صفقة، يرى فيها البعض أبشع ما يمكن أن يصل إليه الجشع،+ فيما يرى البعض الآخر صورة فضائحية تطبع سلوك المجالس المنتخبة المتعاقبة. أماكن الوقف المخصصة للسيارات تدبير سيئ بامتياز فمن المؤكد، أن مدينة فاس، ابتليت بتدبير سيئ لعدد من القطاعات الحيوية من النظافة، مرورا معضلة احتلال الملك العام تحت أنظار السلطة، وبتعليماتها الماكرة، الى الحدائق التي استهلكت ملايير الأمتار المكعبة من المياه العذبة، لتتحول في نهاية العبث الى ملاعب متوحشة، يتناوب على ارتيادها، المتقاعدون، كما تعبث بها فرق الأحياء نهارا، فيما تغدو بعد غروب الشمس وكرا وطنيا للانحراف بكل أشكاله، قبل أن يسلم مفاتيح ليلها الطويل الى إسطبلات حمير وعزيب غنم . وتأتي مواقف السيارات في الشوارع الرئيسية مثل شارع محمد الخامس والحسن الثاني والجيش الملكي في قلب الحدث على أن الاستغلال المفرط ، طال كل الأمكنة.أي نعم، كل الأمكنة، أصبحت مواقف مؤدى عنها، قرب المساجد، والابناك والمحلبات، والمقاهي، والممرات والدروب المفضية والتي لا مخرج لها، الساحات العمومية، الردهات، بما في ذلك أبواب المنازل والمؤسسات الحكومية وغيرها. لاباس إذا كان كل ذلك يعطي الانطباع بان كل شئ محروس، ومؤدى عنه، لقد أضحى التوقف لمجرد التأكد من علامة صيدلية، او إشارة مرور، مؤدى عنه بالنسبة للوافد البراني . انتبه، الحارس ليس مسئولا عن ما داخل السيارة، فالعارفون بحقائق الأشياء، يعرفون الأمر بالمهزلة، الحارس المنتصب بهراوته، لا يقنع أحدا بجدوى مهمته، أي حراسة السيارات وحمايتها من اللصوص ليلا، او الخدوش او الاحتكاكات نهارا، إن الأمر يتعلق في صميمه، كما يرى الحراس أنفسهم ، باستخلاص ضريبة وقوف وكفى .. نعم كراء محل وقوف، فالحارس نفسه، ينبهك كما القانون، انه ليس مسئولا عن ممتلكاتك وإنما كراء المكان لذلك، فان العديد من ما لكي السيارات يعبرون عن استيائهم من تدبير هذا القطاع، حيث يعتقدون أن الأماكن المؤدى عنها ، لا يمكن لها تامين سياراتهم من عبث العابثين من خدوش واحتكاكات ويبدو أن آ خر شيء يتم التفكير فيه من قبل حارسي المواقف، هو أمر حراسة السيارات، حيث يتحرك الحارس مرتين، الأولى لمراقبة السيارة كوافدة، والثانية عند المغادرة، لاستخلاص الواجب بمزاجية، وبأساليب تنعدم فيها الأخلاق والاحترام الواجب . أن وقوف أصحاب الدراجات النارية على عجل، وركن دراجاتهم كيفما اتفق ، أحيانا بإسنادها الى هيكل سيارة ، وتارة بربطها بعجلة شاحنة ، يسبب أضرارا مادية بواجهة السيارات الخاصة. وقد تتم العملية أمام أنظار الحراس أنفسهم دونما ادني شعور بالألم.. وحين يغادر احدهم دونما مراقبة ، بعد طول انتظار ، يسارع حارس شاب الريح من اجل اللحاق ، وحينما لم يفلح ، عاد وخاطب زميل له ،إذا ....فش لماه الروايض...مرة أخرى ... الاثمنة للمزاج ولا قانون ينظم من المحقق انه دون حراسة ليلية، لن يكون الأمر جيدا ، لكن الاثمنة غير محددة ، فكثير من حراس أماكن الوقوف يطالعك بورقة مطبوعة من فئة ب5 دراهم ، وآخر بجواره 3دراهم ، في محطة وقوف حامة مولاي يعقوب مثلا ، تطالع الزائر لا فتة حائطية كبيرة تحدد ثمن وقوف السيارات والشاحنات نهارا وليلا . إلا أنها مجرد لا فتة ، فما يحصل على الأرض يضرب مقررات الجماعة في الصميم. وإذا كان مبلغ 2 دراهم عن كل ساعة وقوف بالعداد في اكبر شوارع العاصمة بالرباط. فان محطة سيدي احرازم بفاس لاتقنع ب 5 دراهم، في ساعات الذروة، ولا مجال للاحتجاج. و تتفاقم معاناة ساكنة فاس وزوارها يوميا مع حراس مواقف السيارات بفعل حالة التسيب التي تسود أغلب مناطق المدينة العلمية. ولا يتردد هؤلاء المكلفون بتدبير مواقف ركن السيارات في مطالبة الزبناء بتعريفات مزاجية ومبالغ فيها في الكثير من الأحيان ، وتتجاوز السعر المحدد من قبل المسؤولين والسلطات العمومية . والذي يتراوح بين 1 درهم ودرهمين . وبعد الاحتجاج على عدم قانونية المبلغ ، لا ينفعك التهديد باستدعاء رجال الأمن فالوقوف على هذه المخالفات لا يستدعي وجود الشرطة ، مما يفسح المجال أمام الفوضى ، معاناة حقيقية للمواطنين وخصوصا زوار مدينة فاس بفعل حالة التسيب والفوضى العارمة التي تسود أغلب مناطق العاصمة العلمية . أما عن الحالة الاجتماعية لهؤلاء فنجد ان أعمار بعضهم لا تتجاوز 10 سنوات نموذج أحد الحراس بشارع الجيش الملكي حيث يتلقى تعليمات من أحدهم ويمارس ثلاث مهن في واحدة فأثناء الصلاة يستخلص المواقف وبعدها يتاجر في بيع الفواكه والخضر ليعمل حارسا ليليا بإحدى العمارات حينما أستحضر واقعة صديقي الذي توقف لاقتناء نسخة من الجريدة وترك المحرك والاضواء تلمع لبضع دقائق وحينما عاد وجد حارس الموقف متربصا وطالبه بخمسة دراهم قبل ان يتنازل عن إثنين ليؤدي صاحبنا جردة الاتحاد الاشتراكي ب7 دراهم ويبدو أن كراء مواقف السيارات، لا يخضع على ما يبدو لسمسرة عمومية أولدفتر تحملات وبذلك تكون مؤسسة اقتصادية رأسمالها بالملايير خارج نطاق سيطرة الدولة، فاسحة المجال بذلك للإقطاع والسمسرة في أقصى وحشيتها.