بعد نشرسعيد بلمبخوث لترجمة رواية «الحضارة أمي» لإدريس الشرايبي، يصدر قريبا لنفس المترجم النص المعرب لرواية «حكاية زوجين سعيدين» لمحمد خير الدين، وذلك ضمن منشورات «دار إفريقيا الشرق». عن الراحل محمد خير الدين وروايته «حكاية زوجين سعيدين»، خص مترجم العمل الصفحة الثقافية بورقة تقديمية ننشرها أسفله (المحرر الثقافي). محمد خير الدين الذي أطلق عليه جان بول سارتر وصف «الطائر الأزرق» ، ولد بتافراوت جنوب المغرب سنة 1942. كاتب أبهر الفرنسيين بأسلوبه وخياله الواسع. هاجر مضطرا إلى فرنسا وكتب هناك جل أعماله قبل أن يتدخل لصالحه الأكاديمي والشاعر والرئيس ليوبولد سيدار سنغور لدى الملك الحسن الثاني ليرجع إلى بلده المغرب. البلد الذي كتب في شأنه رواية «أكادير» والعديد من الدواوين الشعرية. وقبل أن يغادر» الطائر الأزرق» عشه ترك إرثا أدبيا غنيا من رواية وشعر، تلك الأشعار التي خلخلت أعمدة لغة موليير والتي حاز بها على عدة جوائز، والرواية الشعرية» الجسد السالب» ورواية « شمس عنكبوتية» ورواية « انبعاث الورود البرية». كما ترجمت أعماله إلى لغات مختلفة من بينها الألمانية.. كتب وهو على سرير المرض إصداره الأخير» حكاية عجوزين سعيدين» وأتم رواية «طوبياس» ونشر له جان بول سارت قصيدة «الملك» الطويلة. وودع الحياة رحمه الله سنة 1995. في رواية «حكاية زوجين سعيدين» يبدأ الكاتب الحكي بلغة موليير بأسلوبه المتميز المشوق بدقة بالغة، والمكان قرية هادئة بجنوب المغرب. حيث يقول محمد خير الدين في مستهل الرواية الشيقة: «أي شيء أكثر روعة، أكثر إثارة للقلق، من تلك الأطلال الحديثة التي كانت بالأمس مساكن معروفة، في زمن كان الوادي يتماشى مع إيقاع الفصول، بجهد رجال لا يهملون أدنى شبر من الأرض من أجل ضمان العيش الكريم؟ تلك البيوت من الحجر الصلد، المبنية على حافة الصخر على بعد أمتار فقط فوق الوادي، ليست سوى ركاما من الخراب، ميدانا للزواحف بدون منازع، العناكب، القوارض والسحالي. القنفذ يجد فيها فرائسه دون أن يمكث هناك طويلا. يأتي فقط من أجل الصيد ليلا على ضوء قمر شاحب يسمح بظهور هنا وهناك أشكالا متخفية، بالتمام شبيهة بمن سبق لهم أن سكنوا الأماكن ثم اختفوا منذ زمان، ربما في الفترة نفسها حيث البنايات الجديدة في الوادي: فيلات فاخرة، قصور ومركبات جد عصرية، نسخة طبق الأصل للبنايات الغنية المتباهية في المدن الكبرى في الشمال. واحدة من تلك الخربات ترسم بقايا حيطان مشوهة من تحت غُوَيْبة كثيفة بأشجار العليق والصبار وبضعة شجيرات لوز أزلية. كانت فيما سبق مسكنا لزوجين عجوزين بدون خِلْفة لم يكن أحد يهتم بوجودهما، لأنهما كانا هادئين، وبالكاد يحس أحد بوجودهما من بين تلك العائلات الصاخبة المتعددة الأفراد. ذلك الرجل سبق له أن جال في الشمال وكذلك في جزء من أوروبا، كما يقول، للبحث عن ثروة افتراضية لم يظفر بها. بقيت كنية لاصقة به منذ غادر المكان، بوشعيب، سبق له أن اشتغل في مدينة مازغان . وعن المرأة، فإنه لا يعرف إلا الشيء القليل، بما أنه جاء من قرية نائية من جبل آخر بلا منازع.