دخل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في الفوضى الشاملة، بعد أن انهار الهيكل على أهم رموزه بإيقاف رئيسه المستقيل، السويسري جوزيف بلاتر، والفرنسي ميشال بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي، والذي كان ينظر له كأبرز المرشحين لخلافته. وبعد أن استمع القضاء السويسري إلى بلاتر كمتهم وبلاتيني كشاهد أواخر الشهر الماضي في قضية الدفع غير المشروع لمبلغ مليوني فرنك سويسري حصل عليها الفرنسي من الفيفا في عام 2011، فإن لجنة الأخلاق المستقلة في الفيفا قررت يوم الخميس إيقاف بلاتر وبلاتيني مؤقتا لمدة 90 يوما عن ممارسة أي نشاط يتعلق بكرة القدم على الصعيدين المحلي والدولي. كما قررت اللجنة إيقاف الكوري الجنوبي مونغ جوون تشونغ ست سنوات، والفرنسي جيروم فالك، الأمين العام السابق للفيفا، لمدة 90 يوما أيضا. ويتواصل بالتالي مسلسل فضائح الفساد، الذي يزلزل الفيفا منذ أواخر مايو الماضي، بعد أن القت السلطات السويسرية بناء على طلب القضاء الأمريكي القبض على عدد من المسؤولين، واتهمت مسوؤلين آخرين من أعضاء حاليين وسابقين في الفيفا وشركاء في شركات للتسويق الرياضي بتهم الفساد وتبييض الأموال. وتشتبه وزارة العدل السويسرية بأن بلاتر وقع "عقدا (لمنح حقوق نقل مونديالي 2010 و2014) ليس في مصلحة الفيفا" مع الاتحاد الكاريبي للعبة عندما كان الترينيدادي جاك وارنر رئيسا له". وبالنسبة إلى المدعي العام السويسري هناك أيضا "شك خلال تنفيذ الاتفاق بأن يكون بلاتر تصرف بطريقة لا تخدم مصالح الفيفا، منتهكا بذلك واجباته الإدارية". وأصدر مكتب المحاماة التابع لبلاتر بيانا جاء فيه "يعرب الرئيس بلاتر عن خيبة أمله لعدم اتباع لجنة الأخلاق لقانون الأخلاق وقانون الانضباط"، والتي تسمح للشخص المتهم إمكانية الاستماع إليه". وبحسب البيان، فإن اللجنة بنت قرارها على "تأويل خاطئ" لقرار القضاء السويسري بحق رئيس الفيفا. وبشأن بلاتيني، ففي حين أن لجنة الأخلاق اعتبرت ترشيحه لرئاسة الاتحاد الدولي لم يبطل تلقائيا، برغم إيقافه مؤقتا، حيث قال الناطق باسمها، أندرياس بانتل، "إن هذه المسألة (ترشيح بلاتيني) ليست من مهمة لجنة الأخلاق بل من صلاحيات لجنة الانتخابات في الفيفا، المعنية بدراسة صلاحية الترشيح"، فإن سمعة النجم الفرنسي السابق باتت على المحك وأن خلافة بلاتر تحولت إلى كابوس، بعد أن كان ينظر إليه كأبرز المرشحين لمنصب رئيس جمهورية الفيفا. واستمع القضاء السويسري إلى بلاتيني حول حصوله على المستحقات المتأخرة من الفيفا في عام 2011 لقاء عمل قام به كمستشار لبلاتر بين عامي 1999 و2002، ولم يقنع تبريره أنه لم يطالب بهذا المبلغ فور انتهاء مهمته، لأن الفيفا كان يمر بظروف مالية صعبة في نهاية 2002، بعد إفلاس شركة "أي أس أل" الشريك التسويقي للاتحاد الدولي. وفور صدور قرار الايقاف، عبرت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، أول أمس الخميس، عن دعمها لرئيسه ميشال بلاتيني، الذي "سيتخذ مختلف الإجراءات" لاستئناف قرار إيقافه. واعتبرت اللجنة التنفيذية في بيان أنه، استنادا إلى هذا الاستئناف المتوقع مستقبلا، لا ترى "ضرورة في الوقت الراهن" لإسناد منصب الرئيس بالوكالة إلى نائبه الأكبر سنا (الاسباني آنخل ماريا فيار لونا). وأكدت اللجنة التنفيذية عقد اجتماع للاتحادات الوطنية في 15 أكتوبر في مقر الاتحاد الاوروبي في نيون، وستعقد اللجنة نفسها اجتماعا طارئا في اليوم ذاته. وأوضحت "سيتخذ رئيس الاتحاد الاوروبي على الفور جميع الاجراءات الضرورية لاستئناف قرار لجنة الأخلاق من أجل تلميع صورته"، مشيرة إلى أنها تتمنى اتخاذ "قرار سريع جدا من قبل السلطات القضائية المختصة يكون في مصلحة العدالة وكرة القدم". ورفض بلاتيني "جملة المزاعم" التي أدت إلى إيقافه، ووصفها بأنها "تمثيلية هزلية". وندد بلاتيني ب"النص القانوني (لإيقافه)، عازيا السبب إلى عدم المعرفة بقانون الأخلاق الخاص بالفيفا"، ومؤكدا أنه سيكرس نفسه "من أجل انتصار حسن نيته وإظهار حقه أمام الهيئات القضائية المختصة". واحترم بلاتيني قرار إيقافه، كونه لم يحضر اجتماعا للجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي يوم الخميس وألغى العديد من الرحلات الرسمية المقررة على أجندته خلال فترة إيقافه بحسب اللجنة التنفيذية لاتحاد القارة العجوز. ومن جهة أخرى، دعا رئيس الاتحاد الآسيوي، البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، إلى اجتماع طارئ للجنة التنفيذية للاتحاد الدولي. وجاءت دعوة الشيخ سلمان، نائب رئيس الفيفا، في خطاب إلى رئيس الاتحاد الافريقي للعبة الكاميروني عيسى حياتو، القائم بأعمال رئيس الفيفا بعد إيقاف بلاتر، والأعضاء الآخرين في اللجنة التنفيذية. وأكد الشيخ سلمان في خطابه أن الاجتماع "يعتبر ضروريا من أجل جلب الاستقرار لكرة القدم العالمية، لأن هذه الظروف استثنائية، ولهذا يجب أن نجتمع. يمكننا فقط بشكل جماعي أن نتجاوز هذه الأوقات الصعبة".