شاهدت تسجيلا على الفيديو، ُبثَّ في الشبكات الاجتماعية، لأحد القياديين في حزب العدالة والتنمية، من مدينة تطوان، وهو الأمين بوخبزة، ينتقد ما وصفه بممارسات «قذرة»، من طرف رئيس الجماعة الحضرية، محمد إدعمار، كما اعتبر أن ما حصل في هذا الحزب، «جرائم»، ارتكبت فيها كل أساليب «الكولسة» و»الترهيب» و»الترغيب». و رغم اختلافنا السياسي والإيديولوجي مع هذا الرجل، فمن المفيد أن نذكر أن الأمين بوخبزة من المؤسسين لحزب العدالة والتنمية، منح مكانة متميزة لهذا التنظيم في مدينة تطوان. ومن يعرف الأمين، كإنسان هادئ ومتزن، لا يمكنه أن يخرج هذه الخرجة، إلا إذا بلغ السكين العظم، كما يقال. فما هي مؤاخذاته على الرئيس الحالي للجماعة الحضرية لتطوان؟ يعتبر الأمين بوخبزة أن إدعمار أصبح «مجنون الكرسي»، يريد الاحتفاظ به بأي ثمن ولو من «أقذر الطرق»، وأنه إذا عاد إلى أصله، فسيصبح «نكرة»، «لن يتحدث عنه أحد»... كما ينتقد ضمه إلى لائحته المدعو «إيسكوبار»، (وهو اسم مأخوذ عن أحد كبار مهربي الكوكايين في كولومبيا، بابلو إيسكوبار)، الذي اتهمه بوخبزة بأنه معروف بتبييض الأموال، حيث قال إن مبرر إدعمار لترشيحه في لائحته، هو أن هذا الشخص «له شعبية». ويضيف، «كان نائبه سابقا. وكان عندما يسافر معه، من شدة خوفه منه، يغلق محافظه كيلا يدس له في حقائبه شيئا... فماذا يميزنا عن الأحزاب الأخرى»؟ المعطيات الواردة في هذه الشهادة، من شخص متميز بهذا الحزب، تتطلب توضيحات من قيادته، خاصة وأن بوخبزة يتحدث عن دور الأمين العام، عبد الإله بنكيران، وقياديين آخرين، في كل هذا الحيثيات. الشهادة، تكشف عن إشكالية أعمق من الوقائع الغريبة التي حصلت في تطوان، وامتداداتها داخل الحزب، بل تؤكد مرة أخرى، أن شعارات الطهرانية، سرعان ما تتهاوى أمام صخرة الطموحات الشخصية، وأن التستر وراء اللحية والتدين، لا يعني بالضرورة النزاهة والصلاح. ولنا في الفتنة الكبرى، التي دامت خمس سنوات، بعد اغتيال عثمان بن عفان، دروسٌ بليغة حول التأثير الكبير الذي تلعبه الطموحات السياسية، والتي جعلت حتى الصحابة يخلعون جلباب الدين ويتقاتلون فيما بينهم، من أجل السلطة والمال، فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بمواطنين، في القرن الواحد والعشرين، حاولوا التستر خلف الشعارات الدينية، لخوض غمار السياسة. حكَّ قليلا، يذهب التدين وتظهر المناورة السياسية.