تقدم المكتب الوطني البيمهني للحبوب والقطاني بطلب عروض لشراء 175 ألف طن من القمح الطري وحدد تاريخ 17 يناير الحاري كموعد لفتح الأظرفة مع حصر العرض على التجار المحليين تقدم المكتب الوطني البيمهني للحبوب والقطاني بطلب عروض لشراء 175 ألف طن من القمح الطري وحدد تاريخ 17 يناير الحاري كموعد لفتح الأظرفة مع حصر العرض على التجار المحليين ٌلقد كان من الممكن التعامل مع هذا المعطى بمنظور اعتيادي على اعتبار أن المكتب متعود على القيام بمثل هذه الصفقات بهدف تجميع الإنتاج الوطني، وتوجيهه لإنتاح الدقيق المدعم، غير أن مخاوف المضاربة وتقلبات الأسعار الدولية حولت فيضانات أستراليا إلى مؤشر إضافي يؤكد هشاشة القطاع الفلاحي بفعل تعرضه الدائم إلى مخاطر التقلبات المناخية ومناورات المضاربين على المستويين الدولي والوطني. بالنسبة للمغرب الذي يتخذ من القمح غذاء أساسياً لا يمكنه الاعتماد باستمرار على الاستيراد، بالرغم من كون الأسعار الدولية غالبا ما تكون أقل من كلفة الإنتاج في المغرب، ولكن الاعتماد على الإنتاج الوطني لا يمكنه أن يتحقق في ظل مناخ إنتاجي متميز بكون الفلاح العصري ينتج حوالي 80 قنطارا في الهكتار، بينما جاره التقليدي ينتج أقل من 20 قنطارا في الهكتار. وإذا كان البرنامح التعاقدي بين المهنيين والحكومة يشكل بداية نحو الحد من تبعية الأمن الغذائي للقرارات الأجنبية، فإن الصدمات التي تلقاها المنتجون في إطار ما اصطلح عليه بالفلاحة المعيشية، صارت تفرض مواجهة الواقع بقرارات تساير متطلبات العصر وتميز بين ضرورة تأمين الاستقرار في الوسط القروي واعتماد الأنشطة الفلاحية وغير الفلاحية كدعامة لتحسين شروط عيش السكان، وبين التوجه نحو الإنتاج العصري المكثف الذي يؤمن تقليص كلفة الإنتاج إلى مستويات تؤمن تموين السوق الداخلي بأسعار قريبة من الأسعار الدولية، وتمكن من تعويض فارق السعر بخلق فرص الشغل والحد من الهجرة القروية ومن انتشار الفقر والجريمة وما إلى ذلك من الأمراض الاجتماعية . سواء تعلق الأمر بالفلاحة التقليدية، أو بالفلاحة العصرية، أو حتى بالمستوردين، فإن رقي القطاع الفلاحي مرهون بتأمين مناخ استثماري يساعد على توضيح الرؤى. وقد يكون من المفيد في هذا الصدد التذكير بأن تحسن الوضعية المائية منذ أزيد من سنتين، ساهم بشكل كبير في توضيح الرؤى غير أن خضوع أسعار الأسمدة خلال نفس الفترة لمنطق الندرة والاحتكار يزيد من المخاوف، ويحول دون الرفع من وتيرة تنفيذ مقتضيات مخطط المغرب الأخضر. لقد صار صندوق المقاصة، المعتمد في إبقاء سعر الخبزة محدوداً في 1.20 درهم منهكاً، وبعد الإقرار شبه الجماعي بضرورة التخلي عنه، لأن الفئات الموسرة تستفيد منه أكثر من الفئات الفقيرة، تزايدت مخاطر الاضطرار إلى إقرار منطق حقيقة الأسعار الذي غالباً ما يكون متبوعاً باضطرابات اجتماعية يصعب التنبؤ بمستوى مخاطرها. إن مكانة سلسلة الحبوب في جميع الخيارات الاستراتيجية الحكومية، وخاصة منها مخطط المغرب الأخضر، تستجوب إعطاء دفعة قوية للبرنامج التعاقدي الموقع مع المهنيين كما تستوجب تسريع وتيرة البرامج التي تؤمن تنفيذ مقتضيات المخطط، بما في ذلك توفيرالأسمدة والحبوب المختارة والتجهيزات العصرية والكفاءات المهنية . فكما أن التقلبات المناخية فرضت على كبريات الدول كروسيا وأستراليا إعطاء الأولوية لأسواقها الداخلية ، فإن المغرب مطالب بالاستعداد لكل الاحتمالات خاصة أن ارتفاع فاتورة البترول ينهك صندوق المقاصة ويزيد من مخاطر الكف عن تقديم الدعم الضروري لتأمين تغذية الأسر المحدودة الدخل.